استعرض فضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، خلال مشاركته في مؤتمر دولي خصص لمواجهة التحريض على العنف، احتضنه مقر الأمم المتحدة بجفي مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية؛ جهود المنتدى في مجال مكافحة التحريض على العنف من خلال التذكير بالمبادرات الفكرية والميدانية التي اضطلع بها هذا الأخير في تفكيك خطاب العنف، وخاصة إعلان مراكش التاريخي لحقوق الأقليات في الديار الإسلامية الذي أصدره المنتدى مطلع سنة 2016، والذي اعتبر من طرف المراقبين "نقطة تحول ومرحلة جديدة من محاولات الفهم العميق للتراث الديني لبناء تعايش في الحاضر والمستقبل".
واستبشر الشيخ عبد الله بن بيه، خلال مداخلته بالأمم المتحدة، بإنشاء المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) في العاصمة السعودية الرياض، معتبرا أنه يمثل رافدا كبيرا لمواجهة خطاب الكراهية
ويهدف هذا المؤتمر، الأول من نوعه، إلى إشراك القادة الدينيين في العالم من أجل إطلاق خطة عمل لمكافحة التحريض على العنف الذي قد يؤدي إلى ارتكاب الجرائم الفظيعة؛ حيث افتتحت أشغاله بكلمة لأنتونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، تلتها الكلمة التأطيرية للشيخ عبد الله بن بيه، التي تناول فيها أبعاد إشكال التحريض على العنف وخطاب الكراهية من منظور لاهوتي وديني، ارتكز على فلسفة الدين الإسلامي العميقة ومقاصده السامية، معتبرا أن دور رجال الدين في هذه المرحلة هو "نزع اللبوس الأخلاقي الذي يستقوي به الخطاب التحريضي وسلبه الشرعية الدينية التي تلبّس بها".
وفي سياق تحرير مفهوم التحريض، دعا رئيس منتدى تعزيز السلم إلى "ربط مبدأ حرية التعبير الذي أصبح مبدأ مقدسا في الحضارة السائدة بمبدأ المسؤولية عن نتائج التعبير"، مشيرا إلى أن خطاب التحريض الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام يعتبر من أهم محرضات العنف ومؤججات الكراهية، مما يستدعي القيام بمراجعة فكرية لمبدأ حرية التعبير بشكل براغماتي نفعي ينظر إلى التأثير الميداني له.
و دعا الشيخ عبد الله بن بيه إلى "ملاءمة القوانين المكافحة لخطاب الكراهية والعنف للبيئات التي يراد تنزيلها عليها، مع مراعاة الخصوصيات والتفاوت بين المجتمعات واعتبار التراكمات التاريخية في كل مجتمع مجتمع". كما شدّد الشيخ بن بيه على أن الدعوة إلى حرية "تدنيس المقدّس وشتم رموز الإنسانية الذين نؤمن بأن معنى الوجود وصل إلينا من خلالهم هي من هذا الصنف من حرية التعبير المحرّضة على العنف والكراهية والمؤذنة بخراب النظام العام للمجتمعات".
وخلص المحاضر إلى التنويه بالتجربة الإماراتية في معالجة خطاب التحريض على العنف، التي اتسمت بـ"الواقعية في مراعاة خصوصية السياق المحلي، وبوضوح الهدف بسنّ قانون لمكافحة التمييز وخطاب الكراهية وازدراء الأديان يحصن المجتمع ويحميه ضد خطابات الكراهية والتحريض على العنف".
جدير بالذكر أنها المرة الثانية التي تدعو فيها الأمم المتحدة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه لإلقاء كلمة في فعالياتها، وكانت المرة الأولى في شهر أكتوبر 2015 في قمة القادة لمكافحة الإرهاب.
