دروس رمضانية(1)

-A A +A
ثلاثاء, 2017-05-30 14:27

عنوان الدرس: "رائحة المال العام"

الفقيه المحاضر: "الضمير المستتر"

المكان: باحة القصر الرئاسي؛ حيث نسيم الحدائق يعانق روائح العطور البارسية والأطباق المتوسطية والزرابي التركية والأحذية الإيطالية والساعات السويسرية.

الجمهور: أمير الفقراء محاطا بحاشيته... بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين، أما بعد:

بما أنني "كيميائي" ولا رواسب فقهية في مخيلتي، إلا أنني سأحاول تقمص دور الفقيه الواعظ، وأطلق العنان لوميض السكينة لكي يرتسم على كلماتي، لكنني؛ أبدا لن أحرف الكلم عن مواضعه، ولن أتسلق شجرة الوعظ لأحول أشواك وعيدها إلى أوراق ناعمة؛ حتى لا تتسبب في جرح ضمائركم، بل سأكتفي بموعظة كيميائية غازية عساها تتسرب مع الأكسجين إلى صدوركم. فرحم الله من عرف قدره؛ وجلس دونه بعدة فراسخ..

أيها الجالسون على فراش الخيمة الوثير، لا شك بأنكم تشعرون الآن بلذة القوة والأبهة، لكن؛ تخيلوا أنفسكم بعد مائة عام، عظام نخرة ذائبة في حفرة ما، وآثاركم مدفونة في مقابر التاريخ ينبشها المؤرخون، وأحفادكم يكيلون لها العتاب.

إنني أجد رائحة زمن معاوية بين مقاعدكم، ذلكم الرجل الذي كنتم بالأمس "تطأطؤون" رؤوسكم له، لكنها الأيام ذهبت به، كما أنها ستذهب بكم في يوم ما، والباقايات الصالحات خير وأبقى..

تخيلوا أن للمال العام رائحة كريهة كرائحة الدخان، كيف ستكون رائحة مجلسنا، هل تجزمون أنها ستكون بنكهة النسيم العليل، هل قيمة تلك الأشياء التي نرتديها وفي حساباتنا البنكية من خالص رواتبنا؟ تخيلوا لو أن رائحة المال العام المغتصب تنتقل عبر الهواء، فلاشك في إن رائحته ستزكم أنوف الناس..

لماذا نحن كنخبة نخادع شعبنا ورئيسنا، أيها الرئيس هل تصدق ما نكيله لك من مدائح، وأنت تعلم أن ضعفها قد سكبناه في كؤوس معاوية الذي كنت مرافقه المخلص.

جميعنا نعلم أن الكذب هنا لم يعد مسبة، وكذلك شهادة الزور، كثيرون يمارسون الكذب بكل برودة أعصاب، بل إنهم يتحرون قطف ثماره "اليانعة" ليصلوا لمبتغاهم..

سيادة الرئيس إنني كفقيه، أقابل أناسا ظاهرهم يوحي بالثقافة والعلم، يسرون لي بأن سلالم النفاق، أصبحت هي طريقهم "الآمنة" للصعود نحو قمة الأشياء في هذا البلد الغريب الأطوار..

والسر وراء ذلك؛ أن الفساد استفحل، والقوانين انهكت والكفاءة قتلت وتفرق دمها بين القبائل، ولم يتبقى لدينا إلا بقية أخلاق وشيء من التقوى على رأي نزار، ومن يحملونهما يسيرون على الهامش قد لفظهم "المجتمع"..

أيها الناس:

تخيلوا لو أن للمال الحرام رائحة كريهة؛ كرائحة احتراق المواد البلاستيكية مثلا، تخيلوا موظفا ما يتقاضي راتبا وهو لا يستحقه، كيف سيجد رائحة راتبه؟

تخيلوا رائحة الطعام المنبعثة من بيوتات؛ أهلها يزورون الأدوية، يغشون الناس، ألسنتهم تحرم المال العام بينما أفعالهم تحلله، وتزينه للمجتمع، وتفشيه كثقافة وسلوك بين الناس. تخيلوا أن للظلم رائحة كرائحة جثث الحيونات المتعفنة، كيف كنتم ستجدون نكهة الهواء في وطنكم؟

عليكم يا خادم الشعب وحارس ممتلكاته، أن تستحدثوا وزارة اسمها: من أين لك هذا؟ فهناك ثلة تمتلك ثروة فاحشة وهناك سواد عظيم ينهكه الفقر المدقع، الطبقة الوسطى مهددة بالإنقراض مثل حب الوطن..

ختاما... يقول الله تعالى: (( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)) صدق الله العظيم

في الحديث الشريف، قال عليه أفضل الصلاة والسلام:

" أَيُّهَا النَّاسُ ، لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ ، فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي ، فَأَقُولُ : لا أَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ......إلى آخر الحديث ". وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...

تنويه: هناك بعض الكلمات تحتوى الهمزة لست متأكدا من كتابتها بشكل صحيح، كما أنه تمت الإستعانة بالشيخ Google حفظه الله، أقول هذا من باب الأمانة.

هنا نواذيب، والأجواء باردة ومفعمة بالبهجة، وأنا بدأت أشعر بالبطالة، الراحة مملة، والنظر إلى سقف المنزل تأمل قاسي، كان الله في عون العاطلين عن العمل..

من صفحة المدون Khaled Elvadhe