أبو العباس ولد ابراهام يكتب عن المفوض انكراني

-A A +A
أحد, 2017-07-16 14:55
أبو العباس ابراهام

في الطفولة كانت لكلٍّ منا دراجة. وأنا وحدي ما زلتُ وفياً للدراجة من بين كلّ هؤلاء. بعضُم أصيب بالشيخوخة المبكِّرة؛ وبعضُهم اكتتبه النومنكلاتورا. وبعضهم لم يُسرِع به حسبه؛ (وليس الحسب غير العلاقات العامة). وآنذاك شكّلنا نادِياً من الدرّاجين وكنّا نجوب شوارع ولد الطائع القليلة باعتزاز. وكانت مساحة تجوّلنا محدودة. ما بين سوكوجيم وإلو سي وفضاء الوزارات، قبالة الرئاسة (قبل أن يجدّدها ولد الطايع) وبي أم دي وأسمار.

وقد قرّرنا أننا كبرنا. فأردنا مرّةً توسيع حدودنا وتنظيم رحلة إلى الشاطئ. وكان علينا أن نمرّ من شارعنا الرئيس، شارع ديغول وكينيدي (لو شان)، ثم نعطف يميناً إلى اكلينيك. وهنالك انتهت حدود امبراطوريتنا وأصبحت ميسرتنا مكشوفة؛ وهكذا تعرّضنا لمحاولة اعتداء (اتنپي). وبدونا أذلاء أمام بعض الشباب الأكبر سناً والأكثر عدداً، والذين هجموا علينا بغية استلاب دراجاتِنا وزادنا. ثمّ فجأة برز، كسوبرمان، فارس من السماء. نزل من سيارة الشرطة وصفع أولّهم وأدخلهم في سيارة الشرطة. كان ذلك المفوّض انكراني، الذي كان صديقاً لوالد Salek Teyah، إن لم تخني الذاكرة. لقد أنقذنا.

ورغم اعتقالات 1995 إلاّ أن انكراني ظلّ دوماً شامخاً في أعيننا. وبطبيعة الحال فإن انتفاضة 1995 أسقطت آخر احترام كان عندنا للشرطة وللأجهزة الأمنية عموماً. وهو أمر زاد مع انحطاطات الطائعية في العقد الموالي. إلاّ أننا ظللنا ممتنِّين لانكرّاني. فقد مثّل، على الأقلِّ بالنسبة لنا، الصورة التي كنّا نقرؤها عن الشرطي (ويجب أن نعترف الآن أننا كنا نقرأ كثيراً من "مجلّة باسم" آنذاك): وهو أنه حارس المجتمع ومُنقِذ الأطفال، اليقظ، الولاّج بكل ركن والهبوب عند كلّ لهفة. وربما كانت تلك صورة معلمنة عن "الريان"، البيت الفالهالي والفردوسي، الذي لا يدخله إلاّ مفرِّح الصبيان.

انتقل انكرّاني إلى رحمة ربّه البارحة. إلى الريّان فليدخل. ولترقد روحه بسلام.

ـــ

* من صفحة الكاتب أبو العباس إبراهام على الفيسبوك.

العنوان الأصلي: عن انكراني