إلى أين يتجه الوضع في ليبيا؟

-A A +A
ثلاثاء, 2014-08-05 17:07

ما الذي يحصل في ليبيا؟ فالوضع يبدو في غاية الالتباس. وتكثر التساؤلات حول مستقبل هذا البلد. نطرح في هذه الورقة جملة مفاتيح لمحاولة فهم الواقع الليبي اليوم.

يبدو المشهد الليبي في الظرف الحالي ملتبسا لكثرة الكتائب والميلشيات المسلحة وتحول الصراع السياسي إلى صراع مسلح، وضع هذا البلد برمته على فوهة بركان، رغم الدعوات إلى إخضاع كل الصراعات للعملية السياسية من داخل مؤسسات منتخبة كما هو حاصل في البلدان التي تؤمن بالعملية الديمقراطية.

والوضع الحالي في ليبيا يفسره المراقبون بفشل النخبة السياسية المحلية في إدارة مرحلة بالسلاسة اللازمة، ونقل البلد إلى مرحلة انتقالية في البناء الديمقراطي، دون صدامات ذاتية بين شخصيات معينة أو فئوية بين منظمات وأحزاب سياسية.

وعجزت هذه النخبة في التأثير على محيطها بجره إلى الإسهام في النقاش السياسي ووضع مسافة مع جميع خيارات العنف وعلى رأسها حمل السلاح، وهو ما نتج عنه حكومة غير متجانسة، يغيب فيها مبدأ التضامن المعروف لدى الحكومات القوية بين مكوناتها والإنصات لتوجهات رئيسها.

ويعتبر مراقبون أن إشكال الوضع الليبي هو سياسي بالأساس، لغياب حكومة قوية ومتجانسة، ولتمترس الكثير من السياسيين خلف الميليشيات، واعتمادهم على ثقل كتائبهم في الشارع حتى يزينون سياسيا في المشهد الليبي، دون أن يعطوا أهمية قصوى للأفكار والبرامج السياسية في إقناع واستقطاب المواطن الليبي تأهبا للمحطات السياسية.

 

ما الذي يحدث على الساحة الليبية؟

عموما يتحارب طرفان في ليبيا اليوم. الطرف الأول يقول عن نفسه إنه "يدافع عن ثورة 17 فبراير"، ويتمثل في "كتائب مصراتة والخمس وزليتن وطرابلس ومسلاتة وغريان وجنزور والزاوية وبعض من ثوار سرت وبني وليد وكتائب من واره وأغلب المناطق الغربية".

وبحسب الصحافي الليبي، يوسف الصادي الذي يشغل رئيس تحرير صحيفة "الوطن"، إن هذه الكتائب لا تجمعها خلفية إيديولوجية معينة، وما يجمعها هو "ثورة 17 فبراير" دفاعا عن "الحرية والعدالة الاجتماعية وتوزيع ثروة الشعب على كل أبنائه".

وقال الصادي، في تصريح لفرانس 24، إن هذه الكتائب التي تقاتل تحت إمرة وزارة الدفاع، "هدفها بناء دولة العدالة والديمقراطية والتداول السلمي على السلطة"، وهي تواجه قوات اللواء حفتر المشكلة من كتائب "القعقاع، الصواعق، والمدني".

واعتبر الصادي أن اللواء حفتر "لم يكن يهدف إلى مواجهة الإسلاميين المتشددين كما كان يزعم، وإن كان كذلك لتوجه إلى مدينة الرنه التي يسيطر عليها إسلاميون متشددون كليا، ولا أن يتوجه إلى بنغازي".

وفسر توجهه إلى بنغازي بكونه كان يرمي إلى السيطرة على ثاني مدينة ليبية، بغية "الانقلاب على الثورة"، ومحاولة "تطبيق السيناريو المصري على ليبيا". واتهم حفتر بتلقي الدعم من أحمد قذاف الدم، ابن عم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

 

الإسلاميون في المعادلة الليبية الآن

 

سيطر الإسلاميون المتشددون على مدينة الرنه، كما يتواجدون بقوة في بنغازي من خلال جماعة "أنصار الشريعة". ودخلوا في تحالف مع باقي الثوار في هذه المدينة بهدف مشترك، مواجهة قوات حفتر، بحسب الإعلامي الليبي يوسف الصادي.

لا يخفى على أحد اليوم أن مدينة بنغازي، ثاني مدينة ليبية، توجد تحت سيطرة "أنصار الشريعة"، ما ولد قلق غربي على مستقبل هذه المدينة وبقية المناطق المجاورة، خاصة وأنها تصنف من قبل الولايات المتحدة ضمن الجماعات الإرهابية.

 

قائد هذه الجماعة، قال في تصريح، بحسب الصحافي يوسف الصافي، إن "الجماعة ستتفرغ للعمل الدعوي بعد القضاء على قوات حفتر ولا تتدخل في السياسة". ولا يعتقد الصادي أن ليبيا مهددة بالوقوع بين مخالب الجماعات الإسلامية المتشددة.

 

التدخل الأجنبي

 

لا تبد البلدان الغربية في الوقت الراهن حماسا للتورط في الأزمة الليبية، فيما ظهرت بعض المؤشرات على دخول كل من الجزائر ومصر على خط هذه الأزمة لاعتبارات أمنية بالدرجة الأولى. لكن الشارع الليبي يظهر اليوم رفضا لأي تدخل من هذا القبيل.

 

ولو أن الحكومة الليبية، من خلال وزير خارجيتها، طلبت ذلك علنا، إلا أن "الليبيين يرفضون ذلك"، بحسب محاورنا الصادي، والذي أكد في الوقت نفسه أن كل من "الإمارات ومصر يدعمان حفتر"، وعلل ذلك بوجود سيارات إماراتية وأن من تم اعتقالهم من أفراد هذه القوات أقروا بذلك.

وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أكد بموجب الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني إلى الولايات المتحدة، "أن التحديات في ليبيا لا يمكن حلها إلّا من قبل الليبيين"، مؤكدا أن واشنطن "ملتزمة بأن تقف إلى جانب الليبيين لحل هذه المشاكل".

 

 

 

افرانس24