استغلال../أحمدو محمد الحافظ

-A A +A
اثنين, 2014-12-01 08:40

بين الاستقلال والاستغلال نقطة وحرف وبيننا وبين الاستقلال الذي نطبل له اليوم ألف بون وبون , ولهذا نوغل في صناعة أسطورة وطن لم نحدد هويته لنشرب كؤوس الفخر تباهيا باستقلاله المزعوم .

أحسن الرعيل الأول وعلى رأسهم الزعيمان المختار داداه وأحمدو ولد حرمة وغيرهما في أن يضعوا اللبنات الأولى لمشروع وطن اختلفوا في تفاصيله لكنهم اتفقوا على ضرورة وجوده بين متعجل على استقلال وآخر يتمهل حتى تكتمل الصورة القاتمة .

كانت سنوات المختار على ما بها أحسن حقبة مرت على بلدنا الوليد فأغلب البنى التحية بنيت في عهد الرئيس المختار وفكرة الدولة تبلورت في عهده وسك الأوقية ، أمم ميفرما ، شيد طريق الأمل واستطاع أن يجمع شتات القبائل والبدو رحل في دولة واحدة بعد قرون من الفوضى والسيبة.

خلف من بعد المختار رحمه الله خلف أضاعوا الوطن واستباحوا خيراته وأصبحوا يتوارثونه واحدا واحدا وكأنه ضيعة لأحدهم وكلما أوغل أحدهم في الهدم جاء الآخر منقذا زاعما أنه يحمل الخير للبلاد والعباد فإذا به أكثر فسادا اوأكثر بلادة وأقل حرصا وأقل أمانة .

مشكلة الوطن ليست في عدم استقلاله فحسب وإنما في كوننا نحن معاشر أبنائه لم نتفق على أنه وطن يسعنا جميعا ولهذا كثر المدعون وأصبح البيظاني يريد وطنا والحرطاني يريد وطنا والزنجي يريد وطنا والوطن برئ من الجميع

ما فائدة الاستقلال ونحن لم نحسم هويتنا بعد نصف قرن ونيف.

 

ما فائدة الاستقلال وجراح كثيرة ما تزال عالقة في الذاكرة دون محاسبة مرتكبيها من أحداث ازويرات إلى أحداث 81 مرورا بأحداث 89 والمسفرين وليس ختاما بمساكين ازويرات المرابطين على أبواب عاصمة العزيز .

نحن مستغلون من قبل شركات فرنسية وأجنبية تنهب ثرواتنا في البر والبحر جهارا نهارا دون أن ننال منها إلا 3 % أو خمسة في المئة في أحسن الحالات .

 

نحن مستغلون من أمثال بارون الشمال الذي يتباهي بدخله الذي يتجاوز مليارات من قوت هذا الشعب المسكين ويدعى وقاحة أن القانون منحه إياه ,,

نحن مستغلون ولهذا يتصرف فينا سفراء الدول الغربية وخصوصا -ماما فرنسا - كما يتصرف الوصي مع الصبي الذي لم يبلغ الحلم فتراه مع الرئيس ومع رئيس الحزب ويتوسط بين المعارضة والنظام وكأننا ضاحية من ضواحي باريس .

نحن مستغلون لأن ساستنا ومثقفينا يهوون فرنسا كما يهوى صبي من عرفات قطعة –كلاكسي – ففي محرابها يتبلون ولها يتقربون وإليها يحجون ويسعون.

نحن مستغلون لأننا نكذب ونصدق الكذبة نكذب حين ندعى الوحدة الوطنية ونوغل أكثر في الكذب حين ندعي بناء دولة لا يتساوى فيها الجميع .

نحن مستغلون لأن بعضنا لا زال فيه عقدة من تاريخه ولأن جلنا لم يحدد انتمائه ولأن كلنا لم يكفر بالقبيلة ولا الجهة من أجل الايمان بدولة ووطن هو فوق الجميع .

مستغلون من معارضتنا التي صدعت رأوسنا بالرحيل ثم رضيت أن تشرب كؤوس الولاء في القصر الذي كانت ستثور على صاحبه ذات يوم مشهود .

مستغلون من طرف طغمة حاكمة لا تراعي في هذا الوطن المسكين إلا ولا ذمة ومع هذا نصفق ونرقص احتفاء بها كلما شب أحد ضباطها عن الطوق وأراد أن يقضى من الوطن وطره .

نحتاج أن نحدد هويتنا ونوحد بين ابناء شعبنا ونقيم دولة العدل الحقيقية عندها يمكن أن نتحدث عن استقلال حقيقي وليس عن هدية ديجولية مسمومة

 

كاتب صحفي ناشط سياسي وحقوقي

[email protected]