لَا يَسْتَوِي "أَصْحَابُ السًوَاعِدِ" و"أَصْحَابُ الحَنَاجِرِ" !!

-A A +A
سبت, 2017-05-27 17:20
المختار ولد داهي،سفير سابق.

شاركت "من موقع رسمي" ذاتَ سنة خَلَتْ في أيام تفكيرية حول مشروع خطة تنموية جهوية لإحدي الولايات أعدتها مبادرة من تكتل بعض أبناء الولاية "بدعم معنوي" من السلطات الإدارية و البلدية و "عون فني و مالي" من بعض الشركاء الماليين و الفنيين المنتسبين لمنظومة الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي و البنك الدولي الذين يمولون بعض المشاريع و التدخلات التنموية بالولاية.و قد حضر تلك الأيام مشاركا نشطا العديدٌ من "الأطر العاملين" و "الأطر غير العاملين" و المنتخبين التشريعيين و المنتخبين البلديين القدامي و المُمَارِسين المنحدرين من تلك الولاية المعروفة بأنها إحدي "خزانات الكفاءات الوطنية المؤكدة و المبرزة" التي مثلت غالبية و خيرة "خُدًامِ الدولة"خلال العقود الستة الماضية.كما شارك في تك "المراجعات التنموية" – المنكب بالمنكب و الساق بالساق- إلي جانب أولئك الأطر المبرزين العديدُ من الفعاليات المحلية من وجهاء تقليديين و رؤساء مصالح جهوية و مقاطعية و مسؤولي منظمات مجتمع مدني و "منظمات مجتمع لا مدني"و فاعلات في التنظيمات النسوية و مزارعين و منمين و "آخرين لا يعرفهم منا أحد".و قد قُدِمت خلال تلك " الأيام التفكيرية و التفاعلية" العديدُ من الأوراق العلمية و الفنية رفيعة المستوي حول "حصيلة الخطط التنموية الجهوية السابقة :

مواطن القوة و مواقع الضعف"و " الفرص التنموية الضائعة بالولاية" و " مستعجلات و أولويات التنمية الجهوية"و " الإطار الاستراتجي متوسط المدي للتنمية الولائية" و "الكلفة المالية" للخطة العشرية لتنمية الولاية،...و أشفعت الأوراق العلمية و الفنية بنقاش مستفيض عالي المستوي قطع رتابته و "هيبته" صوت رجل خمسيني قدم نفسه بأنه "مجاهد تنموي" قادم من إحدي القري الواحاتية "شبه المعزولة" عندما قال بصوت جهوري أغناه عن مكبر الصوت :

حللوا ما شئتم و سددوا و قاربوا لكني أنبهكم إلي أن المشكل التنموي بالولاية يعود إلي"تشجيع ثقافة الاتكالية" التي تَغَوًلَتْ خلال العشريات الأخيرة بفعل ثقافة "شراء الولاء السياسي و الإداري".

و أردف المجاهد التنموي قائلا صار أحدنا يجد و يجتهد بسواعده و سواعد جميع أفراد عائلته النشطين عاما كاملا لا يصلي صلاتي الفجر و المغرب إلا مكبا علي العمل في مزرعته حتي إذا حَصْحَصَ الحصاد جاءه جارُه و قد أصبح يسمي "وجيها سياسيا" لم يبذل أي جهد قادما من المدينة حاملا نفس الكمية التي حصل عليها هو من مزرعته و قَاصًا "بحنجرة واسعة" أحاديث المكاتب و مجالس أعلام المدينة.

وهكذا أدت ظاهرة " الوجهاء السياسيين الجدد" إلي هجرة أغلب الرجال و بعض النساء للقري و المزارع و الانخراط في اكتساب لقب "الوجيه السياسي" الذي يَغْشَي مجالس القرار السياسي و الإداري و لا يبذل من الجهد إلا حضور مجالس " المراء السياسي" و الدفاع ملء الحنجرة عن حلفائه السياسيين و الهجوم بكافة الملكات الصوتية علي الخلطاء السياسيين.

و قد نال تدخل "المجاهد التنموي" إعجاب جميع الحاضرين المواطنين منهم و الأجانب فحظي بصاعقة من التصفيق دامت دقائق و بعناق و أحاديث جانبية من العديد من كبار المشاركين و المدعوين لكن الأيام التفكيرية سارت وفق المسطرة التقليدية حيث ختمت بالمصادقة علي استراتجية تنموية جهوية و مخطط تنموي عشري و خطة لتعبئة التمويلات الضرورية.

و رغم " الاختتام التقليدي" للأيام التفكيرية إلا أن أغلب المشاركين تناجوا بأن مداخلة "المجاهد التنموي" شخصت المشكل و وصفت الحل مستنتجين بأن من أراد إصلاح الشأن التنموي بموريتانيا فليبدأ بمحاربة العقليات و المسلكيات القديمة و المستجدة المُمَجِدَةِ للكسل و العطل المُبَخِسَةِ للجهد و العمل رافعا شعار أن "لا يستوي أصحاب السواعد و أصحاب الحناجرّ.".