مجلس الشيوخ بين حل ممتنِع و سقف مرتفِع / الولي سيدي هيبه

-A A +A
أحد, 2017-03-19 14:49

كيف نقرأ اليوم مسألة "الشيوخ" حتى لا نسقط في الطرفية المبالغة و نقول أزمة؟ و هل في سياق التعاطي السياسي الذي لم يلبس يوما ملامح مفهوم الدولة أو تقيد لحظة بقواعد اللعبة السياسية؟ و على أي من أنساق الديمقراطية التي تختلف في من بلد لآخر و من مجوعة لغوية لمجموعة أخرى أو حتى من قارة لقارة و هي النماذج على اختلافها التي نجحت في بلدان و أخفقت في أخرى؟

و أما أهم أسابب النجاح عند البلدان التي تنعم اليوم بالاستقرار و يعيش مواطنوها أجواء من الطمأنينة و العدالة و التوجه الحثيث إلى الرفاه فـ:· أولها إلغاؤها النهائي و تخلي المطلق عن المفاهيم و الاعتبارات التقسيمية التراتبية القبلية و الطبقية و الشرائحية و الإثنية،· و ثانيها إرساء قواعد الحكامة الرشيدة بأبسط مفاهيمها و أدقعا متمثلا في اختيار الأشخاص المناسبين للمراكز المناسبة و مخطط تسييري فني علمي معقلن لكل إمكانيات البلد و كطاقاته البشرية و مصادره المادية،· و ثالثها ردم الهوة السحيقة بين القلة الغنية و الغالبية الفقيرة من خلال خلق "طبقة متوسطة" نشيطة تتسع رقعتها و تتمدد باضطراد.صحيح أن مجلس الشيوخ ـ قبلنا ذلك أم رفضناه ـ هو عبئ مالي و ترف سياسيي ما كان له أن يكون أول مرة في بلد لا يتجاوز سكانه الثلاثة ملايين نسمة، و صحيح أنه أثقل كاهل عملية سياسية بطيئة و بعيدة عن النضج و مسبباته فزادت به ساعات نوم الشيوخ و هم في فترات التداول و قل به عطاؤهم (و منهم الأمي) الذي يحسبون أن جله يأتي جاهزا معلبا على شكل هبة من غرفة البرلمان الأولى و نوابه الأكثر شبابا.و لكن صحيح بالمقابل أنه استطاع في لحظات هامة من تاريخ الصراع السياسي ـ في ظل التجربة الديمقراطية و مسارها المذبذب ـ و إن ظلت نادرة أن يحسم خلافات كادت تعصف بكل الحياة السياسة و يرد الحاسب إلى الصفر و يخلق أزمات عابرة غرضية لتوقيف مهازل سياسية أقرب إلى النداء بتشريع أحادية الحكم حتى بات يحسب له أنه جعل الديمقراطية تترسخ كحقيقة جديدة في أذهان الكثيرين و أنها ليست وهما بل ظاهرة صحية بدأت تتجلى في عمل و خطاب عديد السياسيين و إن لا يزالون محاصرين بعرم الغثاء يريد ليجرفهم لولا ثباتهم.أما و قد قالت كتلة صلبة من مجلس الشيوخ اليوم كلمتها برفض مضامين منعرج سياسي يراد له أن ينطلق و يحدد معالم مغايرة و في غيابه بعد حله نهائيا و إلى وضع جديد للتعاطي السياسي بناء على تحويرات دستورية مررتها الغرفة الأولى بفضل الأغلبية الرئاسية التي وضعت كل جهدها و مهاراتها و وزنها لحصول الوفاق بالأغلبية الكبيرة على قبول التعديلات.و إن الأيام القادمة ستكون حبلى بالأحداث تستوجب خلالها على رئيس الجمهورية أن يختار مخرجا للأزمة التي لا محالة ستستنقص إن لم يتدارك من حجم ظهيره الإنتخابي و تضعف من مصداقية الأغلبية. لكن كما خلص بعض المحللين السياسية فإن هذه الأزمة على استثنائيتها لن تزعزع أركان الحكم و سيظل البلد يسير بنفس النهج المتبع و نفس الأعراف و الأساليب القائمة المتبعة.