شنقيتل (سرطان ينخر الأمن والإقتصاد) سري للغاية / الحلقة الأولى

-A A +A
اثنين, 2014-08-25 22:23

قرابة عقد من الزمن اضمحل ولا تزال موريتانيا فريسة لأكبر وحش استنزافي في تاريخها.. وحش جاس على غفلة منا جميعا البلاد واستزف جيوبنا وادخاراتنا وسرق ضرائبنا متغلغلا في اقتصادنا كسرطان لعين يستهلك قوى جسد غافل عن وجوده.. إنها شركة الإتصالات السودانية الموريتانية "شنقيتل" التي وصفها مدير ديوان الضرائب السودانية عبد القادر محمد أحمد قبل عام بالشركة العصابية، وأدرجتها دول الإتحاد الأوروبي وآمريكا قبل عامين ضمن لائحة سوداء من عشرين شركة محظورة في إفريقيا مقيتة الخدمات وراعية للإرهاب وتنظيم القاعدة، وتجاوبا مع القرار أغلق مصرف باريبا الفرنسي الموريتاني كافة حساباتها لديه..

جلس لها القضاء السنغالي في دجمبر 2011 بتهمة الرشوة للحصول على رخصة العمل، ورفعت عليها أكبر قضية فساد أمام محاكم دبي في الإمارات العربية المتحدة، وذيلت بها المنظمة الدولية للاتصالات تقريرها السنوي حول الإتصالات في إفريقيا في يوليو عام 2012 كواحدة من أقبح شركات العالم خدمة تساهم في انتشار الامراض أكثر من انتشار التقنية المريحة، وسجلت أكبر عملية تلصص واحتيال على الضرائب الموريتانية فاقت كل التصورات وبلغت 17 مليار أوقية، أدت لإغلاق أبوابها ضمن حملة فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز أعانه الله على الفساد لتعاود فتح أبوابها من جديد عقب دفعها مليار أوقية كضريبة على الأرباح محاولة بعد ذالك الإنتقام من رئيسنا برعاية 12 تظاهرة إخوانية ومعارضة مطالبة بإسقاط الرئيس خلال عواصف الصيف العربي التي اجتاحت المشرق..

موقع "موريتانيا اليوم" من باب واجب التنبيه ستسلط الضوء على واحد من أتفه وأخطر الكيانات التجارية الخدمية في ميدان الإتصال على الإطلاق مطالبة رئيس الجمهورية  بالتصدي لهذا البلاء المسمى "شنقيتل" أو اقتطاع ضرائبنا منها والبالغة 12 مليار أوقية منذ كشف أول تهرب ضريبي عام 2011 حتى اليوم.

ميلاد الوحش "شنقيتل"

في بداية العام 2000 دخلت أولى تقنيات الإتصال المحمول إلى بلادنا ممثلة في شركة الإتصالات التونسية الموريتانية ماتل، وبعدها بفترة وجيزه جاء عملاق الاتصالات  شركة موريتل موبيلوفي تلك الفترة مقارنة بوعي المجتمع ظلت الخدمات بشكل عام في حدود المستوى نتيجة لأمور متعددة، منها حداثة الموريتانيين بهذا الأمر وجهلهم بكثير من مرفقات الخدمة لاسيما الإنترنت ول MMS ول SMS و تقنية 3G ...إلخ وهو ما استغلته، مثل مرض خبيث يترصد نقاط ضعف المناعة في الجسد فدخلت ممنية المستهلك الموريتاني بسد هذا النقص ممنية بشبكة مرتبطة بالأقمار الصناعية ترافق الموريتاني أني كان في حله وترحاله وبدوه ومدنيته وكثير من التدليس الذي سيتكشف فيما بعد، وقبل أن تطلق خدمتها الفعلية يوم الثالث والعشرين أغسطس عام 2007 نشرت دعايتها المشهورة: (إحصل على اشتراكك واربح نصف عام من الإتصالات المجانية تجاه كافة الشبكات) وانكب الناس على "شنقيتل" كما انكبوا أفواجا على اعتناق الإسلام ايام البعثة، ووصل عدد المشتركون في الأسبوع الأول إلى 50000 ألف مشترك وفي الأسبوع الثاني إلى 80000 ألف مشترك لتعلن الشركة تراجعها عن العرض مكتفية بمنح شهرين من الإتصالات المجانية صالحة تجاه "شنقيتل" فقط، وتضاعفت أرباح "اشْنِيِقيتَل" منذ ذالك الوقت جراء اقتصارها على خدمة CDMA بدل GSM لما تتمتع به الأخيرة من اقتصار على هواتف خاصة على عكس التقنية الأخرى، ولكن بشائر اجواء المنافسة المستقبلية بينها والشركات الأخرى خففت من غضب الناس ظنا منهم أن السنوات القادمة ستعوض عن ما فات وستكون غيثا بعد قحط، وكانت هذه هي مسرحية ميلاد وحش بدأ بالتدليس وانتهى بالعطف على قتلة أبنائنا في تورين والغلاوية المسجونين في السجون الموريتانية من القاعدة بتوفير أفخم أنواع وجبات الإفطار الرمضاني لهم طيلة عامين ورعاية الحملات المعارضة والمطالبة بالإسقاط رئيس منتخب..

والحديث عن ميلاد الأشياء السيئة يلزم الغوص في معينها لاستخلاص إمكانية اجتثاثها، لذالك فقد حصلت شنقيتل على رخصة العمل مقابل 103 مليون دولار في زمن عرف أنه أكبر أزمنة الفساد الموريتانية شدة على البلاد لاتزال لأسئلة فيه معلقة حول مآل تعويضات شركة وودسايد لموريتانيا البالغة 60مليون دولار.. وقدمت شنقيتل عمولة بلغت ملايين الأوقية بموجبها صار الشخص الممهد لدخولها إلى البلاد شريكا في رأس مال الشركة، وفي أول تصريح ضريبي لها قدمت الشريكة حساب أصولها برقم 200 مليون دولار بينما الحقيقة التي تكشفت فيما بعد أن شريكة شنقيتل أسست أصولها أو معداتها من شركة ZTE بمبلغ لا يتعدى 40 مليون دولار مقسطة بالتقسيط المريح جدا لمدة خمسة عشر عاما أي أن آخر قسط ستدفعه شنقيتل ل ZTE سيدفع بتاريخ 23 أغسطس 2021 وكان هذا واحد من المنافذ التي ساعدت على تهرب هذا الوحش الكاسر من الضرائب، بأساليب احترافية لا تنتهجها في العادة سوى الشركات المتعددة الجنسية العدوة للمجتمعات النامية مثل مجتمعنا

سياسات التهرب الضريبي:

التهرب الضريبي فن بل سحر بموجبه تخفي الشركة العاملة رقم أعمالها الحقيقي وتقدم بدله آخر، وتقلل الأرباح عن طريق فتح حسابات وهمية في النظام المحاسبي لها ومن خلالها تصرف عشرات المليارات بدقة متناهية مما يتطلب أحيانا من إدارة الضرائب الإستعانة بخبراء محاسبيون، وجدير بالذكر أن هذه العملية منتشرة في أرجاء العالم ولها متخصصون في بريطانيا وفي وول ستريت بالولايات المتحدة الآمريكية التي رغم تقدمها وصرامة قوانينها لا تنجوا من الوقوع ضحية لها أحرى موريتانيا، وتمهد اشنيقيتل لهذه العملية من خلال استجلاب خبراء كل عام من السودان بحجة مراجعة سجلات الشركة المالية بينما الحقيقة هي إخضاع السجلات المحاسبية لأكبر عملية سطو في تاريخ الشركات الخدمية من طرف أولئك الزوار بموجبها تهرب شنقيتل ثلثي أرباحها بالعملة الصعبة إلى السودان بطرق محترفة أقرت بها شركة سوداتيل في تقريرها السنوي الصادر في العام 2012، ويتم التهريب غالبا عن طريق حسابات الشركة وشركاتها الأخرى المنتشرة في كثير من الدول الإفريقية كنوع حديث من تبييض الأموال، وقدرت شركة سوداتل في تقريرها المالي الصادر في السودان نهاية العام 2011 الأموال المنقولة في الفصل الأول من العام با 54 مليون دولار، وفي الفصل السابق للعام 2011 ب 45 مليون دولار، وطبيعي أن هذه العملية المسماة في عالم الاقتصاد بنقل الأرباح من أكثر العمليات خطرا على اقتصاديات الدول النامية، حيث تأثر على احتياطيها من العملة الصعبة الضرورية لتوفير سقف معين لاستيراد الاحتياجات الغذائية.

وقيمة نقل الأرباح هذه تعكس جرم شركة شنقيتل إذ أنها صرحت للإدارة العامة للضرائب عام 2009 بمعدل أرباح 4 مليارات أوقية فقط وفي العام 2010 با 6مليارات، أما في العام 2011 فصرحت ب صافي ربح قدره 17 مليار أوقية مستوفية معدل ضريبي لا يتجاوز600 مليون أوقية، قبل أن تقوم الإدارة بتحقيق محاسبي وللجوء إلى شركة خبراء محاسبيين أدت نتائج تحقيقها إلى إغلاق أبواب الشركة غير مأسوف عليها لشهر كامل دفعت عقبه مبلغ مليار أوقية.

ولعل تعارض تقاريرها الضريبية مع الواقع كان من العوامل التي نبهت إلى تلاعب شركة شنقيتل بالقانون والمجتمع الموريتانيين، فتضاعف رقم أعمال الشركة بمعدل يزيد على 100% وتوسعها خارج البلاد في السنغال ودول أخرى وافتتاح شركة رديفة لها في البلاد حملت إسم "موريتاني" عكس الكثير من الأشياء أهمها احتقارها للدولة وللمجتمع الذي لم تقم له تشييد ملعب ولا بناء صرح ثقافي كما تفعل في بقية البلدان الإفريقية، إذ يواصل تقرير شركة سوداتل في نسخته الإنجليزية في القول "إن حجم الأصول في موريتانيا قارب 135 مليون دولار آمريكي محققا أرباحا فاقت التصورات بينما استثمرنا في السنغال 300 مليون دولار مع ضرائب مجحفة وعائدات سخيفة" (انتهى الإستشهاد).

يتواصل

في الحلقة القادمة

غياب الخدمات اللإجتماعية.

خريطة شبكة شنقيتل في موريتانيا وخريطتها في السنغال (مقارنة)

.بعض الوثائق

ـــــــــــــــــــــــــــــ

موريتانيا اليوم