أحمد بن السالم بن اشنيظرة ، ولد عام 1969م بضواحي مقاطعة باركيول درس بالمحضرة ثم التحق بالتعليم النظامي ليتخرج بتفوق عام 1994 بشهادة المتريز من جامعة انواكشوط ، دخل عدة دورات في الادارة والحاسوب واللغة الانجليزية ، كاتب ومدون .
عمل شرطي في الامارات العربية المتحدة 16 سنة ، قبل أن يتم الاستغناء عن خدماته هو و باقي أفراد الشرطة الموريتانية التي كانت تعمل في دولة الامارات ، يرأس منظمة "إنصاف" المطالبة بإنصاف شريحة لمعلمين ، عضو مؤسس في حراك لمعلمين العام وقع عليه الإجماع العام ليتولى رئاسة منسقيته العامة في دورتها الاولى قبل أن يستقيل منه ويلتزم الحياد بين اعضائه ، يتسم خطابه العام بالاعتدال والوسطية غير منتم لأي حزب سياسي ، يحسب سياسيا على وزيرة الخارجية منت أصوينع ، متزوج وأب لستة أطفال .
وكالة "موريتانيا اليوم " إلتقت ولد السالم فأجرت معه المقابلة التالية :
موريتانيا اليوم : بوصفكم رئيس منظمة إنصاف هل لكم أن تحدثونا عن أهدافها و أنشطتها بعد مضي قرابة السنة على ترخيصها ؟
أحمد ولد السالم :
إن الهدف من إن شاء منظمة " إنصاف " ، وكما هو واضح من اسمها ، السعي لإنصاف المظلومين والمهمشين من ابناء شعبنا وبذل المستطاع من الجهد في سبيل تحقيق ذلك الهدف النبيل ، ومنذ اليوم الاول لإنشائها وحتى قبل حصولها على الترخيص ومنظمة " إنصاف " تعمل بشكل حثيث لبلوغ هذه الغاية النبيلة.
موريتانيا اليوم :أين منظمة إنصاف مما يجري من تجاذبات بين مكونات حراك لمعلمين ؟
أحمد ولد السالم :
قبل الاجابة على سؤالكم الكريم لا بأس أن نذكر القارئ الكريم بالدور المحوري الذي لعبته منظمة "إنصاف" في ميلاد هذا الحراك المبارك . إذ يعود لمنظمة "إنصاف " ، التي أنشئت نهاية عام 2011م ، كبير الفضل في المساهمة في ميلاد ما بات يعرف اليوم بحراك لمعلمين – بمفهومه الأشمل- لما احدثه المقال التعبوي الشهير الذي استحث أبناء وبنات هذه الشريحة على "الانتفاضة " ضد الظلم ، و كانت المرة الاولى في تاريخ موريتانيا التي يدعو فيها أحد أبناء هذه الشريحة إلـى "انتفاضة شاملة " ضد ظلم الدولة والمجتمع ، في مقال مكتوب وموجه إلى الرأي العام الوطني ونشر في معظم المواقع الوطنية والعديد من الجرائد واذكر أنه حاز على عدد كبير جدا من تعاليق قراء موقع تقدمي الذائع الصيت في تلك الفترة .
كما أن منظمة "انصاف " هي أول منظمة حملت اللافتات المكتوبة بالخط العربي العريض ، وتصدرت بها أضخم مظاهرة للمعارضة الموريتانية وسارت بها إلى المنصة الرسمية حيث رفعتها عاليا سواعد رجال قلائل لا يتجاوز عددهم يومئذ عدد أصابع اليد الواحدة ، لتسرق في تلك الأمسية المشهودة الأضواء وتلفت إنتباه الناس إلى هذه القضية بشكل مقنع وميداني .
ومنظمة "إنصاف" هي أيضا التي أَّطّرَت ومَوَّلَت حملة الكتابة على الجدران في العاصمة انواكشوط وانطلق فرسان تلك العملية من منزل رئيس منظمة "إنصاف" ..
و"إنصاف" أقامت سلسلة من الندوات ، ونشر رئيسها أكبر كمّ من المقالات التي تحث جمعها على إنصاف هذه الشريحة الكريمة وقارب عددها الخمسة عشر مقالا . وأخيرا فإن منظمة "إنصاف" هي أول منظمة مدافعة عن شريحة لمعلمين تدخل القصر الرئاسي وتبلغ رئيس البلاد وجها لوجه حقيقة معاناة لمعلمين بصوت مسموع وجسور وغير مترجف أو طامع أو متزلف .
هذه هي منظمة "إنصاف" التي تقدر في ذات الوقت جهود كل الخيرين الذين سبقوها أو عاصروها وأضافوا مشكورين لبنة مهمة في هذا الصرح النضالي من امثال سيدينا ولد الهادي و الشيخ ولد بيبه ومحمد المصطفى ولد عمار ولد عين الذيب ومحمد عالي ولد امخيرف ومحمد الامين ولد الوافي وعيرهم ، وكذا أصحاب الاقلام المتميزة كالدكتور محمد ولد محفوظ الذي أنار لنا الطريق بكتاباته المتميزة ونقده الراقي . وإجابة على سؤالكم لما كثرت المبادرات والمنظمات التي تكاثرت بشكل متسارع ولافت ، سعت منظمة "إنصاف" بكل ما أوتيت من قوة إلى توحيد الجهود وترشيد النضال خدمة للقضية ، لكنها وبعد أن فشلت في تحقيق ذلك الهدف ونالها ونال رئيسها ما ناله من أذى ، قررت "إنصاف" أن تقف من جميع النشطاء والمبادرات والمنظمات مسافة متساوية وأن تلتزم الحياد فيما يدور بينهم من مناكفات وخصومات تفتقر في الغالب الأعم إلى الحصافة والعقلانية و لا مبرر لها ولا مسوغ لها على الاطلاق طالما أن المعاناة واحدة والهدف واحد .
موريتانيا اليوم : بعد الندوة التي أقيمت في فندق موري سانتر 30 نفمبر 2013 أحست الدولة بميلاد حراك لمعلمين ، و بادر النظام إلى الاتصال بمجموعة من لمعلمين كنت من ضمنهم ، بعد هذا اللقاء تم تعيين وزيرة من شريحة لمعلمين كانت ضمن المجموعة ، السؤال ماذا قدمت هذه الوزيرة لشريحة لمعلمين ؟
أحمد ولد السالم :
هذه معلومة مغلوطة وغير ودقيقة على الاطلاق ، كانت الدولة على علم بحراك لمعلمين قبل ندوة موري سانتر بوقت طويل وتم الاتصال ب"إنصاف" منذ بعض الوقت وحدد موعدان للقاء رئيس الجمهورية قبل هذه الندوة بأربعة اشهر وكان آخر الموعدين قبل ندوة موري سانتر بشهر واحد ثم أُجِّل أيضا بسبب ارتباطات رئيس الجمهورية ، ليتم اللقاء في الموعد الثالث بعد الندوة ، حتى أنني رفضت الحضور إلى بوابة القصر ما لم يتأكد اللقاء ذلك أنني ساورتني بعض الشكوك حول عدم جدية اللقاء لتأجيله مرتين من قبل ، وفعلا اتصل علي صديقي محمد المصطفى ولد عُمار وقال لي : "نحن ننتظرك " وكنت لا زلت في منزلي بتوجونين ، فانطلقت لأصل متأخرا بحوالي نصف ساعة ، لذلك من الخطإ والخطل الزعم بأن اللقاء جاء ثمرة لندوة موري سانتر التي نظمنا قبلها أيضا عدة انشطة وندوات .
أما عن ماذا قدمت هذه الوزيرة لشريحة لمعلمين ؟ فأعتقد أن هذا السؤال سابق لأوانه إذ لم يمض على الوزيرة في وزارة الثقافة والصناعة التقليدية إلا اشهر قليلة ، ثم عينت حديثا على رأس الدبلوماسية الموريتانية وهذا شرف لنا جميعا ، واعتقد أن الوقت لم يحن بعد للحكم عليها ، وعموما يجب أن يطرح هذا السؤال على الوزيرة نفسها فهي المعنية بالجواب عليه .
موريتانيا اليوم : كنت منسقا عاما لحراك لمعلمين ، و بعد انتهاء مأموريتكم ، أو اتخاذ المنسقية لقرار بعزلكم ، انسحبت منها ، ماهي الاسباب الكامنة وراء ذلك الانسحاب ؟
بعد تذمر جميع المنظمات والمبادرات من اصرار الاخوة في " حراك لمعلمين" - أو ما أصبح يعرف بـ "منظمة حراك لمعلمين" - على الانفراد بحمل لواء هذا الاسم الجامع والذي يحيل إلى حالة تململ عامة قامت بها شريحة بأكملها عبر فترات متلاحقة ، تداعى جميع ممثلي هذه المبادرات والمنظمات الرافضة لهذا الاستفراد ، إلى اجتماع عام في منزل رئيس منظمة "إنصاف" حيث اتفقوا على تكوين تكتل يجمع كل المبادرات والمنظمات تحت مسمى "حراك لمعلمين العام " ، بعد أن فشلت مساع بذلتها لثني أو إقناع الاخوة بتغيير اسم منظمتهم إلى إسم حركي اسوة بجميع المبادرات والمنظمات الاخرى وترك ظاهر {حراك لمعلمين } كعنوان عام يندرج تحته الجميع .
وبعد الكثير من الاخذ والرد تم التوافق على رئيس منظمة "إنصاف" ليتولى رئاسة هذا الحراك العام ، حيث صغت البيان التأسي ورفضت بشكل قطعي دعوة جميع الرؤساء عقد مؤتمر صحفي في اليوم الموالي وإعلان تجميد عضوية الاخوة في الحراك المصغر واعتبارهم خارج الشرعية ، رفضا مني للتصعيد و منعًا لتدهور العلاقة بيننا . ثم قررنا الخروج إلى الرأي العام الوطني بوثيقة مطلبية شاملة ؛ وفعلا تمت صياغتها على عجل ونالت اعجاب الكثير من المراقبين ومتاعبي شأن هذا الحراك .
بعد ذلك مباشرة شرعت في صياغة نظامين أساسي وداخلي يؤسسان لتناوب سلمي وهاديء وحضاري لرئاسة حراك لمعلمين العام ، وفعلا انتهيت من صياغته ووضع تحت المراجعة والتصويت ، ومن جملة ما اتفقنا عليه ليلة تنصيب المنسق العام أن تكون القرارات بالإجماع التام في انتظار انشاء النظامين الاساسي والداخلي والتصديق عليهما ، لكن المشاكل وحالة عدم الثقة كانت سيدة الموقف ؛ اذ ما لبثت مشكلة صغيرة – أتحفظ هنا على ذكرها - أن عصفت بكل تلك الجهود الجبارة ، لينتهي أمر المنسقية العامة بقيام اشخاص بعينهم بالتمرد على النظام التوافقي مدفوعين بنزوات شخصية تستعجل الرئاسة و التصدر ، فكان البيان الفاقد لشرعية الاجماع القاضي بإقالة المنسق العام لحراك لمعلمين دون علمه وخلافا لإرادة الغيورين على حالة الانسجام العام وإكمال المرحلة الانتقالية ...
وقد أحسن بي ربي إذ أخرجني من سجن حراك يحمل بذور فنائه بين طياته ، فقدمت استقالتي منه طواعية غير آسف على فراقه . ثم اعلنت صفحي عن جميع النشطاء والوقوف مسافة متساوية منهم جميعا ، وعدت إلى النضال من داخل أسوار منظمة "إنصاف" التي أسست من أول يوم على الصدق والإخلاص والاحترام المتبادل بين اعضائها .
موريتانيا اليوم : إلى أين يتجه حراك لمعلمين ؟
أحمد ولد السالم :
عن أي حراك تتحدث ؟ ، هل تتحدث عن حراك لمعلمين الذي يتزعمه جدو ولد البشير؟ .. أم عن حراك حركات لمعلمين الذي يتزعمه محمد فال بومبيرد؟ .. أم عن حراك لمعلمين الذي يتزعمه الشيخ ولد بيبه ؟ ... أم تُراك تتحدث عن حراك لمعلمين الأعم الذي كان يوما مثار اعجاب الرأي العام الوطني ؟ مهما يكن سؤالكم ؛ فإن حراك لمعلمين الأعم سيبقى كظاهرة اجتماعية وسيستمر لسنوات عديدة قبل أن يزول بزوال أسبابه ومسبباته ،ويبلغ غاياته ومآلاته .
موريتانيا اليوم : هل صحيح أن بعض المستفيدين من الوظائف لعب على وتر التفرقة بين مكونات هذا الحراك ؟
أحمد ولد السالم :
لا أملك دليلا على صحة هذه النظرية ، وإن كان المنطق يقول بأن من مصلحة اصحاب تلك الوظائف السامية إبقاء حراك لمعلمين حيا وفي أوج قوته ، لأنهم أكثر المستفيدين منه وهو الضامن لبقائهم في مناصبهم ، لكن يتعين عليهم المساهمة في تأطيره من خلال العمل على ترشيد خطابه ونزع صبغة العنف والكراهية منه - إن وجدت - كي يتحول إلى ما يشبه جماعة الضغط الموجودة في كل القبائل الموريتانية التي تعمل على حماية مصالحها وتمثيلها الدائم في الوظائف السامية في الدولة .
موريتانيا اليوم : هل من كلمة أخيرة توجهونها لحراك لمعلمين ؟
أقول للإخوة جميعا مع حفظ الالقاب إن الطريق النضال لا يزال طويلا وشاقا وإنه حري بنا جميعا أن نحترم انفسنا قبل أن نطلب من الآخرين احترامنا وتقديرنا و إنصافنا. لقد ساءتني كثيرا الحرب العبثية التي نشبت بينكم ونزولكم إلى مستويات غير مقبولة من الصراع على الالقاب والمسميات و انحدار مستوى خطابكم العام ، واحتكامكم على وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لتصفية الحسابات بينكم .
كما ساءني كثيرا هذا التدافع والتسابق غير المعقلن للإجتماع و التقاط الصور مع رؤساء احزاب كرست التهميش والإقصاء طيلة تاريخها ، فما الذي تغير لتبدو بين عشية وضحاها وكأنها المخلّص والمنقذ !؟. لقد كانت (حرب التسميات) مربكة للرأي العام الوطني الذي لم يعد قادرا على التمييز بين خيط هذه الحِراكات الأبيض من خيطها الأسود ، ثم جاءت المؤتمرات الصحفية والمؤتمرات الصحفية المضادة ، لتزداد الامور سوءا ، الأمر الذي أعاد إلى الاذهان المقولة القائلة بأنكم "لن تبنون حلة !" ، وقد كان الاولى بكم جميعا إثبات العكس ودحض جميع المقولات المشابه ، قبل أن تطالبوا بالندية والمساواة في الحقوق والواجبات .
- يجب أن نمارس النقد الذاتي ونسأل أنفسنا عن ماذا نريد على وجه التحديد. - يجب أن يحترم بعضنا بعضا .. قبل أن نطلب من الآخرين احترمنا وتقديرنا. ويجب أن يصغي بضنا لبعض .. قبل أن نطلب من الآخرين الاصغاء إلينا . و يجب أن نتواضع قليلا فإن التواضع فضيلة . - وختاما يجب أن نتذكر دائما وأبدا بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . ولله الامر من قبل ومن بعد .
