موريتانيا اليوم / عثمان جدو

-A A +A
اثنين, 2017-01-23 11:01

لا أتحدث عن موريتانيا من باب المنارة والرباط؛ شنقيط العلم والعلماء ،تلك التي بيّض وجهها سفراؤها بعلومهم الغزيرة التي حملوها وبثوها في ارجاء العالم، ولا أتحدث عن أخلاق الشنقيطي التي عُدَّتْ مدرسة في كل مجتمع كان له حاضنة ولو بعد حين.. 

كل ذلك أمر مفروق منه وحديث مدون محفوظ؛ أُشبع نقاشا وتدارسا وتبني.

إن المتحدث عن موريتانيا اليوم؛ ولو بشكل مقتضب لن يستطيع تجاوز الحضورالدبلوماسي وتجاعته وفاعليته؛

إننا اليوم نلحظ قبل أي وقت مضى أن موريتانيا التي لا يتذكرها أحد إذاغابت ولا يسألها سائل إن هي حضرت؛ قد ولى زمانها وتلاشى ذلك الحكم المطوقلها أيام ضعف الإرادة وترهل الحضور وخمول النشاط وذبول التأثير..

لقد أصبحت موريتانيا اليوم مفتاح حل للأزمات وصمام أمان لكثير من دولإفريقيا التي تتسم بتعدد وتصارع القوميات وسيادة ثقافة إراقة الدماءلأتفه الأسباب، وتصفية الحسابات بناء على مصالح الأحزاب وانطلاقا منتصنيف المواطنين على مبدإ الأحساب والأنساب..

أتحدث هنا برأي مواطن بسيط؛ أحاول تقديم رؤية وطرح وقراءة لما يجري، لاأوالي موالاة و لا أعارض معارضة، ولا أتحزب -سياسيا- ولم يسبق لي ذلك ولا أنويه حتى هذه اللحظة، و لا أتخندق تبعا للخلفية الإثنية ولا أنجرفوراء الميول الأيديولوجي..إنما أنا مواطن ينظر بتامل يعبر بحرية وتجرد؛وسواء عندي صادف ذلك مستقبلات عن أصحاب اليمين أو اليسار السياسي أو لميصادفه..لايهم.

إن ما آلت إليه الأمور في كثير من الدول العربية والإفريقية وانتهى بهاإلى الخراب والدمار وتشريد الحرائر وإذلال الأعِزَّاء؛ أمر يستوجبالتفكير العميق في كنه الحقل السياسي الذي لا تزهر فيه ورود الأمن ولاتنضج فيه ثمار السلام و لا تُسد فيه خلة مسكين مقهور؛ ينحصر تطلعه في خبرعادي ونوم هنيء، ولا يهمه بعد ذلك إن كان السلطان شيطانا أو مصاص دماء،ما دام يجد خُبزه بهدوء ويخلد إلى نومه بسلام..

إن المتأمل لما يجري من حوله بعمق ورويّة سيدرك أن اعتزال السياسة أولىمن المزاولة وأن صون اللسان أولى من إطلاقه وعقد البنان أولى منالإسدال.. ومع هذا كله مازالت بلادنا تنعم بالهدوء والسكينة والوقارونرجو أن يصون الله علينا ذلك بتعقل المتنافسين أو المتصارعين -كل حسبماتحلو له التسمية- سواء كانوا سياسيين طامحين أو ساسة متمكنين؛ المهم هوأمن البلاد ورخاؤها واستقرارها والاستفادة وأخذ العبرة مما يجري في الكونمن حولنا.

إننا لا نخطيء الإيجابية والفاعلية التي حدثت في الماضي بفعل جهودالقيادة الوطنية في حل الأزمات وحقن الدماء سواء كان ذلك في -كوت ديفوار-أو في -ليبيا- أو -مالي- او -اليمن-؛ والتي كانت محل تثمين وإشادة منالجميع لما لها من إيجابية وتثبيت لدعائم الإنسانية وطرد للاحتكام إلىمنطق البهائمية، واليوم يفتخر العالم بأن وفق الله *قيادة البلاد* في أنكانت سبب حقن الدماء في *غامبيا* وإخماد نار القتنة وتقديم الدرسالإيجابي كاملا؛ والذي سجل بخط عريض في سجل التاريخ المحفوظ في ذاكرةالكبار والذي سيجبر على ترديده الصغار بكل طرب وانتشاء..

كلنا راحلون سيرحل النظام الحاكم؛ سيموت الحاكم وسيموت المحكوم؛ سيحل محلالقوم آخرون لامحالة؛ لكن لسان التاريخ سيحكي ويحكي ويُثبت أن الإنسانمجرد ذكريات؛ لكنه في ذات الوقت سيؤكد أن أبقى الذكريات تلك المنهيةللأزمات والمُخلِّصة للشعوب من الحروب والويلات.