حصيلة تشكيل الوحدات القاعدية تكشف حقيقة الوزن السياسي لأعضاء الحكومة (تحقيق)

-A A +A
جمعة, 2018-06-08 00:44
الوزير الأول المهندس يحيى ولد حدمين

خاص (موريتانيا اليوم) كشفت نتائج حملة الانتساب التي نظمها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، على امتداد كافة ولايات موريتانيا، عن افتقار غالبية أعضاء الحكومة الحالية لأدنى حد من التمثيل الشعبي في المناطق التي ينتمون إليها؛ بينما أظهرت حضورا قويا على الصعيد المحلي لمجموعة محدودة من هؤلاء؛ خاصة رئيس الفريق الحكومي، الوزير الأول المهندس يحيى ولد حدمين .

ويتبين من خلال قراءة أولية في تلك الحصيلة أن أكثر من ثلثي الوزراء الحاليين باتوا في حكم المغادرين عند أول تغيير وزاري يتوقع أن يجريه الرئيس محمد ولد عبد العزيز عشية الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية المزمعة في شهر سبتمبر المقبل.

ففي الحوض الشرقي تصدر الوزير الأول المهندس يحيى ولد حدمين المشهد بقوة عبر حصوله على غالبية ساحقة من الوحدات القاعدية في مقاطعة جيكني ومدينة النعمة، عاصمة الولاية ومناطق أخرى؛ كما حقق نتائج قوية في ولاية الحوض الغربي ، كما كان له نصيب الاسد من الوحدات القاعدية في العاصمة انواكشوط .

وتؤكد هذه النتائج التفاف سكان هذه المناطق بالرجل وتمسكهم بمنحه كامل ثقتهم؛ ما يجعله الفاعل السياسي الأول والأقوى شعبيا دون منازع؛ ويؤهله للاستمرار في قيادة مسيرة تنفيذ البرنامج السياسي لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز خلال ما تبقى من العهدة الرئاسية الثانية (والأخيرة) لهذا الأخير.

وحقق وزير التشغيل سيدنا عالي ولد محمد خونا نتائج قوية على مستوى مقاطعة أمورج حيث أبان عن وزنه السياسي القوي على الصعيد المحلي واستمرار تزكية السكان لوجوده في الحكومة كممثل عنهم يحظى بكامل ثقتهم؛ خاصة وأن أيا من الفاعلين السياسيين المحليين لم يسجل له موقف مخالف لهذا الإجماع.

في المقابل كشفت نتائج حملة الانتساب في الولاية عدم تمكن وزير الشؤون الإسلامية أحمد ولد أهل دَاوُدَ عن أية قواعد تشفع له في البقاء ضمن التشكيلة الحكومية؛ شأنه شأن مفوض حقوق الإنسان الشيخ التراد ولد عبد المالك الذي لم يحظ بأي سند قاعدي ضمن القواعد المحلية للحزب الحاكم؛ تماما كما هو الحال بالنسبة لوزير الخارجية إسلكو ولد أحمد يزيد بيه الذي واجه هزيمة سياسية كبرى في مقاطعة امبيكت لحواش.

وعلى مستوى ولاية الحوض الغربي، سجل وزير الداخلية واللامركزية أحمدو ولد عبد الله نتائج متواضعة تمثلت في بعض الوحدات القاعدية في بلدية حاسي عبد الله بمقاطعة الطينطان، لا تخوله إمكانية تحسين أدائه مستقبلا ومحاولة تصحيح وضعه السياسي هناك من خلال الاستحقاقات البلدية والجهوية القادمة لتفادي خروج مدوي من الحكومة.

أما وزيرة الإسكان أمال بنت مولود فلم يكن لها أي حضور على مستوى الولاية خاصة في ظل الاستياء العارم في صفوف الفاعلين المحليين من وجودها ضمن الحكومة ربما جعلها تبتعد عن المشهد السياسي هناك طيلة حملة الانتساب؛ فيما استطاعت وزيرة البيطرة فاطمة فال بنت اصوينع من الحصول على بعض الوحدات القاعدية على مستوى مقاطعة توجنين بنواكشوط .

في ولاية لعصابة، كانت النتائج هزيلة جدا على مستوى مقاطعة گرو التي ينتمي لها كل من وزير المياه يحيى ولد عبد الدائم و وزير الصيد الناني ولد اشروقة، الذين فشلا في الرفع من مستوى الإقبال الشعبي على حملة الانتساب للحزب الحاكم، لدرجة أن بلدة أدي اجريد مثلا، شهدت تسجيل 3 وحدات قاعدية فقط (150 منتسب)؛ فيما أحرز ولد عبد الدائم 12 وحدة قاعدية فقط على مستوى مقاطعة كرو.

وجاءت الوزيرة الأمينة العامة للحكومة، زينب بنت اعل سالم على مستوى التحدي في مقاطعة كيفه بعد حصولها على عدد كبير من الوحدات القاعدية بفعل بعدها الانتخابي في مقاطعة كيفة التي تنحدر منها؛ وهو ما يجعل حظوظها قوية في الاستمرار في التشكيلة الحكومية القادمة. 

وزيرة الوظيفة العمومية كمبا با، فشلت على مستوى ولاية كوركل، في إيجاد سند سياسي محلي على الصعيد الشعبي؛ ما دفعها إلى الاستعانة بالحلف القوي في مقامة بقيادة النائب انيانغ لتجنب الإقصاء التام من المشهد الحزبي المحلي؛ وبالتالي باتت مهددة بالخروج من الحكومة في أول تغيير وزاري يجريه الرئيس محمد ولد عبد العزيز.

في المقابل أثبتت نتائج حملة الانتساب في ولاية لبراكنة قوة شعبية وزير الاقتصاد والمالية، المختار ولد أجاي، الذي اكتسحت وحداته القاعدية كافة مقاطعة مقطع لحجار وسجل حضورا لافتا في مختلف مناطق الولاية الأخرى بالاضافة كذلك إلى حضوره القوي والمتميز في العاصمة نواكشوط.

نتائج أكدت أن الوزير الشاب بات رقما محوريا في المعادلة السياسية في ولاية لبراكنة وأحد أقوى أعضاء الحكومة شعبية وحضورا سياسيا ومحل توافق غير مسبوق في ولاية تشكل مضمارا تاريخيا للتعاطي السياسي الشرس في موريتانيا؛ ما يجعله من أوفر أعضاء الفريق الحكومي الحالي حظا في الاستمرار على رأس واحد من أهم القطاعات الوزارية وأكثرها ارتباطا بتنمية البلد ومستقبله.

وحقق وزير التجهيز والنقل، محمد عبد الله ولد أوداعة بدوره، نتائج جيدة بحصوله على ما يقارب 60 وحدة قاعدية في ألاگ ومثل ذلك  في كل من بلدية أغشورگيت ومقاطعة بوگي؛ ما أعاده معظم المتابعين للشأن السياسي في الولاية إلى النشاط المتميز والحضور المتواصل للوزير في مختلف المناسبات الحزبية المحلية وتعاطيه الإيجابي مع بعض المنتخبين و الاطر والوجهاء في ولايته.

في المقابل شهدت مقاطعة بوگي حضورا ضعيفا جدا للوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية عيشة بنت امبارك فال التي أحرزت وحدات قاعدية محدودة تضعها على المحك ؛ مثلها مثل وزير الدفاع الوطني جالو ممادو باتيا الذي شكل أداؤه السياسي نكسة حقيقية بالنظر لكونه رئيس لجنة إصلاح الحزب الحاكم؛ حيث تمكن من الحصول على 10 وحدات قاعدية بفضل حلف يقوده الأمين العام لوزارة المعادن والنفط؛ ما يعني حتمية خسارته لعضوية الحكومة في التعديل الوزاري القادم، خاصة بعد سيطرة الحلف المناوئ له و الذي يقوده الجنرال المتقاعد انجاگا جينغ بشكل شبه كامل على المشهد السياسي في مقاطعة بوگي.

وفي ولاية الترارزة تصدر الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، د. الشيخ محمد ولد الشيخ سيديا، المشهد الحزبي في مقاطعة بوتلميت دون منازع؛ حيث أظهرت نتائج تشكيل الوحدات القاعدية للحزب الحاكم قوة التفاف مختلف الفاعلين المحليين حول دعم الرجل والسير في نهجه السياسي ، حيث بات محل الإجماع القوي في بوتلميت .

تصدر ولد الشيخ سيديا المشهد بإحرازه الغالبية الساحقة من الوحدات القاعدية وتسجيل أرقام قياسية من المنتسبين للحزب الحاكم شكلت، من وجهة نظر غالبية المراقبين،قاعدة حقيقية قلبت موازين القوة المحلية لصالح الحزب الحاكم والداعمين للرئيس محمد ولد عبد العزيز.

وفي الركيز حقق وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة، د. محمد الأمين ولد الشيخ، نتائج معتبرة بحصوله على غالبية الوحدات القاعدية رغم قوة المنافسة التي واجهها من قبل حلف الأمين العام لوزارة البيئة محمد عبد الله السالم ولد أحمدواه؛ يرجح أن تشفع له كي يستمر ضمن الفريق الحكومي بعد التعديل الوزاري القادم.

بينما عجزت وزيرة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، هاوا الشيخ سيديا تانديا و وزيرة الشؤون الاجتماعية زينب بنت التقي عن تحقيق أي نتائج تذكر خلال حملة الانتساب الأخيرة؛ ما يجعل وجودهما ضمن الحكومة أمرا مؤقتا.

أما وزير المعادن والبترول، محمد ولد عبد الفتاح فقد كان حضوره قوي على مستوى ولاية انواكشوط بحصوله على نسبة كبيرة من الوحدات القاعدية بالاضافة إلى وزنه الانتخابي على مستوى مقاطعة روصو (بئر السعادة) مما يتيح له المحافظة على مكانته في الحكومة. 

وأظهرت الحملة على مستوى ولاية تگانت وسط البلاد، ضعف الوزن السياسي المحلي لوزير التهذيب الوطني إسلمو ولد سيد المختار الذي لم يحصل على أكثر من وحدتين قاعدتين في بلدية القدية؛ بينما أخفق الوزير المكلف بالميزانية محمد ولد كمبو في تحقيق أي نتائج على مستوى تامورت النعاج التي تم سحقه فيها سياسيا من طرف النائب سيد أحمد ولد أحمد؛ ما جعل حظوظ وزراء الولاية الحاليين في الاستمرار في التشكيلة الحكومية القادمة شبه معدومة.

وفي كيديماغا أسفرت حملة الانتساب عن حصول وزير الصحة البروفيسور كان بوبكر خلالها، على سند شعبي قوي على مستوى مقاطعة سيلبابي مكنته من الحصول على ما يقارب 70 % من مجمل الوحدات القاعدية ما يخوله الاحتفاظ بمنصبه الوزاري.

وزير البيئة والتنمية المستدامة، أميدي كامارا حقق نتائج طيبة على مستوى مقاطعة ولد ينج ربما تمكنه من النجاة لاحقا من طوفان التعدل الوزاري المرتقب رغم المنافسة الشرسة التي يواجهها من الحلف المناوئ الذي يضم مدير الاسكان ولد جعفر و عدد من الوزراء السابقين و السفراء  الحاليين .

ووجهت ولاية آدرار صفعة قوية لوزيرة الزراعة، لمينة بنت امّم التي لم تسجل أي حضور سياسي في مدينة أطار عاصمة الولاية؛ محاولة الاستعاضة عن ذلك من خلال نشاط متأخر على مستوى مقاطعة دار النعيم بولاية نواكشوط الشمالية؛ دون جدوى.

وكانت الوزيرة تطمح لإيجاد موطئ قدم في المشهد السياسي بهذه المقاطعة التي يعتبر والدها الراحل القطب ولد امّم رحمة الله على روحه الطيبة أحد مؤسسيها وأول عمدة منتخب لها بشعبية لا مراء فيها، لكنها لم تنجح في الحفاظ على هذا الإرث السياسي الكبير؛ حسب العارفين بتفاصيل الصراعات السياسية المحلية.

أما وزير الشباب والرياضة محمد ولد جِبْرِيل فتمكن بصعوبة، من إحراز وحدات قاعدية محدودة جدا تعد على أصابع اليد الواحدة في بلدية معدن العرفان التابعة لمقاطعة أوجفت؛ جعلته؛ عرضة لتسونامي التغيير الوزاري المرتقب ، شأنه شأن مفوضة الأمن الغذائي نجوى بنت الكتاب التي لم تسجل أي حضور سياسي يذكر في وأدان.

و في ولاية تيرس زمور فشل وزير التعليم العالي، سيدي ولد سالم من إيجاد أي سند قاعدي مكتفيا بالرسائل المشفرة التي يرسلها لكل من إجتمع به سياسيا ، بأن توجيهاته لرئيس الجمهورية أتت أكلها، مثل مقولته المشهورة أنه هو من أشار لرئيس الجمهورية بقطع العلاقات مع إسرائيل.