حسبهم أنهم آل الشيخ سيديا..

-A A +A
ثلاثاء, 2019-11-05 11:15
أحمدو وولد إسلمو

ليس خافيا على ذي لب وفطنة وفهم سوي، أن الدافع الأول والأخير وراء حملة الاستهداف اليائسة التي تتعرض لها أسرة آل الشخ سيديا منذ فترة إنما هو المكانة المرموقة والرفيعة التي حباهم الله بها وعرفوا كيف يجيدونها ، قولا وعملا، ويصونوها، خلقا وخُلُقا رغم شراسة تلك الحملة وتنوع أساليبها.

كانت البداية بانتقاد كلمات أول نشيد وطني وفق قادة موريتانيا المؤسسون في انتقائها من شعر فضيلة الشيخ العالم المجدد الشيخ سيديا بابا؛ انسجاما مع التسمية الرسمية للدولة الوليدة (الجمهورية الإسلامية الموريتانية) وشعارها الرسمي (شرف - إيخاء - عدالة)؛ وهي التسمية والشعار الذين لم يكن للشيخ الرمز أي دخل في اختيارهما من قريب أو من بعيد.

ومثلما تحطمت مساعي من وقفوا وراء تلك الحملة على صخرة صلبة من التاريخ الناصع والعطاء العلمي والروحي الدافق؛ بدأت الحملة الجديدة في التبخر والذوبان تحت ضغط كم هائل من المعارف والعلوم راكمته عشرات العقود، بل القرون، من التحصيل والتأليف والإنتاج العلمي والفكري الذي أضاءت شموسه ربوع هذه البلاد، جنوبا وغربا وشمالا وشرقا؛ وتجاوزتها ليشرق إشعاعها مناطق المشرق العربي وشمال إفريقيا الساحل والصحراء.

لقد وهب آل الشيخ سيديا للدولة الموريتانية نخبة من خيرة الكفاءات في جميع المجالات قانونيين، مهندسين، دبلوماسيبن، اقتصاديين... الخ)؛ فكان الشيخ سليمان ولد الشيخ سيديا فارس المعركة الدبلوماسية من أجل حصول موريتانيا على موطئ قدم على خريطة العالم فانتصر بجدارة رغم قوة الخصوم وتعدد وسائلهم وشراسة حلفائهم؛ لتنال الجمهورية الإسلامية الموريتانية مقعدها بين أمم العالم داخل منظمة الأمم المتحدة بعد قل من عام على استقلالها.

غير ان المكانة العلمية والرصيد المعرفي لآل الشيخ سيديا سبقت الاستقلال مثلما سبقت الاستعمار الذي أفضى اليه؛ فقد أسس الشيخ سيديا بابا مدرسة علمية عريقة تخرج منها الكثير من العلماء، وحارب التقليد ودعا إلى الاجتهاد فألف كتابه المشهور (إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين) ورفض المنطق اليوناني وعلم الكلام وحذر من التأويل والتمثيل كما دعا إلى العمل ونبذ الإتكالية التي تميز بها مجتمع شنقيط وحارب الفقر وحفر الآبار وعمم التعليم واهتم كذلك بالسعي في إصلاح ذات البين بين القبائل و لإمارات الموريتانية التى كانت تتناحر فيما بينها .

ويعتبر الشيخ سيديا بابا، بخصوبة فكره وسعة علمه، أهم فقيه شنقيطي طرح نظرية إصلاحية شاملة طبقها على أرض الواقع ، حيث ذاعت شهرته وعم ذكره الآفاق؛ وتميزت مدرسته بجودة مستوى التعليم وكثرة الطلبة والمريدين.

وقد جسدت أسرة آل الشيخ سيديا فعلا وقولا وعلما وأخلاقا المقولة الخالدة: "خير خلف لخير سلف".