وزيرة اردنية تدوس على علم اسرائيل

-A A +A
خميس, 2019-01-03 08:54

يَصعُب علينا فَهْم الاحتِجاجات التي صَدَرت عن دولةِ الاحتِلال الإسرائيليّ بسَبب دَوْس السيّدة جمانة غنيمات، وزيرة الإعلام الأُردنيّة، على علَمٍ إسرائيليٍّ جَرى رَسمُه على أرضيّة ممَر إلى بِنايةٍ عامّةٍ، مِثلَما يَصعُب علينا في الوَقتِ نفسه القُبول برَدَّة الفِعل الحُكوميّة الأُردنيّة على هَذهِ الاحتِجاجات والتَّجاوب معَها بصُورةٍ إيجابيّةٍ.

دَولة الاحتِلال الإسرائيليّ لا تَدوس على أعلامِنَا، وإنّما على كرامَتنا كعَرب ومُسلمين بصِفةٍ شِبه يوميّة، سَواء مِن خِلال عُدوانها الإجراميّ في قِطاع غزّة أو الضِّفَّة الغربيّة، وإطلاق النَّار بهَدف القَتل على مَدنيين أبْرِياء سَواء يُشارِكون في مَسيرات العَودة بشَكلٍ سِلميٍّ، أو يتَظاهرون ضِد الاستِيطان، وعمليّات تَهويد المُقدَّسات في العاصِمَة الفِلسطينيّة التاريخيّة المُحتَلَّة.

الحُكومة الأُردنيّة يَجِب أنْ لا تُعير هَذهِ الاحتِجاجات أيّ اهتمام، وأن تُذَكِّر المُحتلِّين الإسرائيليين بأنّهم ألحَقوا إهانةً لا تُغتَفر عِندما أطلَق أحَد حُرّاس السِّفارة الإسرائيليّة في عمّان النّار على مُواطِنين أُردُنِيّين وقَتْلِهِما بدَمٍ بارِدٍ، ولمْ تَستَجِب حكومة بنيامين نِتنياهو لأيٍّ مِن المَطالب الرسميّة الأُردنيّة في مُحاكَمة القاتِل، أو حتّى احتجاجِها على استقبالِه استقِبال الأبطال بعد عَودتِه إلى تل أبيب بعد يومٍ واحِدٍ مِن ارتِكابِه جَريمته.

العَلم الإسرائيليّ يُشَكِّل رمْزًا للعُدوان والاحتِلال وسَفْك الدِّماء، والدَّوس عليه هو أحَد أوجُه المُقاومة في حُدودها الدُّنيا، وإذا كانَ الإسرائيليّون لا يَعرِفون هَذهِ الحَقيقة، أو يتَجاهلونها، فيَجِب أن يكون هُناك مَن يُبادِر بتَذكيرها بِها، وهذا ما قصَده الذين رسَموه على الأرض في أحد الممرّات لكيّ يَدوس عليه المارّة، ومِن بَينِهِم السيّدة غنيمات.

لا نُريد للأُردن الذي يَملُك مَخزونًا هائِلًا مِن الوطنيّة وشَعب يحتل الصُّفوف الأُولى في الدِّفاع عَن المُقدَّسات في فِلسطين المحتلة، أن يتحوَّل إلى “مَلطَشة” لحُكومة دولة الاحتلال، تُحاسِبُه على كُل صَغيرةٍ وكَبيرة، وتتَصرَّف معه كما لو أنّه خاضِعٌ لانتِدابِها، نُريد مِن الحُكومة الأُردنيّة أن تَقِف إلى جانِب وزيرَتها السيّدة غنيمات، داعِمةً مُساندةً أوّلًا، وأن تَرفُض هَذهِ الاحتِجاجات الإسرائيليّة الاستِفزازيّة ثانِيًا، لأنّ الدَّوس على العلمِ الإسرائيليّ هو تَعبيرٌ مَشروعٌ عَن مَشاعِر الغَضب لدَى الشعب الأُردنيّ تُجاه الاحتِلال وجرائِمه، وجَميع شُعوب العالم تَحرِق أعلام الأعداء ولا تَدوس علَيها فقط، بِما في ذلِك عَلم الولايات المتحدة، الدولة الأقْوَى في العالم.

يَجِب أن تُوجِّه الحُكومة الأُردنيّة رسالة احتِجاج مُضادَّة إلى العَدو الإسرائيليّ، تَرفُض فيها هَذهِ الاحتِجاجات، وتُؤكِّد أنّ الأُردن ليسَ “حيطَة واطِية”، وأنّ الشَّعب الأُردنيّ الذي يتَظاهر ضِد حُكومته في وضَح النَّهار مِن حقّه أن يُعَبِّر عن مَشاعِره تُجاه الاحتِلال الإسرائيليّ وجرائِمه، بكُل الطُّرُق والوسائِل، والدَّوس على عَلمِ هذا الاحتِلال هو سُلوكٌ حَضاريٌّ يُمَثِّل الحَد الأدنَى في هذا الإطار.