نص خطاب رئيس الجمهورية في قمة مالابو

-A A +A
اثنين, 2014-09-15 16:59

دعا رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز خلال خطاب ألقاه اليوم الاثنين أثناء مشاركته في قمة ملابو العلماء والباحثين الأفارقة إلى "تكثيف جهودهم في مجال علم الفيروسات لوضع حد لهذا الوباء.

و طالب ولد عبد العزيز في خطابه الافارقة إلى الإسراع بتنفيذ مشروع المركز الإفريقي للوقاية من الأمراض ومحاربتها" طبقا لنص الخطاب التالي:

"بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم

صاحب الفخامة السيد الرئيس تيودورو أوبيانغ انغيما امبازوغو:

أصحاب الفخامة السادة الرؤساء؛ صاحبة المعالي السيدة إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)؛ السادة المدعوون الكرام؛ أيها السادة والسيدات؛ يطيب لي، في البداية، أن أتوجه بخالص الشكر إلى أخي صاحب الفخامة السيد الرئيس تيودورو أوبيانغ انغيما امبازوغو، على الدعوة الكريمة التي وجهها إلي للمشاركة في "حفل تسليم الجائزة الدولية اليونسكو-غينيا الاستوائية للبحث في علوم الحياة"؛ كما أعبر لفخامته، و من خلاله لشعب وحكومة جمهورية غينيا الاستوائية الشقيقة عن امتناننا لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظينا بهما منذ أن وصلنا مدينة مالابو الجميلة. كما أحيي الدور الكبير الذي تقوم به منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، في مجال تشجيع البحث العلمي ، و تكريم المؤسسات و الأشخاص الذين ينجزون أعمالا علمية متميزة في مجالات مختلفة تسهم بشكل مباشر في زيادة تقدم و رفاه الإنسانية.  و بهذه المناسبة يطيب لي أن أثمن الدور البارز، الذي تقوم به صاحبة المعالي السيدة إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية و الثقافة و العلوم (اليونسكو)، و أن أهنئها على النجاحات التي حققتها خلال هذه الفترة الوجيزة، و نتوقع للمنظمة الدولية المزيد من الدينامية و التطور في ظل قيادتها.  وأحيي أيضا جمهورية غينيا الاستوائية على الاهتمام الكبير الذي توليه للبحث العلمي الهادف إلى الرقي بالمعارف البشرية في مجال علوم الحياة، خدمة للإنسانية. كما أنتهز هذه المناسبة ، لأتقدم بأحر التهاني للعلماء ، و الباحثين، الذين استحقوا بجدارة هذا التكريم ، على الأعمال العلمية الهامة ، التي أنجزوها و التي سيكون لها الأثر البالغ في تقدم المعرفة في مجال علوم الحياة ، كما سيكون لنتائجها تأثير إيجابي كبير في مجالات تطوير الزراعة ، و تقدم البحوث البيولوجية المتعلقة بالخلايا الجذعية و تطبيقاتها في المجال الطبي، و العمل على مكافحة الأمراض الفتاكة والأوبئة مثل السل و الملاريا، و مرض نقص المناعة المكتسبة (السيدا).

و هي قضايا يوليها القادة الأفارقة اهتماما بالغا تجسد من جهة، في إعلانهم "سنة 2014 سنة الزراعة و الأمن الغذائي"، و من جهة أخرى تكوين لجنة عمل مرصد السيدا في إفريقيا. إن بعض بلداننا الإفريقية تواجه ، اليوم ، تحديا خطيرا يمثله فيروس إيبولا الفتاك، الذي قضى، في فترة وجيزة على العديد من الضحايا دون أن تمكن الإجراءات المتخذة من الحد من خطورته، أو إيقاف انتشاره.  و يفرض هذا التحدي على العلماء و الباحثين الأفارقة تكثيف جهودهم في مجال علم الفيروسات لوضع حد لهذا الوباء. في هذا السياق أدعو إلى الإسراع بتنفيذ مشروع المركز الإفريقي للوقاية من الأمراض ومحاربتها، الذي قررنا ، في قمة أديس أبابا ، إنشاءه. كما أدعو إلى إنشاء مركز إفريقي للبحوث الزراعية و البيطرية يمثل إطارا معرفيا للباحثين الأفارقة، يساهم في تحسين المحاصيل الزراعة ، ويتيح استغلالا أمثل لمنتجات الثروة الحيوانية بغية تحقيق الأمن الغذائي في القارة. أصحاب الفخامة ؛ أيها السادة و السيدات؛ يمثل تطوير العلوم، و تشجيع البحث العلمي أحد الرهانات الأساسية لبلدان القارة الإفريقية

فالقضايا الإفريقية الكبرى لن تجد حلولا ناجعة إلا من خلال توجيه البحث العلمي ، رفيع المستوى، إلى تلك القضايا.  ففي مجال البحوث الطبية، يجب أن تحظى الأمراض التي يعاني منها سكان القارة بما تستحقه من عناية. فلا تزال أمراض، و أوبئة، عديدة تفتك بشعوب القارة، دون أن تجد الاهتمام اللازم من طرف الباحثين، ليتم الحد من خطورتها. فالملاريا، مثلا التي تفتك سنويا بآلاف الأفارقة، لا تزال بدون لقاح حتى الآن. في نفس السياق يواجه العالم اليوم، بارتباك كبير، فيروس إيبولا وهو يفتك بالآلاف من الأفارقة، دون أن تكون هناك إمكانية حقيقية لإنقاذهم. فرغم اكتشاف الفيروس منذ عقود، لم يتوصل بعد إلى علاج شاف للحمى النزيفية التي يسببها. إن على إفريقيا أن تعول، في مجال البحث العلمي، على مقدراتها الذاتية، و قدرة باحثيها و علمائها، على إحداث تغيير قد يفتح آفاقا جديدة أمام تحولها المنشود.  إن الشباب الإفريقي الفاعل في الحقل العلمي قادر على إحداث ثورة علمية تطور الممارسة و تجدد المفاهيم. فلا يكاد يخلو مركز أبحاث علمية متقدمة من نخبة من العلماء الأفارقة في مجالات علمية مختلفة، و قد فاز بعضهم بجوائز علمية دولية مرموقة، مثل جوائز نوبل.

أصحاب الفخامة ؛ أيها السادة والسيدات؛ وعيا من الأفارقة بأهمية البحث العلمي، أكد ميثاق الاتحاد الإفريقي على ضرورة العمل على تنمية القارة من خلال تشجيع البحوث في كافة المجالات، وخاصة في مجال العلوم والتكنولوجا، فأنشأ قطاعا يعنى بوضع برنامج استراتيجي لتطوير العلوم و التكنولوجيا. كما أنشأ الإتحاد الإفريقي في التاسع من سبتمبر عام 2008، بدعم من شركائه في التنمية، برنامج "الجائزة العلمية للإتحاد الإفريقي" ، تشجيعا للباحثين الأفارقة، و توطينا للبحث العلمي بهدف إيجاد حلول علمية للمشكلات و التحديات التي تواجه القارة.  و في شهر يوليو من سنة 2010 قرر رؤساء دول وحكومات الإتحاد الإفريقي إعادة تسمية هذا البرنامج ليصبح " جائزة الإتحاد الإفريقي العلمية كوامي نكروما" تخليدا لذكرى مناضل إفريقي كبير وهب حياته لقارته.

  و قد روعي في الجائزة تشجيع جهود الباحثين الشباب على المستوى الوطني، و مكافأة النساء العالمات على المستوى الجهوي، وتحفيز التنافس الإيجابي بين العلماء و الباحثين على المستوى القاري.

و ننوه إلى أن أحد العلماء الذين نكرمهم اليوم سبق أن فاز بهذه الجائزة الإفريقية الرفيعة. أصحاب الفخامة ؛ أيها السادة والسيدات؛ إن إسهام افريقيا الفعال في الإرث الحضاري للبشرية، و المكانة الرفيعة التي يحتفظ لها بها التاريخ ، يحتمان على أبنائها اليوم المشاركة الفعالة في بناء الحضارة الإنسانية القائمة على العلم و المعرفة.  وهو ما يفرض على العلماء الأفارقة بالإضافة إلى البحث في الإشكالات المحلية، التعاطي مع القضايا الكونية الكبرى.  فما يميز الممارسة العلمية هو تجاوزها للأطر الثقافية و الحدود الجغرافية لتعبر عن العقل البشري في أرقى تجلياته. 

لقد أصبح العالم اليوم، في ظل العولمة، قرية صغيرة يتعاون سكانها على إدارة شؤونهم بالطرق الأكثر نجاعة، ويجدون في المعرفة العلمية خير سند لذلك. وفي الختام، أجدد الشكر لأخي صاحب الفخامة السيد الرئيس تيودورو أوبيانغ نكيما امبازوغو، و من خلاله لشعب و حكومة غينيا الاستوائية الشقيقة على حفاوة الاستقبال و كرم الضيافة الإفريقية الأصيلة. أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.