ورجعت نفس عمي إلى ربها "راضية مرضية" !

-A A +A
ثلاثاء, 2017-07-04 15:17

بكل صبر واحتساب، وإيمانا بقضاء الله وقدره؛ أتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان، أصالة عن نفسي ونيابة عن كافة أفراد أسرة أهل النباش؛ إلى جميع الإخوة والأخوات الأفاضل، داخل موريتانيا وفي المهجر؛ على مشاعر التعزية وجميل المواساة لنا إثر انتقال عمنا اعل ولد النباش الملقب (والدن)؛ قبل 3 أيام، إلى الرفيق الأعلى.. وأضرع إلى الخالق جل في علاه أن يعظم أجرنا وأجرهم ويتقبل منا ومنهم صالح الدعاء والأعمال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

كان المغفور له بإذن الله نعم العم ، كان هو و أخويه مثالا للأخوة الصادقة ، و مازلت أتذكر حينما تشد عليه وطأة الحمى عليه في مرضه الذي سلم فيه روحه لباريها ، فيقوم بالسؤال عن أخاه و أخته (حفظهما الله و أطال في أعمريهما) و هو طريح الفراش ، لا يستطيع الجلوس من شدة المرض رحمة الله عليه .

لم يكن الأمر مستغربا، بالنسبة لي شخصيا على الأقل؛ فوالدي (حفظه الله و أطال في عمره) كان الأخ الأكبر لعمي (أنزله الله الفردوس الأعلى في الجنة) ، فبعد وفاة جدي (تغمده الله بواسع رحمته و أسكنه فسيح جناته) والدهما وجد المرحوم  في أخيه والدي (حفظه الله ) أبا حنونا وراعيا عطوفا، ورفيق درب بكامل معاني العبارة؛ حتى أنه رحمة الله عليه كان إذا أراد أن يقطع بأمر ما يكتفي بقول : "صرت إسلمو".

ولم يكن مستغربا، أيضا أن تُجمع شهادات أصدقائه و جيرانه وجميع معارفه على استقامته وحرصه الدؤوب على فعل الخير ونشر المحبة بين الناس... وفوق ذلك كله مثابرته وإصراره على أن يشهد صلاة الجماعة في المسجد، كلما سمع نداء الأذان فجرا، أو ظهرا، أو عصرا، أو مغربا، أو عشاء، أو جمعة..

ومن الجدير ذكره في هذا السياق الروحاني من حياة المغفور له بإذن الله؛ أنه أبى أن يحول فقدانه لبصره في السنوات الأخيرة من عمره بينه وبين الصلاة في رحاب أقرب بيت من بيوت الله إلى منزله؛ حيث كان يخرج؛ ضريرا وفي الظلام، ساعة الفجر من كل يوم، ليصلي في المسجد ويعود من دون مساعد أو دليل؛ مما أدهش الكثيرين من رواد المسجد الذين أكد بعضهم في شهاداته عليه أنهم كانوا يشاهدونه (رحمه الله) يسلك الطريق نحو المسجد في الظلام حتى يصل من غير مشكلة رغم كونه ضريرا، ورغم أن المسجد بعيد نسبيا عن مسكنه.. ووجد هذا "اللغز" حله في كون العم الورع تعود أن يسلك نفس الطريق يوميا على مدى سنين طويلة وهو بصير.

متأسيا بقصة الرجل الاعمى الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته ، فرخص له ، فلما ولى دعاه فقال : ((هل تسمع النداء بالصلاة ؟)) فقال : نعم ، قال : ((فأجب)) .

إنا لله وإنا إليه راجعون

((مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)) صدق الله العظيم

عن أسرة أهل النباش ، أحمد ولد النباش .