مواجهة الجزائر والحذر من موريتانيا/ صبري الجو*

-A A +A
أربعاء, 2017-06-28 14:32

* محام وكاتب مغربي

عين الملك محمد السادس أثناء أشغال المجلس الوزاري الأخير عددا من السفراء الجدد؛ وذلك باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي.

ويمكن إجراء قراءة بخصوص التعديلات الدبلوماسية المذكورة، والخروج باستنتاج في علاقتها بقضية الوحدة الترابية، وبنزاع الصحراء خاصة، حيث همّت أربعة مراكز لأربعة أقاليم كبرى في أوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا والمغرب الكبير، ومن مميزاتها:

أولا: التصدي والمواجهة بين حقوق الإنسان والسياسة والموارد الطبيعية

مكتب الأمم المتحدة بجنيف، وعين فيها عمر زنيبر سفيرا ممثلا دائما للمملكة المغربية لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، خلفا لمحمد أوجار الذي عين وزيرا للعدل في حكومة سعد الدين العثماني الحالية، وهذا المنصب يحتاج إلى شخصية ذات مؤهلات وخبرة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وبآليات الدفاع عنها، وله إلمام بما راكمه المغرب في هذا المجال، ويتقن فن المرافعة ولديه ملكة الخطابة والإقناع.

منظمة الاتحاد الإفريقي، التي انضم إليه المغرب في هذه السنة، وقد عين محمد العروسي سفيرا ممثلا دائما للمملكة المغربية لدى الاتحاد. وكانت نزهة علوي محمدي، سفيرة المغرب لدى إثيوبيا، هي التي تولت تمثيلية المملكة لدى الاتحاد الإفريقي، منذ 31 يناير 2017.

ويمتاز الاتحاد الإفريقي بكثرة أجهزته وتعددها، ويجهل عنه المغرب الكثير، والشخص الذي يتولى هذا المنصب يجب أن يكون ذا فضول وجرأة كبيرين لاكتساب المعرفة والفهم بسرعة، وكشف أسرار اشتغال أجهزة الاتحاد الإفريقي في وقت وجيز للمساعدة على الانتشار في مراكز اتخاذ القرار فيه.

ثانيا: الانفتاح لملء الفراغ، والمراقبة  لبلورة إستباق الديبلوماسي .

أمريكا الجنوبية، وهمت دولة كوبا، بعد اتفاق استعادة العلاقات بين المغرب وكوبا في أبريل من هذه السنة، وزيارة الملك غداة ذلك. وللإشارة، فإن المغرب قطع علاقاته مع كوبا منذ 1980 بعد اعترافه بالبوليساريو 1976، ودعمه لها، وقد تم تعيين بوغالب العطار سفيرا بها.

وقد جعل المغرب من الانفتاح والاستباق عنوانا لاستعادة العلاقات مع كوبا، ولا يهمه حضور البوليساريو بقدر الأهم في سياسته هو تغطية ملء كل الفراغات، ووضع الجبهة تحت مراقبة عينه وتتبع خطاها، أفضل من تركها تنفرد بالمجال وأشخاصه، وتنال نجاحات ودعما مجانيا.

ثانيا: الريبة و المراقبة الحذرة من علاقة موريتانيا بالجزائر والبوليساريو؟

عين حميد شبار سفيرا بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، لشغل المنصب االشاغر بعد وفاة سفير المغرب السابق عبد الرحمان بن عمر، و قد كانت هذه الشخصية محل مطالبات موريتانية باستبداله، واعتبر جزءا من أسباب فتور وتراجع مستوى العلاقات بين البلدين، وكان المغرب يصر على الإحتفاظ به لأنه يعتبر ذلك قرارا سياديا، ومكث في منصبه لثلاثة عقود حتى وافاه الأجل المحتوم بتاريخ 21 دجنبر من السنة الماضية، و ظل المنصب شاغرا طيلة مدة سبعة أشهر قبل هذا التعيين بحثا عن شخص يراه مناسبا.

و قد إختار المغرب حميد شبار  لهذا المنصب لعدة عوامل؛ بالنظر إلى معرفته السابقة بالمجال، وطباع أهل الصحراء، وإدراكه لحساسية المنصب، فقد كان واليا سابقا بالداخلة، وعاملا منسقا مع بعثة المينورسو، فهل تلبي هذه التجربة حاجة المغرب المزدوجة في كسب ثقة وموقف النخبة، والقيادة، والشعب الموريتاني، ومراقبة تأثير وتأثر البوليساريو في هذه المكونات والمنظومة، و تراعي في نفس الوقت اكراهات الموقف والخصوصية الموريتانية، وحاجة الجميع في حتمية تطوير العلاقات.

على سبيل الختم:

إن النجاعة الديبلوماسية لا تقف عند التعبير عن الأهداف ورسم الغايات، والمبادرة بالمبادرة والإقتراح والتعيين في المنصب، بل في إختيار الفاعل في إطار مبادئ تكافئ الفرص والكفاءة والإستحقاق والشفافية، الواردة في المادة 92 من الدستور، والتي يبدو أنها مغيبة ومغيبة.