في إطار التنازلات المُتدرجة التي تُقدمها السلطة … سحبُ مُهمة تنظيم الانتخابات الرئاسية من وزارة الداخلية

-A A +A
اثنين, 2019-06-10 09:00

تُواصلُ السُلطة في الجزائر تسيير الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذُ تنحي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في أبريل / نيسان الماضي، حيث تتجه إلى سحب مُهمة تنظيم الانتخابات الرئاسية ومُراقبتها من مصالح وزارة الداخلية التي ظلت تُشرف على العملية لسنوات.

واقترحت السُلطة، تشكيلة هيئة جديدة تُسندُ لها هذه المُهمة، استجابة للحراك والطبقة السياسية بالأخص المعارضة، في محاولة منها للتخفيف من حدة الضغط المفروض عليها من جهة واستدراج الأحزاب السياسية للحوار في إطار إيجاد حل للانسداد السياسي الذي تشهده البلاد.

وتتشكل هذه الهيئة وفق ما تناقلته وسائل إعلام محلية من خمسة مائة وثمانين عضو، يختارون من المواطنين وممثلين عن المجتمع المدني والتنظيمات الاجتماعية وممثلين عن مساعدي العدالة، ويُشترط في عُضوية السلطة الوطنية أن يكون ناخبا، أن لا يكون محكوما عليه بحكم نهائي لارتكاب جناية أو جنحة سالبة للحرية، ولم يرد اعتباره باستثناء الجنح غير العمدية، أن لا يكون منتخبا في أحد المجالس الشعبية المحلية أو البرلمان، أن لا يكون منتميا لحزب سياسي، أن لا يكون شاغلا لوظيفة عليا في الدولة.

وتشرعُ هذه الهيئة في مُمارسة عملها، مع بداية استدعاء الهيئة الناخبة إلى نهاية الإعلان عن النتائج النهائية، وتخضع لقواعد وآليات تشدد على الحيادية والشفافية والمصداقية، وتُسند لها مهام تنظيم الانتخابات ومراقبتها، التي كانت في السابق مُدرجة ضمن مسؤولية وزارة الداخلية والهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات، والتي جرى تشكيلها وحلها من قبل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وتتمثل مهات الهيئة في استلام ملفات الترشح المتعلقة بالانتخابات التشريعية والمحلية والبت في مطابقتها للأحكام القانونية المتعلقة بالترشح بموجب مقرر معلل قانونا ومقرراتها قابلة للطعن أمام المحكمة الإدارية المختصة إقليميا، كذلك منحت السلطة الوطنية صلاحيات عامة في مجال رقابة الانتخابات، تتمثل ” في تدخل السلطة الوطنية تلقائيا، في حالة كل خرق لأحكام القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.

وأوضح الصحفي المتخصص في الشأن السياسي، احسن خلاص، في تصريح لـ “رأي اليوم” أن تشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات ومراقبتها والإشراف عليها هي بمثابة تنازل جديد من السلطة التي تسعى جاهدة لتخفيف حدة الضغط المفروض عليها، ويقول إن الذهاب إلى انتخابات مفتوحة يشترط توفر إرادة سياسية لتغيير النظام تماما  أنه لا يعقل أن تعوض سلطة تنظيم الانتخابات الإدارة بأكملها وهي جهاز ثقيل وضخم من الموظفين التابعين لوزارة الداخلية، ويرى احسن خلاص أنه حتى إن فعلت السلطة ذلك فهذا يتطلب وقتا طويلا  وتكوينا وخبرة في تنظيم الانتخابات لا تتوفر إلا لدى أعوان الإدارة، ويؤكد الصحفي المتخصص في الشأن السياسي أن القضية ليست في تشكيل هذه الهيئة بل في الإمكانيات البشرية والمادية التي يجب أن تتوفر لها لتغطية أزيد من 50 ألف مكتب تصويت وجهاز كامل لنقل الأصوات وفرزها والتحقق من صحة الاقتراع وغيرها.

ومن المُرتقب أن يستدعي رئيس الدولة الجزائرية المؤقت عبد القادر بن صالح، في القريب العاجل، الهيئة الناخبة من جديد، والإعلان عن موعد جديد للاستحقاق الرئاسي الذي أُلغي للمرة الثانية على التوالي، رُغم تعاظم الرفض الجماهيري والسياسي ضده، حيث تجددت اليوم الأحد الاعتراضات السياسية والشعبية على استمراره في منصبه وتمديد عهدته إلى ما بعد التاسع من يوليو / تموز القادم.

واعتبر رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله ( واحدًا من الوجوه الإسلامية البارزة في الساحة السياسية ) أن بقاء عبد القادر بن صالح في منصبه “ظلم وتجاوز سياسي”، وقال إنه “ليس أمام رئيس الدولة إلا مغادرة المنصب، وليس أمام المؤسسة العسكرية إلا واجب مساعدة بن صالح على المغادرة، والعمل على تحقيق مطالب الشعب بتسليم السلطة إلى شخصيات مدنية يحترمها الشعب، وتكون أهلًا للتحضير الجيد للعودة إلى المسار الانتخابي بالصورة التي سبق شرحها في أكثر من رسالة سابقة “.

من جهته أكد بيان لجبهة القوى الاشتراكية رفضه مقترحات بن صالح بشأن إجراء حوار تمهيدي يسبق إجراء الانتخابات الرئاسية.

واعتبر بيان نشره الحزب الأحد أن السلطة “تسعى إلى كسب الوقت على أمل تراجع وتراخي الثورة الشعبية، ولمحاولة فرض الوضع الراهن أو تعفن الأوضاع، أمام فشلها في إجبار الجزائريات والجزائريين على قبول انقلاب انتخابي آخر “.

وأضاف البيان أن “السلطة الحقيقة في الجزائر تبدي تمسكا عنيدا بالمسار الدستوري، الذي تجاوزه الزمن والأحداث، وانتقده الشعب الجزائري، وتتجاهل التطلعات المشروعة للشعب الجزائري المعبأ منذ أكثر من أربعة أشهر للمطالبة بتغيير جذري للنظام وإرساء الجمهورية الثانية، من خلال انتقال ديمقراطي حقيقي “.