الشيخ ولد بيبه : حين ينطلق أي مشروع تصاحبه مساعي الانتهازيين الطامعين في الحصول على مكاسب ....( مقابلة )

-A A +A
أحد, 2015-11-01 23:10
رئيس مبادرة " تيار حراك لمعلمين " الشيخ ولد بيبه

أجرى موقع وكالة " موريتانيا اليوم " مقابلة شاملة مع القيادي في حراك لمعلمين الشيخ ولد بيبه ، وقد نطرقت المقابلة لمختلف جوانب هذا الحراك وآفاقه المستقبيلية .

المقابلة تأتي ضمن سلسلة من المقابلات تقوم بها وكالة " موريتانيا اليوم " من أجل تسليط الضوء على بعض القضايا المطروح على الساحة الحقوقية في البلد .

نص المقابلة:

1)- بوصفكم أول من طالب عبر وسائل الإعلام بإعادة الاعتبار لشريحة لمعلمين، وقاد حراكاً يدعو لمحو الصورة النمطية التي وضعها المجتمع لتلك الشريحة، هل تعتقدون أنكم نجحتم في هذا المسعى، وهل تغيرت تلك النظرة بعد تلك الدعوات؟

الشيخ ولد بيبه : بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على النبي الكريم..

شكرا لموقع وكالة  " موريتانيا اليوم " على إتاحة الفرصة لتنوير الرأي العام حول الظروف التي انطلق فيها "حراك لمعلمين" والصعوبات التي واجهها، والمراحل التي وصل إليها، ونتمنى أن تتكرر اللقاءات لمزيد من الإيضاحات حول هذا الموضوع.

أما فيما يخص سؤالكم الأول: هل نجحنا في هذا المسعى؟ فأود أن أذكر بادئ ذي بدء بتاريخ انطلاق هذا الحراك في يونيو 2009، وكنت حينها عائدا من خارج البلاد حيث لاحظت بعد عودتي التغييب الذي تشهده نخبة لمعلمين من العملية السياسية برمتها والوظائف الإدارية والرتب العسكرية، وأن النظرة الدونية ما زالت هي هي ونحن في القرن الواحد والعشرين.

عندها قمت بمشاورات مع بعض الإخوة ودرسنا الموضوع بتأن، حيث وجدنا أن للموضوع جانبا سياسيا وآخر نقابيا جانبا ثقافيا وآخر حقوقيا.

وجدنا أن الذي يجمع لمعلمين حرفيين وغير حرفيين هو الجانب السياسي والجانب الحقوقي، وقرأنا في تجارب الحركات التاريخية، وإذا بالتجارب الناجحة تبدأ دائما بالجانب الحقوقي، لأنها تقنع المظلوم بمظلمته وتحرره من العقد النفسية، وتخلق وعيا لدى الساسة في الساحة الوطنية بشكل عام بأهمية تناول الموضوع.

وينبئ عن إخلاص صاحبه لقضيته بعدم المساعي إلى مكاسب سياسية، وبالتالي اتفقنا على اسم مبادرة "الصناع العرب" التي تحولت بعد إلتحاق شخصيات نضالية بها في العام 2012 إلى "مبادرة لمعلمين لمقاومة التهميش" بسبب خلق الوعي النضالي الذي جعلهم يتخطون الحاجز النفسي ويتبنون كلمة لمعلمين لنؤسس فيما بعد مع شخصيات مستقلة ومدونين "حراك لمعلمين" .

كان من بين الأهداف لهذه المجموعة إعادة الاعتبار لشريحة لمعلمين، وهو ما حصل فيه تطور وإن كان بطيئا، نشهده حين نرى أنه لم يعد هناك إقصاء تام لأطر لمعلمين في الأنشطة الإعلامية على مستوى الساحة الوطنية.

أما تغير النظرة الدونية فقد حصل في هذا الصدد تطور لم يصل بعد حد المطلوب، وما زال يحتاج إلى جهود كبيرة.

2)- حمَل خطابكم فيما عرف لاحقاً بمبادرة "لمعلمين لمقاومة التهميش" اتهاماً مباشراً لفئة بعينها بإلصاق أوصاف بشريحتكم وصلت حدً التطير بالمنحدرين منها، معتبرين في نفس الوقت أن للسلطات ضلع في ذلك، هل من توضيح في هذه النقطة بالذات؟

الشيخ ولد بيبه : لا شك أن المجتمع الموريتاني مجتمع طبقي وله تخصصات متعددة، ولقد كان بالفعل هنالك تخصص لفئة اجتماعية بعينها هو المؤهل لخلق الوعي وتشبيع الأذهان بالمفاهيم التي تكون سلبية لفئة معينة، وإيجابية لفئة أخرى.

ولقد تضررت فئات اجتماعية من دور هذه الفئة كفئة "العرب" مع أنهم أصحاب الشوكة، ولقد تم تكريس نظرة لهم ترتب عليها أحكام كمنعهم من الإمامة والشهادة، وكذلك فئة الفنانين، ونال لحراطين قسط منها كبير.

 إلا أن ما أصاب لمعلمين كان أنكى وأكبر، حيث يصل أحيانا حد العقيدة والنسب بالترويج بأنهم من أصول يهودية.

وبالتالي نالهم قسط وافر من تلك الخرافات والأكاذيب.

من المفترض أن تلعب المدينة دورها في تغيير التركيبة الاجتماعية إلا أن الأنظمة المشغولة بصراعات عرقية وجدت مستندا قبليا يحميها قدمت له دعما ماديا ومعنويا أدى إلى انبعاث تلك المرحلة التقليدية أو انتعاشها، وبالتالي فشل في دوره المطلوب وهو توحيد المجتمع وتوفير العيش الكريم له والمساواة بين أفراده.

ومن هنا كان عتبنا على الأنظمة أكثر.

 

3)- قيل بأن حراككم كان مدعوماً من جهات سياسية معارضة، رأت في إثارة موضوع لمعلمين مطيًة للضغط على النظام، هل هذا صحيح؟

الشيخ ولد بيبه : من هنا أريد أن أحدد فكرة هو أنه في إطار الأقليات أو الفئات المظلومة كان ساستها يبدءون بعمل حقوقي تمهيدا لعمل سياسي، وبعمل سياسي تمهيدا للوصول إلى حوزة ترابية أو إقليم كما هو موجود في العراق الآن وفي تركيا ومساع في ليبيا للحصول عليها.

وهذا ما لا نريده على الإطلاق، لأن مسعانا الأول والأخير هو الاندماج في المجتمع وليس الانفصال عنه، لكنه اندماج يحقق الكرامة ويصون الحقوق ويحفظ وحدة المجتمع.

لذا لي خلفية سياسية معروفة لا أرى أن العمل الحقوقي أيضا متناقض معها، فلي رأي حقوقي لا علاقة لهم به، ولي رأي سياسي يضبطه النظام الأساسي والداخلي لتلك الجهة، وبناء على خلفيتي المذكورة ظن البعض أن جهة ما كلفتني بالموضوع، علما أنني أختلف مع كثير منها في طرح القضية أدى إلى الاختلاف.

أحترم لهم رأيهم ومن المفترض أنهم يحترمون لي رأيي بالمقابل، وقد أكون قد خسرت أشخاصا منهم نتيجة لذلك، وبالتالي فإننا في الجانب الحقوقي مستقلون عن أي توجه سياسي ولا تناغم معه في المواقف، ولكن إصرار النظام وتجاهله لمطالبنا هو الذي يدفعنا نحو الموقف الذي بدأنا به والنبرة التي انطلقنا بها.

 

4)- برزت من خلال الأيام والأشهر الأولى لبدء حراك لمعلمين قيادات شابة كانت متماسكة في البداية، ثم تجزأت فيما بعد إلى أكثر من مبادرات حقوقية نجحت إحداها في الحصول على ترخيص، كيف تفسرون ذلك، وماذا حدث بالضبط؟

الشيخ ولد بيبه : هذه النظرة توجد فقط عند الذين ينظرون إلى الحراك من الخارج، أما الذين يعرفون تفاصيل الأمور ودقائقها فهم يعلمون أن من كان له دور في انطلاق الحراك أو في تفعيله - وهما مرحلتان مر بهما الحراك - ما زالوا في انسجام وتوافق لهم نفس المطالب ولهم نفس المواقف، لكن علمتنا التجارب أنه حين ينطلق مشروع معين تصاحبه مساعي الانتهازيين أو الطامحين إلى الحصول على مكاسب سياسية بطرق أقصر من العمل الاستراتيجي المدروس، وبالتالي فإن نهجنا أن لا نكذب داع إلى الإنصاف من شريحة لمعلمين وأن لا نعمل على تشويهه، ويفسر البعض صمتنا هذا على أننا كنا وإياهم في فترة من الفترات متفقون أو كانوا من بيننا، وهذا سرا أبوح به لأول مرة.

 

5)- قبل ايام أعلنت مجموعة من حقوقيي لمعلمين عن انضمامها للحزب الحاكم في ما فسرته بتطابق رؤيتها مع برنامج الحزب فيما يتعلق بالمكونات الاجتماعية، هل تمثلكم تلك المجموعة، وهل يعني أن بانضمامها للحزب الحاكم تحققت مطالب لمعلمين؟

الشيخ ولد بيبه : سؤال جيد، هذه المسألة قد بدأنا بها قد تكون خطأ وقد لا تكون خطأ، وهي أننا في الجانب الحقوقي حقوقيون مستقلون لكننا سياسيون ننتمي إلى الأحزاب السياسية، وقد اختار بعض رفاقنا اللحاق بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، لا أتفق معهم شخصيا في هذا المسار ولكنني اقدر رأيهم وأحترمهم. أما هل تحققت مطالب لمعلمين؟ فالإجابة على هذا السؤال ما زالت مبكرة، إذ أن تاريخ انضمامهم فات عليه فقط أكثر من شهر وبالتالي نحن جميعا مطالبون بفترة لتقييم مكاسبهم.

 

6)- من تراه مسؤولا عن تعثر حراك لمعلمين ؟

الشيخ ولد بيبه : أرى والله تعالى أعلم، أن الإرث الذي ورثه لمعلمين من تغييب عن إدارة الشأن العام وتباين مواقعهم في المجتمع قد لا يساعد على الانسجام مبكرا، ولذا نحتاج إلى زمن تعلمنا فيه التجربة أهمية الاتحاد والالتحام، مع أننا فعلا لا ننكر أن هناك أشخاصا انتموا إلى الحراك ليست لديهم رؤية واضحة أرادوه أن يكون سياسيا في ثوب حقوقي وهذا متناقض.

 

7)- ما هو موقفكم من الشخصيات التالية ؛ أحمد ولد السالم ،أحمد سالم ولد احمد دكله ، عبد الله ولد لبات و جدو ولد البشير و سيديا ولد البلي ، وأيهم قدم شيء لحراك للمعلمين ؟

الشيخ ولد بيبه : انطلاقا من قوله تعالى: ﴿لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعدُ وقاتلوا، وكُلاًّ وعدَ اللهُ الحسنى﴾ فإنه تجدر الإشادة بشخصيات لعبت دورا رياديا في الحراك، منها المقالات الذائعة الصيت للدكتور ولد محفوظ كمقال "الصناع التقليديون في موريتانيا.. جزاء سينمار" ومقال "لمعلمين تحليل المشكلة وتشكيل الحل" ومقال "إن قسوت فلي شفيع" وأيضا كان للأخ أحمد ولد السالم دور مهم في تنوير الرأي العام بمقالاته الجميلة، وطبعا كانت صفحة المدون محمد يحيى ولد عبد الرحمن إعلاما بديلا للحراك كما نسميها، خلقت وعيا جيدا جعل بعض المتفهمين لقضية لمعلمين يقول في جواب لمناوئ لنا: "أنا عرفني على الحراك الشيخ ولد بيبه وأقنعني به محمد يحيى ولد عبد الرحمن".

وبالتالي فإن هذا الثلاثي لعب دورا رياديا، ولا نظلم الدكتور جدو ولد البشير فقد كان من بين الشباب الذين كتبوا على الجدران التي كان لها صدى مهم، مع أن فترة العمل السري لم تعد واردة في زمن فتح الإعلام أمام مختلف الآراء.

أما الأخ  سيديا ولد البلي فقد زارني نهاية 2012 وعبر عن استعداده للانضمام لنا ودعمه للقضية، وهو من تلك الفترة شخص فاعل في الحراك.

أما باقي الإخوة فلهم مراحل تحتاج التوقف كالأخ أحمد سالم ولد أحمد دكله، فمن سنة 2009 إلى نهاية 2013 مرحلة وبعد الانتخابات الأخيرة إلى يومنا هذا مرحلة أخرى، أما المرحلة الأولى فلقد كان رأيه فيها أن هذا الحراك دعوة جاهلية، وقد وقف يحاورني من الساعة السادسة إلى الساعة الحادية عشرة عند نهاية الشارع الداية 11 صب فيها كل اللعنات على الحراك وأن لمعلمين لا يعانون ظلما ولا تهميشا، وتلقيت ذلك بكل صبر وإصرار، أما المرحلة الثانية فقد كانت متجاوزة لرؤيتنا التي تقول بأننا مطالبون بلفت انتباه المجتمع والضغط عليه من أجل تحقيق الاندماج بشكل إيجابي، وبالتالي التشويه والحروب على القبيلة وتخصيص فئة معينة بالاتهام والهجوم عليها ليس من منهجنا، لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون﴾. حيث استثمر الأخ بعض الخلافات مع الإخوة أفرط في الاتهام والتخوين ضد رواد الحراك، وهو فعل ليس بالإيجابي في العمل الجماعي.

أما الأخ عبد الله ولد لبات فقد عرفته سياسيا في حزب الشورى والتنمية سنة 2013 ثم التحق ببعض المخالفين لنا نهاية 2014 أو مطلع 2015 إن لم تخني الذاكرة، ولم أشترك معه في عمل جماعي يسمح لي بتقييمه.

 

8)- هناك تحرك جديد مبادرة جديدة تسعى لإدماج بعض منظمات لمعلمين في تجمع واحد ، يرى فيها البعض نوعا من الانتهازية و ركوب موجة جديد من أجل مآرب شخصية ، ماهو موقفك منها ؟

الشيخ ولد بيبه : لي علم بتلك التحركات، مع أنها ليست جديدة، كتب لها الفشل في أكثر من مرحلة ولا أعول على نجاحها هذه المرة، مع أن الأمر طبيعي ففي كل نضال يوجد جادون يعملون على رؤى استراتيجة طويلة الأمد، ويوجد آخرون لهم مطامحهم الخاصة، ونحترم لهم ذلك.

هل من كلمه أخيرة : 

الشيخ ولد بيبه : لم يبق لي إلا أن  أجدد الشكر لموقع وكالة  " موريتانيا اليوم" المحترم على إتاحة هذه الفرصة.