الذباب الألكتروني!

-A A +A
أربعاء, 2019-10-30 17:54
محمد ولد اندح

"الذباب الإلكتروني مصطلح حديث، يُطلق على الحسابات الآلية التي تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي، وتدار بشكل آلي من قبل مبرمجين مرتبطين بأجهزة حكومية أو أمنية في الدول ولدى بعض المنظمات. تنشر هذه الحسابات مئات آلاف التغريدات والتدوينات المؤيدة لوجهة نظر دولة أو جهة ما، والمحرضة في الوقت نفسه على الجهة المنافسة، وقد تلجأ لنشر أخبار مفبركة وإشاعات*". (*منقول بتصرف).

إلا أن هذا المصطلح قد تحوّل مؤخراً من وصف للحسابات الآلية المبرمجة، إلى أداة قدح في الأشخاص الحقيقيين، لمجرد الاختلاف معهم في وجهة النظر!

وقد بات إطلاق هذا الوصف على المخالف، إحدى الظواهر السيئة في عدم تقبل الرأي الآخر، حيث يكفيك للقدح في مخالفك أن تصفه به، ليغنيك ذلك عن مؤنة الرد المقنع والمهذب، بأفكار قوية ومعلومات منظمة بأسلوب مهني مقبول.

وقد أخذ المصطلح أبعاداً خطيرة؛ حيث ارتبط بأسلوب جماعات بعينها، لإسرافها في استخدامه لمواجهة خصومها، وقد ظهر المصطلح في تعبير شخصيات عامة ذات وزن وتأثير من بينهم علماء معروفون، وهو ما قد يكون أضفى نوعاً من القدسية والقبول "الشرعي" في استخدام المصطلح لمقارعة المخالفين!

وأعتقد أن مثل هذا التحول السلبي في استخدام المصطلح لمواجهة المخالفين قد يدفع إلى تقبُّل تغليب الأساليب القدحية فقط للرد على المختلف، في الفضاء العام، أياً كان نمط ونوع الاختلاف، وهو ما قد يؤدي مع الوقت إلى اختفاء ظاهرة المحاججات العقلانية الموزونة، وسيطرة ظاهرة السباب والتنابز بالألقاب والأوصاف الجارحة، وحينها سينخفض مستوى الوعي تدريجياً بين الناس، ليسود مكانه التخلف والتنطع والعنجهية، وهي صفات ذات قابلية كبيرة للتحول إلى العنف!

فعلينا أن نحذر تأثير أمور نخالها بسيطة، وهي في الواقع بالغة السلبية!