الأويغور المسلمون في الصين أقلية تعاني من القمع المستمر

-A A +A
ثلاثاء, 2014-08-05 11:37

'ممارسة الإرهاب' ذريعة لمعاقبة الأويغور المسلمين بشكل جماعي، كما أن السلطات تخيفهم بإجراء تجارب نووية قرب أماكن إقامتهم.\ الأويغوريون يعاملون على أنّهم غرباء في بلادهم ويحرمون من أبسط حرياتهم ...\الممارسات القمعية واللاإنسانية التي تطال الأويغور المسلمين من قبل السلطات الصينية، بسبب عقيدتهم، باتت تطرح أكثر من تساؤل عن قدرة هذه الأقلية المهدّدة على تحمل المعاناة، خاصّة في ظلّ تمسّكها بالعيش في بلادها وتشبّثها بحرّيتها في آداء شعائرها وممارسة معتقداتها.

تعرّض الأويغور المسلمون إلى حملات قمع كبرى على يد العِرق الهاني الصيني، فقد قُتل منهم أكثر من مليون مواطن مسلم، أثناء إلغاء استقلال دولتهم وضمّها بالقوة إلى جمهورية الصين الشعبية عام 1949 لتشكِّل العِرق السادس والخمسين بعد أعراق معروفة مثل، “هان، مان، منغوليا، هوي، التبت، تشوانغ، ومياو ويي”، آخذين بعين الاعتبار أنّ قومية الـ“هان” تمثل 92 % من الشعب الصيني الذي يبلغ تعداده نحو مليار وأربعمئة مليون نسمة.

 

ولا يقتصر الإسلام على العِرق الأويغوري وإنما يمتد إلى تسع قوميات وأعراق معروفة وهي: الهوي، والقازاق، والدونغشيانغ والقرغير والسالار والطاجيك والأوزبك والباوان والتتار.

 

لم نَشأْ العودة إلى التاريخ البعيد للقومية الأويغورية، لكننا نُذكِّر فقط بأن الإيغوريين أسسوا مملكتهم التي كانت تمتد من منشوريا شرقاً إلى بحر قزوين غرباً عام 744م. وقد تعرضوا عبر التاريخ إلى عشرات الغزوات المميتة أبرزها غزوة جنكيز خان عام 1209م، وغزوة السلاجقة الذين قتلوا منهم أكثر من مليون أويغوري مسلم. أما الاجتياح الشيوعي لهم عام 1949 فقد قتل منهم هو الآخر أكثر من مليون مسلم، وابتلع دولتهم المستقلة التي كانت تسمّى بتركستان الشرقية ومنحها اسم شينجيانغ الذي يعني “التخوم الجديدة”.

 

لابد من الإشارة إلى أن الأويغوريين كانوا يدينون بديانات مختلفة شأنهم شأن الشعوب والأعراق الأخرى المحيطة بهم، فقد كان الشعب الأويغوري يعتنق البوذية والمسيحية والنسطورية والزرادشتية إلى حدود القرن العاشر الميلادي ثم دخل غالبيتهم في الإسلام وتبنّوا المذهب السُني وبدأوا يتعرضون إلى بعض المضايقات التي تضخمت في ظل نظام الحزب الواحد الشمولي في جمهورية الصين الشعبية إلى حد منع موظفيهم وطلبتهم من تأدية الشعائر والطقوس الدينية الإسلامية، ومنع النساء والطالبات من ارتداء الحجاب واعتقالهن، وقد وصل التطرف في الوقت الراهن إلى حظر الصيام في شهر رمضان الأخير، وقد قامت السلطات الأمنية في إقليم شينجيانغ إلى إجبار الطلبة على الإفطار مع أساتذتهم للتأكد من أنهم لا يؤدون فريضة الصيام التي تعتبر ركناً أساسياً من أركان الإسلام الخمسة. وأكثر من ذلك فإن أحد المستشفيات الحكومية قد أجبر العاملين المسلمين فيه على توقيع تعهّد يقرّون فيه بالامتناع عن الصوم.

 

تضخمت معاناة الأويغوريين إلى حد منع موظفيهم وطلبتهم من تأدية الشعائر والطقوس الدينية الإسلامية

وللحدّ من هذه الفريضة التي يعتبرها المسلون إحدى الشعائر المقدّسة وتعدُّ واجبا دينيّا على كلّ مسلم باستثناء المرضى والمسافرين منهم. فقد قامت الصحف الرسمية الصينية في شينجيانغ منذ مدة طويلة قبل شهر رمضان، بنشر مقالات تُحذِّر فيها من المخاطر الصحية الجمّة في حال الانقطاع عن تناول الطعام والشراب.

 

يذكر أنّ تعداد الأويغور يصل إلى 12 مليون نسمة يعيش نحو (11.370.000) منهم في الصين أما البقية الباقية فتتوزع على ست دول أخرى وهي، كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزتان وتركيا وروسيا وأوكرانيا. وتتميز شينجيانغ بثرواتها الطبيعية الكثيرة كالنفط والغاز الطبيعي وخامات اليورانيوم كما أن مساحتها الواسعة وتنوعها الجغرافي قد جعلاها هدفاً رئيساً لجمهورية الصين الشعبية التي سعت بكل ما تملك من طاقة لتذويب هذه القومية المسلمة، واتهمت الناشطين في الإقليم بالانفصاليين وممارسي الإرهاب كما هو الحال مع شخصيات معروفة أمثال الباحث إلهام توتي، وسيدة الأعمال والناشطة السياسية ربيعة قدير وأبنائها الأحد عشر الذين لم يفلتوا من الاعتقالات المتواصلة.

 

لم يَركن الشعب الأويغوري إلى السكينة والهدوء، بل راح ينضم إلى الأحزاب والحركات السياسية المطالبة بالاستقلال، كالحزب الإسلامي التركستاني، والحركة الإسلامية في شرق تركستان اللذين اتهما بالإرهاب حتى من قِبل الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، الأمر الذي منح الحكم الشمولي الصيني ذريعة لمعاقبتهم عقوبات جماعية كلما سنحت الفرصة.

 

السلطات الصينية سعت إلى تذويب هذه القومية المسلمة، واتهمت الناشطين فيها بالانفصالييين وممارسي الإرهاب

لقد قامت الحكومة الصينية المتغطرسة بالنهب المنظم لثروات البلد الطبيعية وأفرغت الإقليم من سكانه الأويغوريين ووزعتهم على أقاليم أخرى كي يشكلوا فيها أقليات ضائعة ومنسية، كما هدّمت مدارسهم، وقوّضت مساجدهم وفرقتهم. ولكي توغل في إيذائهم فقد قامت الحكومة الصينية بإجراء 46 تجربة نووية في موقع لوبنور على مدى خمسين عاماً، الأمر الذي أفضى إلى كارثة بيئية حيث تلوثت الأراضي والمياه والنباتات والأطعمة، وارتفعت نسبة المصابين بالسرطان إلى درجة غير معقولة بسبب تسرّب الإشعاعات النووية في مواقع التجارب العديدة التي تقع ضمن الأراضي الواسعة لإقليم شينجيانغ الذي تبلغ مساحته سدس الأراضي الصينية. ويُقدّر عدد الضحايا الذين ماتوا بسبب السرطان نحو ربع مليون مواطن أويغوري. وفضلاً عن هذه الكارثة البيئية فقد أنشأت الحكومة الصينية أكبر معتقلات الأشغال الشاقة في إقليم شينجيانغ الذي يقاوم الفكرة الجهنمية لأسلوب التذويب العرقي الذي يتعرض له الشعب الأيغوري في العصر الحديث.

 

لابد من الإشارة فضلا ممارسة إلى أن تقرير المصير هو حق مشروع تكفله القوانين الأرضية والسماوية، فما بالكم بممارسة الشعائر الدينية، والحقوق الثقافية والقومية التي تعتبر من البديهيات المتعارف عليها في حقوق الإنسان التي يجب أن تتيح للمواطن الأويغوري المسلم أن يصلي ويصوم ويحج من دون أن يتعرض لهذه الانتهاكات الخطيرة التي تعتبر عاراً على جبين الحكومة الصينية التي تمنع الملايين من أبنائها المسلمين من تأدية طقوسهم الدينية المقدسة.