ما هو مستقبل العلاقات المغربية-الجزائرية بعد إعلان الرباط بناء سياج على الحدود؟

-A A +A
ثلاثاء, 2014-07-29 19:01

يطرح مستقبل العلاقات المغربية-الجزائرية، التي يشوبها التوتر منذ سنوات، الكثير من التساؤلات على ضوء إعلان الرباط بناء سياج على الحدود بين البلدين. المغرب وضع هذه الخطوة في سياق محاربته للإرهاب، إلا أن وسائل إعلام جزائرية اعتبرتها اتهاما صريحا لبلدها بتصدير هذه الآفة.

شرع المغرب في بناء سياج على الحدود مع الجزائر "خشية تسلل أفراد ينشطون في جماعات متطرفة داخل التراب المغربي" وفقا لما أعلنت عنه وزارة الداخلية المغربية، ما فتح ملف ساخن في العلاقات بين البلدين من جديد، أي الحدود، وطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل هذه العلاقات.

 

وفي تصريح لفرانس 24، قال الباحث والإعلامي زهر الدين الطيبي، إن "السياج الإلكتروني، حسب ما نتوفر عليه كإعلاميين، يتكون من جزأين: جزء إسمنتي، بمثابة قاعدة يبلغ ارتفاعها 50 سنتمترا، وجزء عبارة عن سياج حديدي لا يتجاوز ارتفاعه المترين ونصف". أما بالنسبة لمساره، يتابع الطيبي، "من المفترض أن يمتد من السعيدية بشمال وجدة حتى إقليم جرادة في جنوبها على مسافة 140 كم على طول الحدود مع الجارة الجزائر وستتم العملية عبر مراحل"

 

وذكًر الطيبي، الذي يعمل مديرا لصحيفة "الحدث الشرقي" الصادرة من المدينة الحدودية وجدة، بتصريح لوزير الداخلية المغربي محمد حصاد "بأن الأشغال بدأت في بناء هذا السور الذي يحمل أجهزة استشعار إلكترونية حديثة، وذلك ضمن مشروع أمني متكامل، يهدف إلى تأمين حدود المملكة مع الجزائر، خشية تسلل أفراد ينشطون في جماعات متطرفة إلى داخل التراب المغربي".

 

ويحدد الطيبي السياق العام، الذي جاء فيه قرار الرباط، بقوله إنه "منذ سنة تقريبا بعد شروع الجزائر في بناء خنادق لمنع التهريب قبيل الاستحقاقات الرئاسية"٬ مضيفا بهذا الصدد أنه "يبدو أن السياسي حاضر في الموضوع أكثر من الأمني بالرغم من كون الخطوة عللتها الرباط، بأنها ترمي إلى مراقبة المنطقة، تحسبا لتسلل "مقاتلين إرهابيين" إلى البلاد.

 

ولا يخفي الطيبي أن "الأمر أثار انتقادات واسعة في صفوف المتتبعين الذين اعتبروا الأمر من الجانبين زيادة في التوتر ومحاولة لإيقاف أي تقارب محتمل بين البلدين٬ خصوصا وأن الحدود البرية مغلقة بينهما منذ 1994 إضافة إلى كون الأواصر بين العائلات المغربية والجزائرية متشابكة إذ لا تخلو أسرة من الجهة الشرقية من علاقات قرابة مع الأشقاء في الغرب الجزائري، وبالتالي فحركة المواطنين في الاتجاهين يومية ودائمة رغم إغلاق الحدود".

 

وأكد الطيبي أنه "في جميع الأحوال لا الخنادق ولا السياجات الإلكترونية ولا أي حاجز جيوسياسي بوسعه أن يحجب علاقات اللغة والدين والدم والتاريخ التي تجمع بين الشعبين الجزائري والمغربي".

 

"تصعيد دبلوماسي"

 

اعتبر الطيبي "أن الأمر يندرج في سياق تصعيد دبلوماسي اتسم بتبادل التصريحات والاتهامات بين مسؤولين رفيعي المستوى في البلدين"، لافتا إلى أن "السلطات الجزائرية كانت قد أعلنت في وقت سابق شروعها في بناء خنادق على حدودها الغربية٬ وكانت مجموعة من المدن قد عرفت اضطرابات بسبب هذه الخطوة باعتبار ما تشكله من عواقب على ممتهني التهريب بالمدن الحدودية الجزائرية٬ وتم التراجع نسبيا عن المشروع وإن كان في جميع الأحوال لم يوقف من حدة التهريب عبر الشريط الحدودي المغربي الجزائري".

 

ويخلص الطيبي إلى أنه "إذا سلمنا جدلا بسياق الظرفية الراهنة التي رفعت المملكة بمقتضاها درجة تأهبها الأمني إلى الدرجة القصوى، عبر تشديد المراقبة على الموانئ والمطارات والأسواق الكبرى وأماكن الترفيه، وذلك عقب كشف السلطات عما اعتبرته "مخططا إرهابيا جديا يستهدف أمن واستقرار البلاد"، فإن بناء السياج الإلكتروني، قد يكون خطوة هامة في التصدي لمحاولات تسلل عناصر ذات ـ"خلفيات إرهابية".

 

ويستدرك موضحا "لكن في نفس الوقت، لا يمكن أن يكون كافيا، بسبب اعتماد العديد من هؤلاء العناصر على وسائل تساعد على تجاوز السياج والمرور من خلاله بطريقة أو بأخرى٬ ضف إلى ذلك أن هذا السياج لن يغطي كل الشريط الحدودي الذي يتجاوز 550 كم٬ وبالتالي الحديث عن المقاربة الأمنية لمحاربة الإرهاب يبقى جزئيا٬ وأن الرسالة المشفرة للجارة الشرقية قد تكون سياسية ودبلوماسية أكثر منها أمنية للحد من التهريب والإرهاب".

 

"أسباب غير مقنعة"

 

تعقيبا على الخطوة المغربية، قالت حدة حزام مديرة صحيفة "الفجر" الجزائرية، لفرانس 24، "لا تقنعني الأسباب التي طرحها المغرب لتعليل خيار بناء الجدار العازل على طول حدوده مع الجزائر، فالمغرب الذي اكتفى بغلق الحدود وفرض التأشيرة على الجزائريين أيام الأزمة الأمنية في الجزائر لم يلجأ إلى قرار كهذا بل كان يستضيف على ترابه الجماعات الإرهابية التي تتخذ من المغرب موطنا للراحة بعد المجازر التي تقترفها في حق الجزائريين"، بحسب قولها.

 

وزادت حزام قائلة إنه "بالنسبة لتهريب المخدرات، فهي تتخذ طريقا عكسية من المغرب إلى الجزائر، وتأتي أيضا عن طريق البحر والجو" على حد تعبيرها.

 

واعتبرت حزام "قرار المغرب هذا هو ضربة للأصوات سواء في الجزائر أو المغرب ومن بينها صوت الملك نفسه، المطالبة بضرورة فتح الحدود لأسباب إنسانية لتمكين العائلات التي تربطها علاقات نسب ومصاهرة من الجهتين بالتواصل، وأيضا لأسباب اقتصادية حيث حرم البلدان من إمكانية بناء تكامل اقتصادي يستفيد من فرص الاستثمار المتاحة في الجزائر ومن الخبرات المتوفرة في المغرب".

 

وترى حزام أن البلدين سيبقيان "أسواقا استهلاكية مفتوحة، في زمن التكتلات الاقتصادية الإقليمية والجهوية. ونتباكى على جدار الفصل العنصري في فلسطين".

 أفرانس 24