مستقبل غزة بين الميدان وطاولة المفاوضات

-A A +A
أحد, 2014-07-27 16:06

"تخلص الورقة إلى وجود احتمالين لصياغة الحل إما عبر المبادرة المصرية أو عبر تعديلها من خلال الأمم المتحدة، لكي لا يبدو غير ذلك انتصارا لمحور على آخر في المناكفات الإقليمية، مع تأثر الحل السياسي أيا كان بالوضع على الأرض."

تتوقع ورقة بحثية أن تسير الأمور نحو اتفاق قريب لوقف إطلاق النار في غزة، مؤكدة في الوقت نفسه أن ما سيتم الاتفاق عليه في طاولة المفاوضات يرتبط حتما بالواقع الميداني على الأرض.

وحسب "تقدير موقف" أصدره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات فإن العدوان الصهيوني على قطاع غزة خلال يوليو/تموز الجاري يمثل "علامة فارقة في المرحلة الراهنة من مراحل الصراع العربي الصهيوني، خصوصا بالنظر إلى ما شهده من كم هائل من الغارات على الأحياء المدنية بالقطاع.

وتشير الورقة -التي أعدها د. وليد عبد الحي- إلى هدفين للعدوان الإسرائيلي أولهما إستراتيجي يتعلق بنزع سلاح المقاومة، والثاني تكتيكي يتراوح بين تأزيم الوضع الداخلي الفلسطيني -بعد أن لاحت احتمالات تطور المصالحة- واختبار التوجهات الإستراتيجية للنظام المصري الجديد.

لكنها تخلص إلى أن إسرائيل خسرت إستراتيجيا لكنها حققت مكاسب تكتيكية تتمثل في زيادة الأعباء المادية على حماس، بفعل القتل والتدمير الواسع في قطاع غزة، وتخفيض الخسائر البشرية بين المدنيين الإسرائيليين، بفعل النجاح النسبي للقبة الحديدية في اعتراض الصواريخ، إضافة إلى تعميق الخلافات العربية بخاصة بين محور مصري سعودي تسانده السلطة الفلسطينية يدعم مبادرة مصرية لوقف إطلاق النار ومحور تركي قطري لم يرحب بهذه المبادرة.

أما عن الخسارة الإستراتيجية لإسرائيل حسب هذه الورقة البحثية فتتمثل في تعميق شعبية قوى المقاومة في الوسط الشعبي الفلسطيني على حساب شعبية النهج التفاوضي للسلطة الفلسطينية، وتهيئة البيئة الشعبية للبدء في انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، ناهيك عن إحياء الترابط بين أجزاء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع وأراضي عام 1948، وكذلك إعادة القضية الفلسطينية للأضواء على المستويين الإقليمي والدولي للأضواء بعد أن توارت خلف دخان "الربيع العربي".

"تذهب الورقة إلى فشل إسرائيل في تحقيق الأهداف المعلنة وتدلل على ذلك بتصاعد الخسائر البشرية لدى الجيش الإسرائيلية وبأن زخم قدرات المقاومة الفلسطينية لم يتغير منذ بداية المعركة، "

الهاجس الأمني

كما تتحدث الورقة أيضا عن ما تصفه بـ"إنهاء سيكولوجية الإحساس بالاستقرار في إسرائيل" مشيرة إلى أن الهاجس الأمني عاد لدى الفرد الإسرائيلي ليس فقط في المستوطنات الجنوبية المحاذية لقطاع غزة، وإنما في كل المدن الإسرائيلية بعدما نجحت صواريخ المقاومة في الوصول إليها، كما تعمق ذلك بتوقف العديد من شركات الطيران عن السفر إليها.

وتضيف أن هذا الجانب الأمني سينعكس بقدر ما على "إسرائيل" من خلال التأثير على الهجرة اليهودية لفلسطين نظراً لحالة عدم الاستقرار، وكذلك تعميق الخلاف داخل المجتمع الإسرائيلي حول كيفية التعاطي مع مشروعات تسوية القضية الفلسطينية.

وتذهب الورقة إلى فشل إسرائيل في تحقيق الأهداف المعلنة وتدلل على ذلك بتصاعد الخسائر البشرية لدى الجيش الإسرائيلي وبأن زخم قدرات المقاومة الفلسطينية لم يتغير منذ بداية المعركة، ولا سيما في نطاق معدل إطلاق الصواريخ.

أما سياسيا فهناك العديد من أسباب القلق تؤدي إلى تضييق مساحة الحركة للمناورة الفلسطينية بالنظر إلى عدة نقاط أولها تمحور الاتجاه العام للحراك الدبلوماسي العربي والدولي حول المبادرة المصرية التي ترى المقاومة أنها تفتقد للتوازن في الشكل والمضمون، فضلا عن انصراف الجهد الدبلوماسي العربي إلى تحقيق مكاسب سياسية لصالح محاور إقليمية متنافسة خاصة المحور القطري التركي من ناحية والمحور المصري السعودي من ناحية مقابلة. وضبابية موقف الرئيس الفلسطيني، واستمرار أثار الخلاف بين أطراف في المقاومة -بخاصة حماس- مع دول عربية مثل مصر وسوريا والسعودية من موضوع "الربيع العربي" وتداعياته.

لكن الورقة تشير إلى ورقة ضغط فلسطينية تتعلق بإشعال انتفاضة فلسطينية في الضفة الغربية، وورقة ضغط إسرائيلية أميركية تتعلق بالعمل على تعميق التباين بين قوى المقاومة، وتتوقع في النهاية أن تؤدي التطورات إلى إبداء مرونة من الجانبين بما يقود إلى اتفاق قريب لوقف إطلاق النار، معتبرة أن ترويج "إسرائيل" لفكرة وقف إطلاق النار من جانب واحد لا يزيد عن كونه محاولة لتحقيق مكاسب دعائية، وإظهار المقاومة في موقف "المتعنت".

وتخلص الورقة إلى وجود احتمالين لصياغة الحل إما عبر المبادرة المصرية أو عبر تعديلها من خلال الأمم المتحدة، لكي لا يبدو غير ذلك بأنه انتصار محور على آخر في المناكفات الإقليمية. وكل ذلك مرهون بمن "يصرخ أولا"، فلن تنفصل طاولة المفاوضات السياسية عن ميدان المعركة العسكرية.

المصدر : الجزيرة