وجد “عثمان”، صاحب الـ 28 ربيعا، والمحاصر مع غيره من المسلمين في حي الكيلومتر 5 في بانغي منذ 7 أشهر، في الإيمان الذي يغمر قلبه خير ملجأ للصبر على الأذى الذي تسلطه ميليشيات الأنتي بالاكا المسيحية على المسلمين في إفريقيا الوسطى والتي كان شاهدا عليها على مدى أشهر. ومنذ أن وجد نفسه وحيدا، بعد أن تركته عائلته مغادرة إلى تشاد هربا من بطش الأنتي بالاكا، يمضي “عثمان” أيامه في قراءة القرآن وخطّه على الألواح، في انتظار عودة ذويه. يقول الشاب المسلم لوكالة الأناضول: “أكون في غمرة السعادة عند الانتهاء من كتابة لوحة من هذه الألواح”. وجد عثمان في إيمانه طوق نجاة بعد أن فقد كل شيء، وهو الذي كان محاطا بأصدقائه وأسرته وكان يأكل مما تصنع يداه من رغيف في مخبز الحي. اليوم، يعيش الشاب على بضعة أكياس من الأرز مما يجود به “إخوانه من المسلمين” وهي “تكفي لسد رمقه” على حد تعبيره، بعد أن أضحى الغذاء الروحي مطلبه ومنتهى مبتغاه. “أشعر بفرحة عارمة في كل مرة استكمل فيها فيها إحدى اللوحات. لقد تعلمت فن الخط في سن الخامسة، كنت أسافر إلى تشاد مع والدي، تعلمت ذلك هناك، بحسب الشاب الذي أطرق برأسه يهزه الحنين إلى ماضي كان أجمل. ويضيف عثمان في حسرة : “وضْع الإسلام في إفريقيا الوسطى سيء للغاية، لم يبق من المسلمين إلا عدد قليل منذ أن قرر المسيحيون (الأنتي بالاكا) أنه يجب تقتيلنا، وهم يواصلون ذلك وليس في نيتهم تركنا في سلام”. “عثمان” كان شاهدا على اليوم الأول الذي انطلقت فيه المجازر ضد مسلمي إفريقيا الوسطى، يومها، في مطلع شهر ديسمير/كانون الأول، ارتكبت ميليشيات الأنتي بالاكا مجزرة بحق 55 من المسلمين. ويتذكر الشاب ما حصل بجميع تفاصيله المريعة ويقول أن ذهنه لم يتخلص بعد من صور الجثث التي انتشرت مقطعة الأوصال أمام مسجد “علي بابولو” في الحي. “كل ما أرغب فيه أن أتمكن من مواصلة إقامة صلواتي الـ 5 يوميا دون أي مشاكل، وأن تظل ألواحي ويظل قرآني بجانبي، ذلك ما يمنحني القوة والقدرة على المواصلة بعد أن فقدت كل شيء”. يعيش”عثمان” وحيدا في بيت والديه المكون من غرفة وحيدة، وعلى الرغم من وضعه الاقتصادي الصعب، يؤكد الرجل أن مستعد للظرف للزواج للظفر بنصف دينه في غضون أشهر.(الاناضول) -