الرئيس ووزارة الشباب... والشباب ! / دداه محمد الامين الهادي

-A A +A
أربعاء, 2014-10-22 14:40

منذ أن اتجهت بوصلة سياسة الرئيس محمد/عبد العزيز إلى قضية إشراك الشباب في تدبير الشأن العام والمتاريس تتداعى لكن بصعوبة بالغة، فالواقفون بوجه الشباب في كل مرة يتحدون أحلام الأجيال الجديدة، ويصدونها بحواجز واهمة، زاعمين الخبرة لهم، والتجربة لهم، وحتى الشباب لهم،

ولهم منحة سماوية، هي هذا المنتبذ القصي، والعصي بحكم أنانية بشره، وصلابة حجره.

والحقيقة التي لا مراء فيها-ولست مطبلا ولا متزلفا- هي أن الدماء الجديدة ضخ منها ما ضخ في شرايين مختلف القطاعات الحكومية، فاكتتب الشباب قضاة، وإداريين مدنيين، ومستشارين في الخارجية، وصحافة، ومجندين، وجمركيين، وأمن طرق، وأساتذة، ومعلمين، ومهندسين، وممرضين، وحتى أساتذة جامعيين،  وإن قلوا في قطاع قياسا بآخر...

واليوم أذكر تماما أن من أهم الاكتتابات، التي قام به الرئيس محمد ولد عبد العزيز اكتتابه لدفعة من أطر الشباب والرياضة سنة 2010، وهي دفعة اختيرت من بين مثقفي البلد، وشارك إلى جانبهم من دخلوا فيما بعد إلى الوظيفة عبر بوابات أخرى على كثرتهم، فكثيرون من نخبة البلد شاركوا آنذاك في تلك المسابقة، التي كانت باكورة التسرب الشبابي إلى التوظيف، ومثلت بداية قطيعة مع الماضي نوعا ما، ذلك الماضي الذي لم تكن فيه اللجنة الوطنية للمسابقات، ولم يكن فيه الولوج إلى الوظيفة إلا نوعا من أنواع التوريث، وحظوة البعض عند عارفيه، وماتت فيه الشهادة، وقبرت الأحلام، ولا أبالغ إن قلت أن ذلك الماضي لم يمت تماما، وله سدنة كعبته، ومن يأكلونه قرابينا، ويشربونه سلسبيلا، ويفجرون عيونه تفجيرا.

نعم، فالشباب الجدد لا تزال العراقيل تسد الطريق أمامهم، ولا يزالون معزولين في الوزارات، وفي ممرات الوزارات، حيث يقف في طريقهم ظلاميون، لا يريدون لسنة الله في الخلق أن تكون-والعياذ بالله-، يريدون أن يبدلوا تبديلا، وأن يجعلوا الأرض ومن عليها خواتم في أصابعهم هم وجوقتهم.

إن كثيرين لا يريدون لشبابنا أن يتطور، وأن يكون طاقة حية وفاعلة في المجتمع، ويسومون الشباب سوء السباب والشتيمة، وينغصون عليه عيشه، وعمله، وطموحاته المحقة، ولكن دعوات مستجابة –ربما- لحملة الشهادات العاطلين عن العمل جاءت برئيسنا الحالي للحكم، من يدري، والشباب كله مثقفا وأميا كان غارقا في أتون الرفض والمجابهة، ومنه الصالحون، ومنه دون ذلك، ومنه الساهرون ليلا على الاستغفار والدعاء طلبا لروح الله، والفكاك من القلة والذلة والفقر، وضنك العيش، واللأواء.

ولإنني أردت السباحة هنا في تيار الشباب، ووزارة الشباب فسأعود من التقديم، أعود لأرى الرئيس محمد/عبد العزيز أنجز شيئا يذكر، أنجزه من شيء لم يكن شيئا مذكورا، من الشباب المثقف المهمش، ومن وزارة كانت هي الأخرى مهمشة، وعلى قارعة الطريق على أنها بلا معنى، فصار الشباب أطرا وكفاءات في وزارة الشباب، وصارت الوزارة قائمة بذاتها، وفيها سياسة وطنية مطبقة في مجال الشباب والترفيه والرياضة، صدرت في 2010، وتم تحويل مركز أطر الشباب والرياضة إلى معهد، ولكن شباب الرئيس المكتتبين ظلوا عند الباب.

أيها القراء الكرام، نعم ظلوا عند الباب، فإشراك الشباب في التسيير والتدبير حتى الساعة كان ضعيفا، إلا أن الوزيرة الجديدة حاليمتا/كيتا –وهي شابة كانت مهمشة- بدأت فعلا في وضع لبنات جديدة في الطريق، لا زال المتتبعون للشأن ينظرون إليها بكثير من الترقب، ويعلقون عليها الآمال، فمنذ أسبوع تمت ترقية مجموعة من أطر الوزارة، كان من بينهم عدد من الشباب، صار أحدهم مديرا، وصار الثاني مديرا مساعدا، فيما صار مدير ترقية الشباب السابق سيد محمد/الطالب مكلفا بمهمة في ديوان الوزيرة، وهو شخص معروف بدفاعه المستميت عن خيارات رئيس الجمهورية، وخاصة في مجاله، مجال الشباب، حيث في كثير من الندوات والطاولات المستديرة يعبر سيد محمد عن رغبة صادقة في أن يتبوأ شباب وزارة الشباب أماكنهم، وفي أن يكونوا في ما يليق بهم كأطر وكفاءات، وهو مجهود يذكر له فيشكر.

وتتحدث تسريبات ليست بالقليلة عن توصية خاصة أوصى به الرئيس وزيرته الجديدة، حيث يؤكد على ضرورة إشراك الشباب في القطاع، وعلى أن قراراته التاريخية النظرية والعملية في مجال إشراك الشباب ماضية للأمام، ولا تراجع فيها، ولا أدل على ذلك -في نظرنا- من تعيين مدير ديوان الوزير الأول الدكتور محمد/جبريل، وتعيين الوزيرة حاليمتا/كيتا، وقبل ذلك تعيين وزيرات قبلها على رأس القطاع من الشباب.

ولا أدل أيضا على أن خيارات الرئيس في مجال الشباب جدية أبلغ من وجود ولاة وحكام ومستشارين من الشباب، حتى أن وزراء في قطاعات أخرى اختيروا من بين الشباب، كما هو حال وزير الشؤون الإسلامية.

ويبقى المجلس الأعلى للشباب خيارا موفقا هو الآخر، حيث سيعول عليه كهيئة استشارية إذا ما وجد في الكثير من القضايا المتعلقة بالشباب، ومن خلاله وبالتعاون طبعا مع كافة الجهات الحكومية المعنية سيتم تجاوز عقبات كأداء كانت تؤرق الشباب، وتنغص عليه عيشه، مثل البطالة وانعدام فرص العمل والمواءمة بين الشهادات وبين سوق العمل، وتمويل المشاريع الصغيرة، والتكوين، والتأطير.