زلّة عالم مقاصدي!

-A A +A
ثلاثاء, 2016-12-06 08:50

في تصريح غريب ومستهجن قال العالم "المقاصدي" أحمد الريسوني "ارتحت للانقلاب على مرسي" وأضاف "لست راضيا عن تجربة الإخوان المسلمين".

هذا التصريح صادم ومقلق، لأنه يأتي على لسان عالم اشتهر بالاعتدال والحكمة والبحث في علل الشريعة ومقاصدها.

وهو كلام مرفوض لأنه تزكية صريحة لحكم عصابة الجريمة المنظمة المسيطرة في مصر اليوم، وتشريع فاسد للظلم القبيح الواقع على فئة عريضة من أبناء هذه الأمة، تواجه قمعا غير مسبوق في تاريخ مصر المعاصرة.

لماذا هذا التصريح أصلا، ولماذا في هذا الوقت بالذات، ؟ وهل هو من "المقاصد الشرعية" عامة أو من اعتبار "الحال والمآل" في فهم ما وقع؟

إذا كان الريسوني غير راض عن سياسة الرئيس مرسي (فك الله أسره)، وله الحق في ذلك، فهل هو راض بما يقع عليه من ظلم وسوء؟ وعلى فرض أن الإخوان لا يعجبونه، وهذا حقه أيضا، فلم التبرؤ منهم في هذا الوقت بالذات؟

هل هو بلاغ للناس، لفك الارتباط بالمبادئ والمواقف الأصلية طلبا  لسلطان زائل ودرءا لشبهة ليس لها من أساس.

إنه ببساطة كلام تنقصه المروءة، لأنه يأتي في وقت عصيب، يقبع فيه رمز الشرعية المصرية في سجون عصابة العسكر مع عصبة من خيرة أبناء مصر، يسامون العذاب ويمنعون أبسط حقوق الإنسان تحت سمع وبصر العالم الغربي المنافق الذي مرد على ذلك ولا يُنتظرُ منه خير، لكن أن يأتي الظلم من الأقربين فهذا نذير شر على هذه الأمة.

الرجال يعرفون بمواقفهم وليس بأي شيئ آخر،  ولا أزال أذكر أكاديميا شيوعيا سودانيا معروفا قال لي في جمع من الناس في بهو فندق لبريستول في بيروت (فبراير 2016) : كلنا إخوان مسلمون إن كانت عندنا كرامة، وليس هناك شخص لديه ذرة عزة وأنفة ينحاز للعسكر في هذه الأيام أو يتجرأ على لوم المظلومين وهم في غياهب السجون.

كلمة شرف وموقف عزة يدل على نبل وإنصاف، من شيوعي سوداني، معارض للإخوان ومن لف لفهم.

لم يطلب أي كان من الريسوني أن يدافع عن الإخوان، لكن لم يكن له بالمقابل أن يحمّلهم أوزارا لم يقترفوها لاسيما وهم في قبضة الجلاد.

ما الذي يبقى لهذه الأمة إن هلكت آخر عُصْبة من أهل السنة تواجه بسلمية وشرف أنظمة الحكم الجبري الفاسد؟ وتدفع في سبيل ذلك الدم والمال.

لقد سكت الريسوني دهرا ونطق شرا، وولغ بهذا التصريح في دماء وأعراض هؤلاء المظلومين القابعين في ظلمات الأسر والمشردين في أقطار الأرض.

إنها زلة عالم "بالمقاصد"، أصابته الفتنة ولطمته "فتنة الدُّهيْماء" التي بدأت تميز الناس بين فسطاطين لا ثالث لهما، ثم سيؤتي الله مُلْكه من يشاء في بضع سنين و]يومئذ يخسر المبطلون[.

ولله الأمر من قبل ومن بعد