الموريتانيّون في رمضان.. سهرٌ حتى مطلع الفجر

-A A +A
أحد, 2014-07-06 15:41

يتميّز شهر رمضان في موريتانيا هذا العام بطول نهاره وقصر ليله. وعلى الرغم من ذلك، لم يتخلّ الموريتانيّون عن ولعهم بالسهر، إما بحضور الحفلات في المطاعم والمتنزّهات أو بإقامة الولائم العائليّة والسهر حتى يحين وقت السحور. وقد ساعدت إجازات الموظفين والعمال السنويّة بالإضافة إلى إجازة تلامذة المدارس الصيفيّة، في تكريس السهر كأسلوب حياة في رمضان، للاستفادة من ساعات الليل القليلة استعداداً ليوم صيام طويل.

 

وتروي عزيزة بنت خطري، وهي ربّة منزل، أن "الأقارب والمعارف يتبادلون الزيارات في شهر رمضان. وتتميّز لقاءاتهم بالسمر الطويل وإقامة الولائم وتمضية الوقت بألعاب كثيرة، مثل الندوة الشعريّة أو الشطرنج التقليدي أو رواية الحكايات الشعبيّة والتاريخيّة".

 

تضيف أن "غياب الارتباطات والمسؤوليات التي تلزم الأسر بالاستيقاظ مبكراً، دفع الجميع إلى السهر ليلاً والاستيقاظ المتأخر صباحاً. وقد انعكس الأمر بشكل إيجابي على الشباب الذين أصبحوا حريصين على مرافقة ذويهم للقيام بزيارات لأفراد الأسرة وتفقّد المرضى ومساعدة ذوي القربى والمحتاجين. كذلك، يحيي هذا السهر الذكريات الجميلة المرتبطة برمضان في أيام الصيف، في حين تتنافس النساء على إعداد أشهى الولائم وارتداء أجمل الأزياء التقليديّة".

 

وتشير بنت خطري إلى أنه "وبحلول الشهر الكريم، تنشط الحركة التجاريّة، إذ يتزايد الإقبال على محلات بيع الأزياء التقليديّة. كذلك يحرص الموريتانيّون على ممارسة عاداتهم المرتبطة بهذا الشهر كحلاقة شعر الرأس للرجال والأطفال احتفاءً بالشهر الكريم بالإضافة إلى مساعدة المحتاجين".

 

ظواهر خطيرة

 

وفي السنوات الأخيرة، طرأت ظواهر غريبة على المجتمع الموريتاني هدّدت استقرار الأسر وتخريب عادات وتقاليد رمضانيّة تميّز بها المجتمع الموريتاني المحافظ. ولعل أخطر هذه الظواهر هي جلسات القمار ولعب الورق التي أصبحت تعرف انتشاراً ملفتاً في الآونة الأخيرة، على الرغم من تحذير علماء دين وخبراء في علم الاجتماع من تداعياتها على الفرد والأسرة والمجتمع.

 

"يستغلّ بعض الشباب السهر الرمضاني في جلسات القمار السريّة "

 

ففي شهر رمضان، يستغلّ بعض الشباب السهر الرمضاني في جلسات القمار السريّة التي تفتح أبوابها أمام المدمنين على لعب الورق، وكذلك تستقبل الراغبين في اكتشاف أجواء اللعب والمقامرة. لكن هذه الجلسات تبقى في نطاق ضيّق خوفاً من الملاحقة الأمنيّة.

 

وينتشر لعب الورق بشكل كبير في المنازل والمقاهي والاستراحات وأماكن اللهو وفي المنتجعات البعيدة عن المدن. ويتّخذ بعض المدمنين على القمار من لعب الورق مصدر رزق لهم، إذ إنهم يخصصون جلسات لهذا النشاط بعيداً عن البيوت المشبوهة، مستفيدين من تغاضي السلطات عن ذلك ورفضها الاعتراف بوجود هذا النشاط على الرغم من أنه من الظواهر الملفتة والدخيلة على المجتمع.

 

عطلة للعمال

 

وقد ساعد على انتشار ظاهرة السهر الرمضاني في موريتانيا، أخذ العمال شهر رمضان كفرصة للعطلة والراحة. فالعديد من العمال الموريتانيّين يفضّلون الحصول على عطلة في رمضان واستقبال شهر الصيام بعيداً عن ورش العمل، وبخاصة أصحاب المهن الخطيرة والتي تنجم عنها أضرار صحيّة كبيرة على الأشخاص بسبب الحرّ والصيام.

 

"يرجئ العمال عطلهم السنويّة إلى رمضان، ليستمتعوا بأجوائه العائليّة من دون ضغوط مهنيّة"

 

يقول محمد سالم ولد شداد (عامل)، إن "أصحاب المصانع والمنشآت لا يوفّرون للعمال معايير السلامة التي تقيهم مخاطر المهن التي يعملون بها، بخاصة في فصل الصيف وشهر رمضان عندما يكون العمل في ساعات الظهر صعباً للغاية ومرهقاً لمَن يجهد من الثامنة صباحاً حتى الخامسة مساءً".

 

يضيف أن "عدداً كبيراً من العمال يفضّل الاستراحة في رمضان، نظراً لعدم قدرته على القيام بالأعمال الشاقة التي تتطلّب مجهوداً بدنياً كبيراً في حرّ رمضان. فيرجئ هؤلاء الذين يعملون في مهن حرّة وفي ورش خاصة بهم وكذلك عمال المصانع والمعامل، عطلهم السنويّة إلى رمضان، ليستمتعوا بأجوائه العائليّة من دون ضغوط مهنيّة".

 

ويدعو ولد شداد إلى توفير مناخ مناسب للعمال ومنع العمل في وقت الظهيرة في بلد تتخطى فيه درجة الحرارة 45 درجة مئويّة. كذلك يدعو إلى حماية العمال من الإصابات التي تقع بسبب طبيعة الأعمال التي يؤدّونها في مجالات ملوثة بالأبخرة والغازات السامة، أو المضرّة بالسمع، كالمهن التي ينتج عنها ضجيج.

نواكشوط ــ خديجة الطيب- العربي الجديد