عباس يقول لن اقبل.. وسؤالنا ماذا ستفعل؟

-A A +A
اثنين, 2019-01-07 10:20

د. فايز أبو شمالة

هل تناقش اللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية خطابات السيد عباس، وتراجع ما يقوله في اللقاءات؟ هل هم يعرفون موقفه السياسي مسبقاً من كافة القضايا؟ أم لا تعنيهم كثيراً الأقوال؟ وهل يعرفون بماذا يفكر السيد عباس بشأن القضية الفلسطينية؟ أم يتحايلون على الوقت؟.

في خطابه الأخير أمام الكتاب والمفكرين في القاهرة، قال السيد عباس أشياء كثيرة في السياسة، تستوجب الوقوف، وتستوجب النقاش، وتستوجب المراجعة، وعلى سبيل المثال، فقد قال:

لن أقبل عدم إجراء انتخابات في القدس. واكتفى السيد عباس بهذه الجملة، ولم يقل لنا ماذا سيفعل للتطبيق العملي لعدم القبول؟ وما هو الموقف الرسمي في حالة رفض إسرائيل إجراء انتخابات في القدس؟ هل سيقاتل، ويفرض انتخابات تشريعية في القدس رغم أنف الصهاينة؟ وكيف؟ أم هل سيؤجل كل الانتخابات تحدياً، وإصراراً؟ ما دلالات ذلك؟ وإلى أي مدى ستفرض جملة “لن أقبل” نفسها على أرض الواقع، أم هي مجرد كلمات، سينساها الناس؟!

في المجتمعات النقية الذكية الحية الأبية لا تمر كلمات المسؤولين بلا مراجعة، وبلا قراءة للخلفية والعواقب، العقلاء يناقشون جملة” لن أقبل” ويفكرون بنتائجها، وآثارها، والبلهاء تمر عليهم الجمل والكلمات كما تمر الريح على صخرة صماء، ولا تترك خلفها إلا الصفير أو التصفيق!!

وللتذكير فقط، فقد صفقوا كثيراً حين قال السيد محمود عباس، وفي مناسبات عديدة: إنه لن يقبل بقرارات الحكومة الإسرائيلية بشأن التوسع الاستيطاني، ولن أقبل باستمرار اقتحام المدن الفلسطينية، ولن يقبل بعدم التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة، فماذا فعل؟ هل ذهب غبار التصريحات مع الريح، ليظل الأمر مستوطنات عنيدة قائمة على حالها، وحال القيادة الإسرائيلية الذي يقول: اقبل، أو لا تقبل يا سيد عباس، هذا شأنك، وشأن من يصفقون لك خطيباً، ولكن شأن إسرائيل تديره الحكومة الإسرائيلية وفق مصالحها!!

في الخطاب نفسه الذي ألقاه السيد عباس على مسامع الكتاب والمفكرين في القاهرة يقول عباس:

“إن العلاقة مع إسرائيل متأزمة؛ لأنهم أصبحوا أكثر شراسة في الاستيطان، واستباحوا بعض المناطق، ويمكن أن نعيد النظر في اتفاق باريس الاقتصادي، وطلبنا منذ شهر إعادة النظر في الاتفاقات التي بدأت عام 1993 إذا صمموا على مواصلة الانتهاكات”.

ثلاث ملاحظات أسجلها على عبارة السيد عباس قصيرة المدى هذه:

أولاً: العلاقة مع إسرائيل متأزمة!! فقط متأزمة يا سيد عباس!! أهذه هي العلاقة مع الاحتلال؟!

ثانياً: يمكن أن نعيد النظر!! فقط يمكن يا سيد عباس! يمكن! وأين قرارات المجلس المركزي؟!

ثالثاً: إذا صمموا على مواصلة الانتهاكات!! فقط إذا صمموا يا سيد عباس!! إنهم مصممون.

وفي سياق الخطاب ذاته المليء بالملاحظات، يضيف السيد عباس، ويقول:

“إن هناك 720 قرارًا متعلقة بالقضية الفلسطينية اتخذتها الأمم المتحدة ولم يطبق أي قرار منها”

فهل السيد عباس وكالة أنباء، أم مركز أبحاث، أم مؤسسة دراسات، ليطلعنا على الخبر؟ ماذا يفيد ذكر الخبر دون تحديد موقف؟ ماذا ستفعل إزاء هذا التجاهل؟ هذا هو المطلوب من المسؤول، وليس مجرد ذكر الخبر، والتصفيق الذي يثير الغبار فقط!

ملاحظة أخرى؛ يقول عباس: “ليس لدي قوات أحارب بها، ولكني أملك أن أقول: لا”

ألا تعني هذه الجملة الاعتراف الرسمي بالهزيمة، والاقرار بعدم الحيلة، والاستسلام؟! وهل هذا هو رأي الشعب؟ وهل حقاً لا يملك الفلسطينيون قدرات وامكانيات لمقارعة الاحتلال؟

ملاحظة أخيرة؛ يقول عباس في الخطاب نفسه، وبناءً على ما سبق من مواقف سياسية:

“إن القضية الفلسطينية ليست سهلة، ومن يقول أنه يمكن إنشاء دولة فلسطينية خلال 15 سنة كاذب”، وفي تقديري أن هذه أصدق جملة قالها السيد عباس، وهنا ينبري السؤال: وما فائدة التعاون الأمني؟ ومن الذي ربح الزمن؟ وأين ما وعدتم به الناس من دولة على مدار عشرات السنين من المفاوضات؟ هل هي أضغاث أحلام؟!

كاتب فلسطيني