تحتفل الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر بيومها الوطني، ذلك اليوم من عام 1971 الذي ولدت فيه تجربتها الرائدة في قيام الاتحاد، والتي استطاعت أن تواجه التحديات، وأن ترسخ أركانها وتأخذ مكانها المتميز في تاريخ المنطقة.
ويُمثّل هذا اليوم مناسبة للتعبير عن الفخر والاعتزاز، يستذكر فيه المواطنون والمقيمون على حد سواء العقلية المستنيرة والحكيمة للقائد المؤسس، المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، الذين آمنوا بالوحدة وعملوا بإخلاص من أجل تحقيقها والحفاظ عليها. إن احتفالنا باليوم الوطني الخامس والأربعين لا يقتصر على ذكرى التأسيس فحسب، ولكنه احتفال بالإنجازات أيضاً.... إنجازات تحققت في مسيرة البناء والتنمية، على يد حكّام الإمارات وعلى رأسهم سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكّام الإمارات، حيث حوّلت حكومة دولة الإمارات مفهوم سعادة المواطنين والمقيمين على أرض الدولة من مفهوم فكري، إلى نهج وسلوك وممارسات يومية عبر مشاريع ومبادرات وخدمات تقدمها إلى كافة أفراد المجتمع، وحوّلت الآمال والطموحات إلى إنجازات واقعية لراحة الناس وإسعادهم وخلق مستقبل واعد لأبنائهم. ويعد التطوّر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمؤسّسي في دولة الإمارات أحد الجوانب الهامة في مسيرة نجاح تجربة الاتحاد، حيث تتبنّى الدولة نهجاً متوازناً ومتدرجاً في إحداث التغيير، آخذة في الاعتبار الخصوصية التاريخية والدينية والثقافية للمجتمع الإماراتي، والمتغيرات الدولية والإقليمية الراهنة، وذلك حرصاً على نهضة الدولة وتقدمها في مختلف المجالات.
وبالرغم من كل التحوّلات والتغيّرات الجذرية التي لحقت بمنطقة الشرق الأوسط والعالم خلال الأعوام الماضية، فإن السياسة الخارجية لدولة الإمارات ظلت ثابتة، وتسير وفقاً لقواعد ثابتة ومبنية على الالتزام بالمواثيق والقوانين الدولية وحماية حقوق الإنسان، حيث تبنت الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها سياسة خارجية ناجحة ونشطة قوامها التوازن والاعتدال، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وذلك من منطلق إدراكها أن لها موقعاً مسؤولاً على الصعد العربية والإقليمية والدولية كافة.
وعلى مدى مسيرة الاتحاد، على مدى السنوات الخمس والأربعين الماضية، كان لدولة الإمارات دور إنساني رائد على الساحتين الإقليمية والدولية. وقد برز ذلك الدور جلياً في الكثير من المناطق التي تعرّضت وما زالت تتعرّض لأزمات وكوارث طبيعية أو نزاعات، حيث واصلت دولة الإمارات نهجها الإنساني في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والخيرية لمختلف مناطق العالم وشعوبها خلال العام 2016 ليصل إجمالي عدد الدول التي استفادت من المشاريع والبرامج التي قدمتها المؤسسات الإماراتية المانحة منذ تأسيس الدولة عام 1971 وحتى يومنا هذا إلى أكثر من 178 دولة.
وقد جاءت هذه المساعدات في مجملها لتركز على سبل تحسين حياة البشر، وهو ما جعل دولة الإمارات تتربع على رأس قائمة الدول الأكثر سخاءً على مستوى العالم. وعلى الصعيد الوطني، حققت الإمارات العربية المتحدة معدّلات اقتصادية إيجابية، وتمكنت من استيعاب وتجاوز تأثيرات "الأزمة المالية العالمية"، حيث يواصل الاقتصاد الإماراتي طريقه نحو النمو وتحقيق التنمية الشاملة وتطوير القطاع الصناعي في الدولة بخطى متسارعة ليكون منافساً قوياً على الصعيد العالمي، وقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للدولة في العام 2015 ليصل إلى 1.58 تريليون درهم إماراتي، فيما ارتفعت نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بشكل ملموس، والتي وصلت لأكثر من 76٪ خلال العام 2015.
وفي هذه المناسبة، أتقدم بأسمى آيات التهاني والتبريك إلى مقام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وإلى أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، وإلى حكومة وشعب الإمارات بمناسبة اليوم الوطني الخامس والأربعين للاتحاد.
وفي الختام، أود أن أشيد بمستوى العلاقات الثنائية التي تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الإسلامية الموريتانية، والتي قامت على مبادئ التعاون والاحترام المتبادل، ووصلت في السنوات الأخيرة إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في العديد من المجالات. وما الزيارات المتبادلة لقادة البلدين، ومستويات التبادل التجاري والاقتصادي والثقافي المتزايدة باستمرار، إلا شاهداً قوياً ومؤشراً صادقاً على متانة العلاقات الثنائية ورسوخها في مختلف المجالات، آملين أن نرتقي سويا نحو آفاقٍ أرحب ومجالات تعاون أوسع في المستقبل القريب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،