أسرار شبكة أنفاق غزة.. “مصيدة” المقاومة للإسرائيليين

-A A +A
اثنين, 2014-08-04 16:55

أكدت “صانداي تليغراف” البريطانيّة أن إسرائيل لن تستطيع تحقيق أيّ انتصار في غزة، وأن حربها التي شنتها على القطاع ستنتهي إما بانسحابها بعد خسائرها الفادحة، أو أن تصعد عملياتها العسكرية باتجاه احتلال كامل لكل قطاع غزة، أو، على الأقل، بعض المدن الرئيسة؛ بحيث تتمكن من هدم شبكات الأنفاق وهو الخيار الذي يدعمه المتشدّدون في إسرائيل منذ البداية، لكنّه خيار صعب ومكلف من نواح عدة مثل ارتفاع عدد القتلى والمصابين وربما المفقودين علاوةً على أنه سيتطلّب وقتًا طويلًا.

 

وقال أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية في القدس، مارتن فان كريفيلد، في مقاله بـ”صانداي تليغراف” الذي جاء تحت عنوان “دروس من التاريخ: يجب أن تدرك حماس وإسرائيل أنّ أيًّا منهما لن يفوز بالصراع في غزة”.

 

وأضاف: إن التاريخ يؤكد أن جميع الصراعات العسكرية لا بدّ أن تنتهي بالتفاوض. وأوضح “فان كريفيلد” أن إسرائيل أكّدت مع بدء العمليات العسكرية الأخيرة أنها ستضع مزيدًا من الضغط العسكري على حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وبشكل متزايد؛ بمعنى أن العملية العسكرية ستتطور حسب الحاجة.

 

ويقول “فان كريفيلد” إن هذه التأكيدات الإسرائيلية جعلت الموقف جليًّا، خصوصًا في نقطتين رئيستين هما أنّ الصراع سيكون طويلًا، وأنّ تحديد الرابح سيعتمد على من يصرخ أولًا طلبًا للغوث. والنقطة الثانية -حسب فان كريفيلد- هي أنّ حماس كانت تبدو الأقرب للانتصار ليس لأنها ستتمكّن من سحق عدوّها، وفرض شروط المنتصر، لكن لأنّها صغيرة الحجم وضعيفة مقارنة بالجيش الإسرائيلي، وبالتالي فإنّ أيّ نتائج ستحصل عليها من المفاوضات ستعدّ نصرًا كبيرًا دون شكّ.

 

خنق غزة ليس حلاًّ للانقلاب على حماس

 

ويضيف”كريفيلد” بعد مضيّ 28 يومًا من العمليات العسكرية، فإن إسرائيل ترى أنها حققت تقدمًا، حيث يعاني سكان القطاع من أزمات خانقة، لكنها ليست كافية ليقوم سكان القطاع بالانقلاب على حكومة حماس والثورة ضدها، وهذا لم يتحقق بل هناك دعم شعبي قويّ لها، ويوضّح أن “حماس” ربما تكون بالفعل قد خسرت مئات من عناصرها القتالية، لكن ذلك يبدو أنه ثمن تستطيع الحركة أن تتحمله ولم يظهر أنها تأثرت حتى ولو قليلًا بهذا الامر؛ “بل على العكس تبدو الحركة أكثر تصميمًا على استكمال المعركة بحيث إنه في كل مرة تقبل إسرائيل بوقف إطلاق النار وكانت هي من تطلب وتبدأ”.

 

إسرائيل أمام خيارين لا ثالث لهما

 

ويقول “فان كريفيلد” إنّ هذا الأمر لا يترك لإسرائيل سوى خيارين اثنين، الأول: هو أن تصعد عملياتها العسكرية باتجاه احتلال كامل لكل قطاع غزة، أو على الأقل بعض المدن الرئيسة، بحيث تتمكن من هدم شبكات الأنفاق، وهو الخيار الذي يدعمه المتشددون في إسرائيل منذ البداية، لكنّه خيار صعب ومكلف من نواح عدة مثل ارتفاع عدد القتلى والمصابين وربما المفقودين علاوةً على أنه سيتطلب وقتًا طويلًا. والخيار الثاني هو الانتظار وعدم التقدم، حيث يتم التركيز على الأنفاق التى تربط القطاع بإسرائيل لأنها تمثل الخطر الأكبر، وبعد الانتهاء من هذا الخطر يمكن لإسرائيل الانسحاب من القطاع وإعلان وقف لإطلاق النار بشكل أحادي الجانب. ويقول “كريفيلد” إن هذا الخيار سيكون أقل كلفة من النواحي العسكرية والسياسية، لكن ليس من المؤكد أن تلتزم حماس بوقف إطلاق النار.

 

لماذا لم تدمرها من قبل؟

 

ولكن صحيفة “الاوبزرفر” طرحت سؤالًا مهمًّا وهو: “إذا كانت إسرائيل تعرف طرق وشبكات الأنفاق في غزة واتساعها، فلماذا لم تدمرها من قبل؟”. وقالت الصحيفة في تقرير لها كتبته مراسلتها هارييت شيروود الموجودة على حدود القطاع حيث يتمركز جنود الجيش الإسرائيلي، تحت عنوان: “داخل شبكة أنفاق حماس”، إنّ إسرائيل تعاني معاناة شديدة من أساليب جديدة تواجهها في الحرب على غزة. وتقول “هارييت” إنّ قادة الجيش يرسلون الجنود إلى داخل عشرات الأنفاق التى يتم اكتشافها لتدميرها، لكنهم يقعون في قبضة المسلحين الفلسطينيين. وتساءلت “شيروود”: لماذا سكتت الاستخبارات الإسرائيلية طوال العامين الماضيين إن كانت تعلم بوجود هذه الانفاق؟ وتضيف أنّ “شبكة الأنفاق تصل في بعض الاحيان إلى عمق 30 مترًا تحت سطح الأرض وتمتدّ مسافة تتراوح ما بين كيلو متر واحد إلى 3 كيلو مترات ولكلّ منها عدة مداخل وتفرعات”.

 

دعامات خرسانية وأسلاك كهربائية

 

وتبدأ “شيروود” بوصف هذه الانفاق موضّحة أنّ مدخل النفق يكون غالبًا داخل منزل، ويكون عبارة عن فجوة مثل البئر تنحدر بشكل رأسي ولعشرات الأمتار، قبل أن يستوي النفق بشكل أفقى مع وجود دعامات خرسانية وأسلاك كهربائية، ويكون قطر النفق مترًا واحدًا أو يزيد قليلًا، حتى يصل إلى 2.5 متر، في أقصى الحالات ليسمح بمرور شخص يحمل كمًّا من الأسلحة. وتضيف “شيروود” أن شبكة الأنفاق تصل في بعض الأحيان إلى عمق 30 مترًا تحت سطح الأرض، وتمتد مسافة تتراوح ما بين كيلو متر واحد إلى 3 كيلو مترات ولكلّ منها مداخل عدة وتفرعات، كما تتداخل الأنفاق فيما بينها لتكون شبكة كبيرة من الطرق تحت الأرض، كما يوجد داخلها تبات ترابية تستخدم كنقاط تحكم ومخازن للأسلحة ومناطق آمنة لبعض قيادات الحركة في بعض الأوقات.

 

قادة الجيش والحكومة في إسرائيل والصدمة

 

وتضيف “شيروود” أنّ ضخامة وتعقيد شبكة الأنفاق والهجمات التى تشنّ منها ضد الجنود، أصاب قادة الجيش والحكومة في إسرائيل بالصدمة. وتنقل “شيروود” عن “ايدو هاشت” المحلّل العسكري في وزارة الدفاع الإسرائيلية قوله: “هناك 3 أنواع من الأنفاق في غزة؛ الأول يستخدم للتهريب بين مصر والقطاع عند رفح، والثاني انفاق دفاعية داخل غزة ويستخدم لحفظ الأسلحة وكنقاط تحكُّم وسيطرة، والثالث هو الأنفاق الهجومية، وهذا النوع الذي يوجد على الحدود بين القطاع وإسرائيل”. وتقول “شيروود” إنّ الجيش الإسرائيلي عثرَ حتى الآن على ما يتراوح بين 32 و35 نفقًا هجوميًّا قام بتدمير نصفها، لكنّ قادة الجيش يعتقدون أن هناك نحو 40 نفقًا بشكل إجماليّ من هذا النوع.