مشكلة مكطع لحجار/ محمد ولد الطالب ويس

-A A +A
اثنين, 2017-01-09 09:28

مشكلة مكطع لحجار أن نخبته المثقفة والتي بلغت سن الرشد والإرشاد، سن التأثير والرأي والسداد، هذه النخبة لا تتذكر مكطع لحجار إلا في مواسم الانتخابات، كأنهم لا يصلحون إلا لممارسة السياسة، أو كأن مكطع لحجار لا حاجة له إلا بمن يمارس عنه السياسة،!!! تلك العملية التي من ضمن سلبياتها

 تنمية العقل المادي، وإحالة بقية العقول إلى الهوامش، والعقل المادي من المعروف أن استفحاله يقلب الموازين رأسا على عقب،!
لعل النكوص القيمي، والكسوف الأخلاقي، والجفاف المعرفي، والشحوب العمراني، والتوحش البيئي، عائد إلى هجرة الأدمغة، وعدم تذكرها للمضارب إلا في المناسبات التي تغذي تلك الاختلالات، إنهم هنا يمارسون، ربما، عن غير قصد عملية التعالي بالسياسة، تلك العملية التي تقوم على القذف بالمضمون السياسي للخطاب إلى غياهب اللاشعور، وما يُلقى به في اللاشعور الفردي أو الاجتماعي السياسي لا يمَّحي ولا يندثر بل لابد أن يعبر عن نفسه بصورة أو بأخرى كما يؤكد ذلك التحليل النفسي، والخطاب هنا "نحن لها ولا غيرنا"، أي للسياسة، فتشكل بذلك ارتباط بين مثير شرطي (ظهور النخب) واستجابة شرطية (الاستعداد المحلي لخوض السياسة)، المشكلة الأخرى أن كل من تطفل برأي في الشأن العام من خارج (المثير الشرطي) ونظرا لاحتكار المثير الشرطي للشأن العام، يصبح هذا المتطفل (مثيرا عير شرطي) يقوى قوة (المثير الشرطي) يحدث (استجابة غير شرطية) تقوى هي الأخرى قوة (الاستجابة الشرطية) فيتولد الظن بالاصطفاف والمجابهة والضدية، ومزاحمة أهل السياسة في السياسة!!! إنه خلل مخل ينبغي علاجه، فعلى النخب إعادة صياغة الخطاب ليكون إيجابيا، شموليا، ذا نفع عام، غير إقصائي، ولا يُفهم فيه الاستعلاء والاستئثار، وحتى يسلموا هم أنفسهم من الأنانية وحب الاستحواذ، فتلك صفات طفولية لا تناسب الناضجين،! بل إن العامة يتندرون على أنها من صفات (كابون) أو (شرتات) أو (كرفاف) الذي يقولون إنه يبكي على ما ليس له، والنوادر العربية تقول إنها من طمع أشعب الذي تقول النادرة إنه فتح نافذة صغيرة في غرفته ليمد منها يده وقت النوم، كنوع من الحرص على أن لا تفوته "فضيلة" مد اليد ولو في النوم،! إن مثل هذا الحرص على الاستحواذ على ما هو للناس، وعند الناس، من طرف عدد محصور من هذه الناس، هو ما يولد لدى عامة الناس، شعورا سلبيا اتجاه إخوة تتطلب القيم والأخلاق والدين أن يظل الشعور اتجاههم ايجابيا، فهل هم شركاء في صنع هذا الشعور؟! وهل هم قد سبقت منهم للأرض الحسنى حتى يكون الترتيب الذي وضعوا فيه أنفسهم استحقاقيا على الأقل؟! وهل كانوا في تواصل له أثر مع الأرض والناس طيلة الركود السياسي يجعل اطلالاتهم هذه غير مفاجئة؟!
لا يوجد مفت للديار المقطعية، لا لغوي ولا فقهي، ولا توجد نوادي ثقافية، ولا مكتبات ولا دور للثقافة والفكر، بل إن الحديث أصبح في معظم نوادي القوم حديث بقر وغنم وعلف وبيع وشراء!!!!
لا توجد سوح عمومية ولا منتزهات ولا حتى فضاءات للتنفس في تلك المدينة المخنوقة بأزقتها الضيقة وقمامتها الأليفة المساكنة، وحتى الفضاءات التقليدية (الرباين)، (السهو) طالتها العدالة في توزيع القمامة التي لم تسلم منها (آمير) و(ايدميجن)!!!!
السد (لقليك) شاخ ولسان حاله يقول "هرمنا، هرمنا" وقد احتلته الأشجار البرية غير المثمرة وأصبح في المساءات الماجنة مسرحا لعرض السيارات وأنواع السجائر والعطور، يا للبرور!!!
الشباب يأتي من الخارج والداخل ينوء بحمله من الشهادات والآمال التي سرعان ما تلفظ أنفاسها الأخيرة في ظل غياب العدالة واليد الطولى التي ترى البعيد قبل القريب، فيتحول إلى طاقة سلبية للإيجار أو للبيع، وتتحول مواهبه وكفاءاته إلى مواد لتجميل الترهل والتجعد، وفي أحسن الأحوال الإحباط والعتب الصامت!!!!
هل التفتت نخبتنا إلى كل هذه المآسي والأنات قبل أن تلتفت لتوضع على الأكتاف والهامات؟!!! إن على نخبتنا إعادة صياغة الخطابات والحسابات، فالناس لم تعد الناس والأرض لم تعد الأرض، خطابات وحسابات تضع في الحسبان كل الاختلالات والتوازنات والمتطلبات، وإن مثل هذه الإعادة ستجعل هذه النخبة مطلوبة لا طالبة، أو على الأقل مقبولة، وهذه الخطابات والتي تحتاج صياغتها إلى تزاحم العقول، كل العقول، سينعش الساحة في جميع المجالات وتعيد لها الألق المفقود والانسجام المنشود، وذلك ما نطمح إليه وما نريد.