تكمن ظاهرة الإلحاد حسب إعتقادي الشخصي إلى أسباب عدة لا يمكن حصرها في الجانب الفكري العقلي وحده ، الذي تبلور نتيجة تراكمات من الدراسة العلمية الرصينة في مجال الدين و التدين ، إذ أن شخصية الإنسان مهما كان مكونة من جوانب روحية و نفسية و عقلية و اجتماعية و نفسية ، وكل جانب من هذه الجوانب له حاجات تنتظر إشباعها ، كما أن لها دورا مهما في تكامل الشخصية ، لذا فإن الملحد هو من تعرض لمؤثرات خارجية تسببت في بناء شخصيته الملحدة الجديدة ، و بالتالي أثرت في تكوينه الفكري مع ضعف جانبه العقدي طبعا ، و هذا التأثير يرجع إلى أسباب عديدة كما قلت ، و لكن الراجع منها سببين الأول ظاهرة الإسلام الفطري على مقاس العادة عندنا ، فالبعض من شبابنا بل و شيوخنا حتى أكون منصفا لم يتمكن بعد من تعلم الدين و فهمه فهما عمقيا ، و يكتفي بممارسة الشعائر على نهج الأقدمين فيصيب مرة و يخطئ مرات ، إذن ينطلق في عبادته لله ليس من منظور التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله و سلم في قوله و فعله و إقراره ، و إنما من منظور لكزانه ، و هذه مشكلة كبيرة يجب النظر فيها ، فالخير كله في الإتباع و الشر كل الشر في الإبتداع ، السبب الثاني الفراغ الذهني الذي يعاني منه كثيرا من شبابنا ، وقديماً قيل نفسك إن لم تشغلها بطاعة شغلتك بمعصية ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله : نعمتان مغبون فيهما كثيرا من الناس الصحة والفراغ ، إن كثيراً من هذا الانحراف الخلقي والفكري الذي نراه عند شبابنا ، و في مقدمته طبعا ظاهرة الإلحاد يرجع كما قلت آنفا إلى ظاهرتي الإسلام الفطري الموروث عن الإجداد بطريقة غير صحيحة ، و الفراغ الذهني ، فمع توافر المال المعين على تحصيل وسائل الانحراف بشقيه الخلقي بالشهوات ، والفكري بالشبهات يعظم الخطب ، و يصعب حل هذه المعضلات ، و الحل يكمن أولا و أخيرا في الرجوع إلى الله ، و تعلم العلم من أفواه العلماء العاملين ، ما دام باب التوبة مفتوح ، و الله اعلم