غثاء كغثاء السيل (٥) / باريكي بياده

-A A +A
خميس, 2015-05-28 09:04

بات الإرهاب حجة مقنعة للعالم بأسره لقتل من حبب الله إليه الإيمان وزينه في قلبه وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان ! فالغرب المتطرف وإسرائيل الإرهابية والموالك التكفيريون والعساكر المتشددون لا يتجرؤون على هذا التوصيف للإرهاب لكنهم لا يشرِّعون قتله إلا من كانت هذه صفاته !

فمن حبب الله إليه الإيمان راديكالي عند هؤلاء ومن زينه في قلبه شمولي عند أولائك ومن كرّه إليه الكفر والفسوق والعصيان مكفِّر متشدد متطرف عند الآخرين ! فالتعرِّي مثلا الذي يأباه الشرع والطبع والعقل حرية شخصية أما الحجاب فيدخل في مفهوم الإرهاب ! ومن آذا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فتلك حرية تعبير ومن انتقد أبناء القردة والخنازير فقد ولج بابا من أبواب الإرهاب ! أما الديمقراطية التي أصبح الإيمان بها محل الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره بين المسلمين قبل غيرهم فهي الإرهاب نفسه إن أوصلت حماس أو مرسي إلى الحكم ! فبالرغم من تعارض وتناقض وحتى عدم الإشتراك في حرف واحد لمادة (ر ه ب) المكونة للإرهاب و(س ل م) المكونة للإسلام لا غضاضة عند هؤلاء وأولائك في الحديث عن الأول للتعبير عن الأخير لئلا يُحرَج العملاء تجاه الشعوب الإسلاميه !! فالشخص والجماعة والتنظيم وحتى الدولة إرهابية تلقائيا إن كانت إسلامية !! فمنذ مئات السنين وبورما تقتل وتحرق المسلمين ومنذ عشرات السنين تقتلهم إسرائيل وإفريقيا الوسطى بل إن الأمم المتحدة طلبت من المسلمين تسليم السلاح والتزمت بتأمين سربرينيتسا لتُشرف على قتل الصرب لآلاف المسلمين عام ١٩٩٥م. فقط لأنهم مسلمون ! ومع كل هذا لم نسمع عن الإرهاب أحرى عن الحرب عليه !! فالمجرم غير المسلم لا يهتم القانون بديانته بقدر اهتمامه بجرمه خاصة إن كان في حق المسلمين ! والمسلم (المجرم) لا يهتم القانون بإجرامه بقدر اهتمامه بإسلامه خاصة إن كان في حق غير المسلمين ! ويقسم القانون الإجرام إلى أربعة أقسام صريحة وغريبه !! :١) إذا كان المقتول مسلما مظلوما والقاتل ظالما وغير مسلم فذاك دفاع عن النفس مثل تنظيم إسرائيل الإرهابي أو مرض عقلي مثل الأمريكي تشابل هيل الذي لا أنسى إسمه والذي قتل ثلاثة مسلمين لأنهم مسلمون ولو كان غير آمريكيا لكثر منتقدوه من المسلمين وغيرهم ولو كان مسلما لتضاعفوا ولو أن ضحاياه غير مسلمين لكان منتقدوه أضعافا كثيرة ! وترى فرنسا المتطرفة أن مذابحها في الجزائر (للمسلمين) لا تستحق الاعتذار!!٢) إن كان الضحية والجلاد غير مسلمين فيُنظر في الأسباب ويبحث بجدية عن الحلول العاجلة والناجعة ويعمل غير المسلمين بالآية والصلح خير !! ٣) إذا التقى المسلمان بسيفيهما فلا تعدو كونها فوضى ولو بلغ الضحايا مئات الآلاف إذ الغرب المتطرف يصيب ثمة عصفورين بحجر واحد وهما قتل المسلمين وبيع السلاح !!؛ أما المسلمون فلا يذكرون قصيدة أمل دنقل "لا تصالح" إلا في هذه الحال !!٤)أما إذا كان الجاني مسلما ولو مظلوما والمجني عليه ظالما غير مسلم وأيا كانت الأسباب فذلكم الإرهاب فذلكم الإرهاب !! والإسثناء الوحيد من كل هذا هي محرقة الهولكوست التي من أنكرها فهو مجرم متطرف إرهابي ! خاصة إن كان مسلما ! فالإرهاب هو الإسلام باختصار عند هؤلاء والإسلام هو الإرهاب باختصار عند أولائك ! بل أصبح الغرب المتطرف يعبر عن من يستبيح دماءهم بالإسلاميين أكثر منه بالإرهابيين علنا وصراحة لاحتقاره لعملائه الذين هم حكامنا الذين لا يجرؤون على تسمية من أعلن الحرب الصليبية صليبيين بل يسمونهم بكل احترام ووقار وإجلال (الو لــــاــ يـــــات المتحدة الأمريــــــكية) !! والمقرَّر شرق الأرض وغربها أن غير المسلم بريئ حتى تثبت إدانته والمسلم مجرم حتى تثبت براءته وهيهات ! وكلما كان أكثر التزاما بدين الله جلب لنفسه المضايقات والريبة والجدل ! ولا عجب في من يعتبر الاسلام إرهابا والجهاد في نظره هو ذروة سنام الإرهاب !! ولئن كان الغرب المتطرف يسمي اصطلاحا (الإرهابيين) إسلاميين فحكام الشرق المتشددون يصطلحون على تسميتهم جهاديين ! وتمضي الحرب على الإسلام بردا وسلاما على من أعلنها عليه برعاية عملاء يحرسون الحدود و(علماء) يحرسون القلوب ولا يجيز العلماء ولا يقبل العملاء لمسلم حمل السلاح ولو على أعداء الإسلام الحاملين السلاح عليه بل إن ما تملكه الأمة من سلاح ومال وجاه مخصص لقتل (الجهاديين) ! ولكم في القوة العربية المزمع تشكيلها في الشهر المقبل مثال صارخ ؛ ففي اجتماع عربي إسلامي خالص تحدث أمين عام جامعة الدول العربية في اجتماعها السادس والعشرين الشهير وقال أن العرب اتفقوا على تشكيل قوة متعددة الجنسيات وترجمها إنجليزيا (multinational foce) ؛ وأردف قائلا أن القوة ليست ضد أي دولة بل هي خاصة للتصدي (للإرهاب) طبعا بمفهوم من تُرجمت لهم الكلمة خارج القاعة رغم أن مفهومه عند الحاضرين كان كافيا ومرضيا للغائبين ! والسبب الوحيد لكل هذا هو أن دولة واحدة إسلامية قامت والفرق كبير بين دولة إسلامية ودولة مسلمة والتي يمثلها كل الدول العربية المثيرة للشفقة بلا استثناء وقد أشفقت عليهم رسميا وأولهم (خـــــــــــادم) الحرمين الشريفين وشعبيا وأولهم نفسي فحين أُعلنت الخلافة الإسلامية في العراق والشام فتح الحدود العثمانيون لمن يراهم القوميون المتمردون على الخلافة العثمانية تكفيريين جهاديين ويراهم الغرب المتطرف إسلاميين إرهابيين ! وحين أُحصي جنودها كان أغلبهم غير عربي ! ولما تحدث أبو عبيدة المتحدث الرسمي باسم من هزم جيش أشد الناس عداوة للذين آمنوا شكر إيران التي ينفق (بواسلنا) ثرواتنا من أجل التصدي لها بطريقة غير مباشرة بقتلنا ثم ينفقون أضعاف ذلك ليُحمَوا منها لو اضطروا لمواجهتها مباشرة !! قال تعالى (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لايكونوا أمثالكم)!! أفكلما تحول أكثرنا إلى أمثال أبي لهب وأبي جهل والنضر يتحول أكثرهم إلى أمثال سلمان وصهيب وبلال ؟!! رضي الله عنهم ؛ ولم أر في الأمة الإسلامية من عاش شريفا إلا شريفا وسعيدا ولا من مات سعيدا إلا سعيدا وشريفا بل ما عاش شريفا ومات سعيدا إلا شريفا وسعيدا وكوليبالي؛أحسبهم كذلك ولا أزكي على الله أحدا ؛ ليتني مسلما غير عربي !!