من أجل العدل لا من أجل الانتقام!

-A A +A
اثنين, 2020-12-07 12:00
النائب محمد الأمين سيدي مولود

ملاحظتان لا يمكن لمن يدعو للعدل والمؤسسية واحترام القانون أن يتجاوزها أو يتجاهلها ولا أن يبررها:

1 _ ازدواجية التعامل مع المشمولين في ملف التحقيق البرلماني، إن كان تقرير اللجنة هو المرجع فإن تعيين بعض المشمولين فيه وتجديد الثقة بهم خطأ كبير إذ يجب أن يعاملوا بما يعامل به الآخرون في إطار السعي إلى المحاسبة، وإن كان تقرير اللجنة لا علاقة بالأمر فيجب أن يتسمى الملف بعنوان جديد، مثلا "تحقيق شرطة الجرائم الاقتصادية"، أو "ما يطلبه الإدعاء العام والسلطة التنفيذية" أو "نقع صراع المرجعية". 

وإن قال قائل: المتهم بريء حتى تثبت إدانته وعليه يمكن الاستفادة منهم ريثما يقول القضاء كلمته، فيرد عليه باثنتين:

_ لماذا لا تكون البقية بريئة حتى تثبت إدانتها؟ فقد عُزل البعض بينما أبقي على البعض وعُين البعض من جديد، وتم تكريم البعض والإنفاق عليه، في وقت ضويق البعض وسُحبت أوراقه وحُجز البعض أياما لدى الشرطة!

_ إن أصل البراءة لا يستوجب التكريم لمن به شبه وتم الشكاية منه من طرف البرلمان نيابة عن الشعب، لذلك الأجدى والأصوب والأعدل تحييد المشتبه بهم جميعا حتى تثبت براءة الأبرياء منهم، و"ويحك لا تزني ولا تتصدقي". فلا تضايقوهم _ إن شئتم _ قبل حكم القضاء، لكن لا تعينوهم، وفي الكفاءات الوطنية الكثيرة مندوحة عنهم.

إن ملف التحقيق البرلماني شمل عشرات المسؤولين، ولن يقبل ذو ضمير حي وساع إلى العدل أن تكون نهايته محصورة في بضعة أشخاص يعدون على أصابع اليد، أغلبيتهم لم تشغل منصبا عاما، بينما تعاد الثقة لأذرع سلطوية متهمة، لأنها أدوات لا تتورع عن فعل أي شيء لأي نظام.

2 _  مسار محكمة العدل السامية، فهي مؤسسة دستورية مثل البرلمان والمجلس الدستوري، وتنتخب مع كل مأمورية برلمانية، وتعطيلها طيلة السنوات الماضية لا يبرر الاستمرار في ذلك الخطأ، وأستغرب صمت من كانوا يطالبون بها طيلة الفترات الماضية، خاصة بعد تصويت البرلمان بإجماع على قانونها يوم 27 يوليو الماضي، واعتبار المجلس الدستوري ذلك القانون دستوريا في جلسة بتاريخ 12 اغشت الماضي، وهو ما يعني وجوب إصدار القانون ونشره في أجل أقصاه 30 يوما من ذلك التاريخ أي أنه ينتهي يوم 11 سبتمر الماضي، فلماذا الوقوع في مخالفة قانونية طيلة هذه الفترة؟ والتمادي في تعطيل مؤسسة دستورية هامة؟!

إن احتقار الجانب الشكلي للقانون وللمؤسسات لا يطمئن على الجوهر، والإمعان في الازدواجية في "المحاسبة" يفرغها من محتواها ويحول العمل المؤسسي إلى انتقام شخصي وتصفية حسابات سخيفة!

 

بقلم النائب محمد الأمين سيدي مولود