ولد منصور يرد على متهمي تيار الإسلاميين بالتناقض

-A A +A
جمعة, 2020-12-25 21:05

نشر القيادي في تيار الإخوان المسلمين بموريتانيا؛ والرئيس السابق لحزب "تواصل" المعارض؛ محمد جميل ولد منصور تدوينة في حسابه على موقع "فيسبوك" ضمنها "ملاحظات" حول تدوينتين لكاتبين بارزين تنتقد أولاهما "تناقض مشروع الإسلاميين مع قواعد اللعبة المرسومة سلفا"؛ فيما نبهت الثانية الإسلاميين إلى "مهمة التثوير الواعي للأمة".

وكتب ولد منصور: "قرأت تدوينتين عميقتين لأخوي العزيزين الأستاذ صبحي ودادي والدكتور الشيخ احمد البان تمحورت الأولى منهما حول تناقض مشروع الإسلاميين مع قواعد اللعبة المرسومة سلفا، وسلوك مسار مختلف أوله عمل سياسي لا حزبي!، بينما تولت الثانية تنبيه الاسلاميين إلى مهمة التثوير الواعي للأمة بعيدا عن التأول والترخص الذي يصلح للأفراد لا الجماعات....

واستدعت مني التدوينتان المهمتان بعض الملاحظات:

1 - أن التيار الإسلامي في بداية نشأته، وهو ما تربينا عليه أول الأمر، قدم نفسه بديلا كليا عن واقع مختل على كافة الأصعدة الفكرية والسلوكية والاجتماعية ودون تأخير كبير أضاف السياسية والتدبيرية، وكان واضحا أن فكرة التغيير الكلي أو الإحلال حاضرة في طرح هذا التيار، فهناك واقع ينبغي تغييره، وهناك بديل يلزم إحلاله، والأمر يتوجه للجوهر والبناء من أساسه ثم من بعد إلى البرامج والسياسات. مع التجربة، وعندما تحول الإسلاميون من المقاربة الإيديولوجية الصارمة إلى كيانات سياسبة وتنظيمية تتعاطى مع الواقع، وتجسد فكرة الإمكان الشرعي، وتتلاحم مع الناس والآخرين في همومهم وأسئلتهم وأقضيتهم، بدأت الخلاصات المغلقة تتفتح وشرعت الأحكام والتقويمات تتغير، ودخلت أدبيات وممارسات الإسلاميين مصطلحات جديدة واستدراكات جديدة ونسبية واسعة.

2 - كان منطق التغيير حاضرا في أطروحات الإسلاميين وأسهم الشهيد سيد قطب وآخرون في إعطاء فكرة التغيير نفسا راديكاليا، ولكن التطور المشار إليه آنفا أبرز المقاربة الإصلاحية من جديد، واكتشفت الحركات الإسلامية أن مجتمعاتها مازالت تحوي خيرا كثيرا، وأن مهمة الدعوة تنمية هذا الخير والتعاون مع أهله، ومهمة السياسة استثماره في عمل واقعي يصالح الأمة ولا يصادمها، يقبل بالتدرج بل يلزم سبيله، ويراكم تجربة يتحقق فيها ما أمكن، ويتطور الإسلاميون أثناءها ويتجددون، وطبيعي أن يؤدي هذا التطور إلى تجارب فيها النجاح وفيها الفشل، فيها التقدم وفيها التأخر لأننا انتقلنا من التعميم إلى التفصيل، وتطورنا من خطاب الهوية إلى خطاب التدبير، وليس من المناسب عندما نتعرض في هذا المسار الصعب بطبيعته وإكراهاته لمشاكل وارتباكات وتراجعات أن نعود إلى خطاب اللاواقعية ومنطق الإحلال، وانتظار فرج نحن المسؤولون شرعا عن العمل تدبيرا وحسابا وتقديرا لتحقيقه والله يسدد ويحفظ ويوفق.

3 - الجماهير في الظروف الصعبة والحرجة، تحتاج من يقودها لا من تقوده، للجماهير أن تعبر عما تريده، وأن تجعل عواطفها وهويتها وعزتها في مقدمة شعاراتها وأساسا لنظرتها لحركاتها وقواها الحية، ولكن مسؤولية الكيانات العملية والأحزاب السياسية أن تبحث للجماهير عن أحسن السبل وأفضل الطرق لتحقيق الأهداف المطلوبة، فعلى الشعوب أن تعبر عما تريد وعلى الطلائع أن تبحث عما يمكن إنجازه ويناسب اتباعه.

ثم لماذا نضع الناس بين ثنائية التثوير الواعي والانصياع البارد، تلك ثنائية تذكرني بثنائية الاستبداد وقبوله أو الفوضى وحتميتها!!! من حق الأمة على أهل الوعي والريادة أن يقوم مسار التثوير وأن يتوقف عند النتائج والمآلات، لاشك ثمة إيجابيات كثيرة ومعها مشاكل كثيرة، والمهم أن لا نرتهن لمقاربة واحدة في واقع شديد التحول وأهم ما فيه أن نقرأ جيدا موازين القوة كل أنواع القوة فيه".