لماذا لا نقرأ مستقبل موريتانيا / المختار ولد أعبيدي

-A A +A
أحد, 2015-03-01 15:37

علم المستقبليات أو الدراسات المستقبلية هو علم يختص بالمحتمل و الممكن مستقبلا و معرفة الفرص المُتاحة و القيود المفروضة أو التهديدات و المخاطر الناجمة، بهدف تحديد صورة مستقبلية لبلد معين أو لدراسة حالة مهمة و يركز هذا العلم على المستقبل الممكن من خلال أمثلة يوضح

من خلالها العلاقات و التشابكات التي تقوم على ثلاثية الماضى و الحاضر و المستقبل و العلاقة التناغمية القائمة بينهم بحيث يتم وصف دقيق لمختلف الأحداث المحتملة و تحليل نتائجها و ربطها دون نسيان مشاكل التنمية و الإعلاء من الاعتبارات الإقتصادية و الاجتماعية إضافة لنظرة فاحصة لأهمية تاريخ الأفكار التي تدفع المجتمع في اتجاه معين، و معرفة القيم التي جاءت من الماضي ما يعنينا هنا في موريتانيا فيما يتعلق بالدراسات المستقبلية هو كيفية دراسة الموقف الذي يتخذه المجتمع الموريتاني تجاه ماضيه، و المساحة التي يعطيها لفاعلية التاريخ في حاضره. فما يؤثر على المستقبل هو كيفية دراسة الماضي، و تنمية الوعي و الإحساس بالتاريخ.هناك خلاصات يمكن استخراجها من كل عملية أستشراف مستقبلى معمقة اذا ما صحت استنتاجاتها التي توصل إليها لذا يجب التركيز على مدى قدرة الموريتانيين و إرادتهم و صدق عزمهم و كامل وعيهم بما يحاك و يخطط له على أرضهم  فالموريتاني في كل الأحوال هو إنسان و يمكن أن يحسم أمره و يأخذ مكانه تحت الشمس بعيدا عن الوصايات المقيتة و الاستغلال الفاحشمن أهم المؤشرات لقياس حاضر دولة كموريتانيا مستوى المشاركة الشعبية في أنظمة الحكم المتعاقبة و مدي تبني سياسات اقتصادية أكثر شفافية، و وضع نهاية للمحسوبية العائلية، و إنهاء النزاعات القبلية لذالك كانت وسائل الإعلام الغربية دائما تتساءل ما إذا كانت دول أفريقيا ستتعافى مرة أخرى من الصراعات و الأمراض، أم أنها ستعجز عن ذلك؟الغريب أن كل شركات الاستثمارات العالمية ترى أن أفريقيا لديها بعض الفرص الواعدة، بل الأكثر أملاً في الواقع في تحقيق نمو اقتصادي كبير و أن موارد أفريقيا الطبيعية ستواصل جذبها للاستثمارات الخارجية، إلا أن الفجوة بين الفقراء و الأغنياء فيها يمكن أن تؤدي إلى توليد المزيد من احتمالات عدم الاستقرار و بلدنا موريتانيا لا يمكن فصله عن عمقه الإفريقي إذا نظرنا بذكاء لجغرافيتنا السياسية و وضعنا خريطة مفاهيمية تسمح لنا بقراءة ثابتة و رصينة بعيدة عن التبسيط إن لم أقل السذاجة فعلى سبيل المثال في دراسة علمية أستشرافية جديدة أعدتها وكالة المخابرات الأمريكية بخصوص مستقبل العالم الى حدود 2025 نشرت مأخرا و يتعلق جزء منها بطبيعة الحال بمستقبل قارتنا السمراء خلاصتها تقريبا أن الخوف المبالغ فيه بخصوص شح المواد الأولية دفع بالصين الى الاهتمام المتزايد بإفريقياموريتانيا كدولة تنتمي لإتحاد المغرب العربي ينبغي لصناع القرار فيها إدراك الإشكاليات الأمنية و الإستراتيجية لهذه المنطقة و البحث عن التحالفات و العداوات بين دول المغرب العربي.فكل من الجزائر و المغرب تستعمل عديد الوسائل الدبلوماسية و السرية الاستخباراتية لكي تفوز بدور قيادي و تفرض هيمنتها على هذه المنطقة الغنية بالثروات كما أن أثر التغيرات المناخية على الأمن الغذائى  يعد من أكبر التحديات التى تواجه الإنسان فى الوقت الحاضر ذلك أن حياة الإنسان و أنشطته تتغير بتغير الظروف المناخية التى يعيش فيها كما أن دول الساحل المجاورة تمثل ملجأ آمنا نسبيا لشبكة الجماعات المسلحة الدولية و يمثّل هذا الفضاء منطقة رمادية تسهل فيها المعاملات غير المشروعة كتجارة الأسلحة و المخدرات و السيارات و السجائر و المواد الأولية و الاتجار بالبشر و دفن المخلفات النووية و هي كذلك تعد منطلقا للهجرة غير الشرعية، إذ تمثل إفريقيا الشمالية معبرا للحدود الأوروبية، فالتفاوت الاقتصادي و الضغط الديموغرافي يشجعان على خلق تيارات هجرة كبيرة من الصعب التحكم بها كما أن صراع الدول العظمى سعيا إلى السيطرة على الثروات النفطية في المنطقة (النفط والغاز و اليورانيوم) في هذا المجال الجيوسياسي بادي للعيان لقطع الطريق على الصين التي تسعى أيضا إلى تأمين مواردها المستقبلية من خلال الحفاظ على تمركزها جغرافيا و استراتيجيا بالمنطقة و الواقع أن بعض القوى العظمى تسعى إلى تعزيز وجودها بالمنطقة لضمان السيطرة التامة على ثرواتها، و ذلك بتقويض كل محاولات التقارب بين أطرافها لذالك يجب التأكيد على أنه من الناحية الاستشرافية، يعتبر التعاون و التشاور الاقتصادي السبيل الناجع في المعاملات المعاصرة لضمان الاستقرار و التنمية بالمنطقة دون أن ننسي أنه هناك سيناريو آخر على المدى القصير، يمكن أن يصوِّر لنا ساحلا مليئا بالأزمات و متفجرا و منقسما و محل تنافس بين القوات الأجنبية الباحثة عن مرتكزات إستراتيجية بالمنطقة.

من البديهى القول أن تحول موريتانيا  إلى مرحلة أكثر رخاء و ثبات يقتضي تلافي الأخطاء التي حدثت خلال الفترات الماضية، و على رأسها عدم المساواة في توزيع عائد النمو كما يحتاج الأمر أيضا إلى تفعيل الحوكمة على صعيد الإدارة الحكومية و الشركات، و مواجهة الفساد، و لا بد أن تسعى الدولة لتحقيق الاستفادة من الشركاء العالميين سواء في أميركا و الغرب عموما أو الدول الصاعدة مثل الهند و الصين و البرازيل و تركيا و كوريا الجنوبية.هناك تحديات كبيرة للدولة الموريتانية تتطلب العمل من الآن لاستيعاب فئة الشباب من حيث توفير الوظائف و إتاحة دخل مناسب، و تعليم يواجه متطلبات العصر فمعدل النمو المتزايد و انخفاض الإنتاجية يعدان مؤشرين فيهم بعض التناقض او عدم التناغم فالنمو لم ينعكس على الحياة الاجتماعية للإنسان البسيط و الطبقة الوسطى ما زالت تعانى،  و سيادة الأجور غير العادلة مع نقص كبير في إنتاج الطاقة رغم أن موريتانيا تتوفر على مصادر عديدة للطاقة المتجددة مما يأكد أحقية بعض الخبراء الدوليين في دق ناقوس الخطر