منعرج الرابع من يونيو

-A A +A
أحد, 2014-06-01 12:19

لاشك أن المسيرة التي سينظمها المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة في الرابع من يونيو ستشكل منعرجا هاما في المسار الديمقراطي، فهذه المسيرة إما أن تكون مسيرة حاشدة قادرة على أن توجه رسائل واضحة وغير مشفرة للرأي العام الوطني والدولي خلاصتها أن الشعب الموريتاني لن يقبل بانتخابات 21 غير التوافقية. وإما أن تكون مسيرة عادية وبمشاركة جماهيرية عادية وهو ماسيغري السلطة بالاستمرار في انتخاباتها الأحادية التي لا تفتح أملا أمام إمكانية التناوب السلمي على السلطة، وعندما يفقد الناس الأمل في إمكانية حدوث التناوب السلمي على السلطة فإن الأبواب ستفتح على مصراعيها أمامثورة أو أمام انقلاب، أي أمام أساليب التغيير الأكثر خطورة، والتي لا أحد يستطيع أن يتكهن بنتائجها.

إن التناوب على السلطة أصبح ضرورة حتمية في عالم اليوم، وهو إما أن يُفتحله الأمل من خلال انتخابات توافقية وشفافة، أو أنه سيحدث بطرق أخرى، أقلأمانا، كالانقلابات أو الثورات، ولذلك فعلى الذين لا يتمنون حدوث انقلابأو ثورة في هذا البلد، أن يبذلوا جهدا من أجل فرض انتخابات توافقيةوشفافة، وعليهم أن يعلموا بأنهم كلما تقاعسوا عن بذل ذلك الجهد فإنهمبذلك يمهدون لحدوث انقلاب أو ثورة في هذا البلد.إن النضال من أجل فرض التناوب السلمي على السلطة لم يعد في عالم اليوممجرد قضية سياسية تخص الأحزاب السياسية خاصة منها تلك المعارضة، وإنماأصبح قضية وطنية على الجميع أن يشارك في فرضها، لأنها إذا لم تتحققبالأساليب الديمقراطية الآمنة فإنها ستتحقق بأساليب أخرى قد لا تكون آمنةدائما كالانقلابات أو الثورات.إن دعم المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة لم يعد عملا سياسيا بحتا،وإنما أصبح عملا وطنيا، وبعبارة أدق فإن النضال في هذا المنتدى لم يعد"فرض كفاية" خاصا بالأحزاب السياسية، وإنما أصبح "فرض عين" يجب أن يشاركفيه الجميع كالنقابات وكمنظمات المجتمع المدني وحتى الأفراد الذين قد لاتكون لهم أي انتماءات سياسية.إن الاستقلالية والحياد لم يعد لهما أي معنى في مثل هذه الظرفية الحرجة،والشخص الذي يدعي الاستقلالية أو الحياد فيما يحدث الآن، إنما هو شخصغارق ـ وحتى التراقي ـ في مستنقع السلبية.فكيف يمكن لشخص عاقل راشد يحب وطنه و يطمح لأن يعيش في بلد ديمقراطي آمن،كيف له أن يظل شخصا "مستقلا" أو "محايدا" وهو يشاهد سلطة تتعمد على أنتجعل من الدولة وبكل مقدراتها، وبكل هيئاتها مجرد "مناضل" عادي في حزب منأحزاب الموالاة؟كيف يمكن لشخص عاقل وراشد أن يظل محايدا أو مستقلا وهو يشاهد رابطةالعلماء التي كان يجب أن تظل هيئة محايدة ومستقلة وبعيدة عن الصراعاتالسياسية، يشاهدها وهي تناشد الرئيس بأن يترشح لمأمورية رئاسية ثانية،وتسن بذلك سنة المبادرات السيئة..كيف يمكن لذلك الشخص أن يظل محايدا وهويستمع لرئيس رابطة الأئمة ينشد وبحماس قصيدة عصماء من قصائد الحملةالانتخابية؟وكيف يمكن لذلك الشخص أن يظل محايدا أو مستقلا وهو يشاهد أعلى هيئةدستورية في البلاد وهي تزور توقيعات العمد والمستشارين البلديين لهذاالمرشح الرئاسي أو ذاك؟وكيف يمكن لذلك الشخص أن يظل محايدا أو مستقلا وهو يقرأ بيانا للجنةالوطنية لحقوق الإنسان تندد فيه ـ وبقوة ـ بمقاطعة أحزاب المعارضةلانتخابات 23 من نوفمبر؟وكيف يمكن لذلك الشخص أن يظل محايدا أو مستقلا وهو يشاهد السلطة وهي تبذلجهودا جبارة لإضعاف الأحزاب السياسية ولإقصائها من العمل السياسي،وإبدالها بالقبائل والشرائح والجهات والأعراق مما أعادنا وبقوة إلى دولةالقبائل والجهات والأعراق؟إنه من الساذج جدا أن يتمسك أي مواطن موريتاني بالاستقلالية أو بالحيادفي هذه الظرفية التي نشاهد فيها أعلى سلطة دينية في البلد، وأعلى سلطةحقوقية في البلد، وأعلى سلطة دستورية في البلد وهي تناضل في صفوفالموالاة بلا خجل وبلا حياء.إن الحياد في مثل هذه الظرفية الحرجة لا يعني حيادا، وإنما يعني تشجيعاللسلطة في انتخاباتها الأحادية، أي أنه يعني غلق كل الآمال أمام التناوبالسلمي على السلطة، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى حدوث ثورة أو انقلاب فيهذا البلد.إن على الأغلبية الصامتة في هذا البلد أن تتحرك الآن، ليس انتصاراللمنتدى، وإنما انتصارا للوطن وانتصارا للديمقراطية، وعلى تلك الأغلبيةالصامتة أن تعلم بأن الاختلال قد أصبح واضحا بين السلطة التي تستخدم كلمقدرات الدولة وأحزاب المعارضة التي لا تمتلك إلا جهود مناضليها، وإذا لمتتدخل الآن الأغلبية الصامتة من الموريتانيين لدعم المنتدى في صراعه معالسلطة لفرض انتخابات توافقية وشفافة يشارك فيها الجميع، ويرضى بنتائجهاالجميع، فإن الأمور ستسير إلى مزيد من التأزم الذي سيخلق أرضية ملائمةلحدوث انقلاب أو ثورة لا أحد يستطيع أن يتكهن بنتائجهما.إن على كل من يؤمن بالديمقراطية وبالتناوب السلمي على السلطة أن يبذلجهدا في سبيل إنجاح مسيرة الرابع من يونيو، فإن نجحت هذه المسيرة فإنالباب سيفتح أمام التناوب السلمي على السلطة، وإن فشلت ـ لا قدر الله ـفإن باب الانقلابات والثورات سيفتح.إن أبواب التغيير لا يمكن أن تسد كلها وفي وقت واحد، لا يمكن أن تسد كلهاوفي وقت واحد..ذلك ما قلناه في "نداء الرابع من دجمبر" في نهاية العامالماضي، وذلك ما جعلنا، ونحن مجموعة من النشطاء المستقلين نطالب بضرورةقيام حلف وطني من الأحزاب السياسية ومن الحركات الشبابية ومن النقاباتومن منظمات المجتمع المدني ومن الشخصيات المستقلة من أجل خلق توازن معالسلطة، وبالتالي فتح باب الأمل من جديد أمام التناوب السلمي على السلطة،وذلك حتى لا تدخل البلاد في انقلاب جديد، أو في ثورة لا أحد يستطيع أنيتكهن بنتائجها.وتبقى كلمة عتاب خاصة بخمسة آلاف من أصدقائي في العالم الافتراضي: لماذاغاب عن عالمكم الافتراضي أي حديث عن مسيرة الرابع من يونيو؟ ولماذا ياشباب تواصل ويا شباب التكتل ويا شباب اتحاد قوى التقدم ويا شباب حاتم وياشباب بقية الأحزاب المعارضة، لماذا لم تتحدثوا عن مسيرة المنتدى فيصفحاتكم الشخصية؟ فهل ذلك بسبب أنكم لا تشعرون حتى الآن بالانتماءللمنتدى الوطني الذي انخرطت فيه الأحزاب التي تنتمون لها؟حقيقة لا بد للمراقب أن يشعر بشيء من الحيرة وذلك لأنه عندما يكون هناكأي نشاط للتكتل أو لتواصل أو لحاتم أو للقاء أو لاتحاد قوى التقدم فإنهيكثر الحديث عن ذلك النشاط في صفحات شباب تلك الأحزاب، أما إذا كانالنشاط يخص المنتدى الذي تنخرط فيه كل تلك الأحزاب فإنك لا تجد من يتحدثعنه إطلاقا ..إنه لأمر محير جدا.

حفظ الله موريتانيا..محمد الأمين ولد الفاضل[email protected]