البرازيل 2014 : "السامبا" لن تكون الرقصة الوحيدة

خميس, 2014-06-12 07:45

اليوم سيكون على الساحرة المستديرة أن تفهم أن السحر ليس حكرا عليها كما الإستدارة فقلوب وأبصار الملايين عبر العالم ستستدير هي الأخرى مسحورة بأقدام لاعبى عرس البرازيل قبلة كرة القدم لمدة شهر حيث تجرى على ملاعبهاالأدوار النهائية للكأس الأغلى والأحلى والأكثر إثارة عبر العالم كله

قوس قزح سترسمه فى سماء البرازيل وعلى أرضها أعلام وأقدام وسحنات ووجوه قادمة من كل فج عميق بثقافاتها وألسنتها ودياناتها وقدتجردت من محيط الولاءات السياسية والثقافية الضيقة ومخيط القواقع الحضارية والإثنية لن تسير السامبا وحدها هذه المرة مستأثرة بالجمال البرازيلي الساحر لأجسام طرية غضة اعتادت التماوج على أنغامها فى مواسم الفرح النادرة فى بلد ينفق على الملاعب أكثر من ما ينفق على المخابز ويستثمر فى النجيلة الخضراء أكثر من ما يستثمرفى الأجسام السمراء الجائعة فللقادمين أناشيد وطنية جاءت لتستفز الصامبا وتشاركها أجسادا طالما رقصت عليها وعليها وحدها سيكون الحدث تاريخيا درجة نسيان البرازيليين ولولمدة شهر الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى أخرجتهم من ديارهم وقذفت فى قلوبهم روح الثورة والتمرد على نظام يشيد الحصون على حساب البطون سيكون على البرازيليين الجائعين غالبا وضع مأساتهم على "الصامت" فهم يعرفون جمال كرة القدم ويدركون أن الصمت فى حرمه جمال ستكون اللوحة صاخبة حقا وصارخة الألوان والمقاسات فكل هؤلاء قادمون من فجاج الأرض ليصنعوا حدثا استثنائيا ويديروا بينهم كرة القدم كماتدار الراح فى الليالى الملاح قادمون من بلدان الشمس والثلج والصحراء ليوقعوا للمرة العشرين لحظات فرجة صارخة فى سجل اللعبة الذهبي الكل جاء ليصنع النصر والبسمة جاء ليكون فى المقدمة العرب الجزائريون المحاربون والإيرانيون الأشداء والأمريكيون حديثوا العهد باللعبة سيجد الجميع أنفسهم فى نفس المشهد مع الكوريين الذين لايعرفون اليأس والبرازيليين أبناء بجدة الكرة وفخرها التاريخي وفى الجانب الآخر لم يأت الإيطاليون لتناول "أسباغيتى" فقاماتهم بها حنين تاريخي لعناق الكأس المذهب ولم يأت الأفارقة هربا من الشمس وإنما كفاحا لايلين فى سبيل عناق النصرفالغانيون والكاميرونيون والإفواريون والنيجريون كلهم جاءوا ليكونوا جزء أماميا من فسيفساء كروية لاتكتمل ألوانها بدون قاماتهم الصابرة اليابانيون بدورهم وهم شعب صناعة وبناء جاءوا لتصميم أمل شعبهم وبناء ثقته فى النصر تماما كما جاء الاستراليون العتاة لإضافة شيئ ما لتاريخهم مع اللعبة ولن يتفرج الكوستاريكيون قطعا على بقية العالم وهي تتصارع على المذهب فهم أيضا سيحاربون لتحقيق مكسب ما تماما كما يحارب الهندوراسيون أما المكسيكيون فهم يعرفون أن الملاعب تعرفهم كما يعرفونها لن يغيب الارجنتينيون فهم الأيقونة الأكثر ألقا وحضورا حتى لكأنهم يستمدون سمرتهم من النجيلة أوتستمد منهم خضرة أمل طالما تعلق بأقدامهم التى لا تخطأ الموعد مع الكرة وقد أثخنوا طويلا فى ساحاتها صناعة للنصر أوتحملا لهزيمة لامرد لها وسيكون لحضور أتشيليين والأرغواينيين كما الكولومبيين والاكوادوريين نكهة لها طعم تاريخ تعرفه الساحرة صنعوه معها بقتالية ذات مناسبات قد تتقطع لكنها لاتنمحى من الذاكرة عمالقة بلجيكا ستبكى النجيلة بصمت شوقا لتوقيعاتهم الساحرة فوقها تكتيكا ومراوغة وتهديفا بكاء لن يمنعها من عناق القادمين من مدائن النور حاملين أملا فرنسيا لايتقادم بحيازة قصب السبق اعتمادا على تاريخ لايعرف المستحيل لعبوه وكتبوه وتركوه باق فى أجيالهم القادمة قامات البلجيكيين الفارعة كرويا لن تحجب أبدا قامات القادمين من المملكة العظمى يحملون تاريخا صاخبا من الكفاح فى سبيل الكأس وقتالية لاتنهزم حتى وإن خانها النصر الألمان شيئ آخر تاريخ آخر رقصة أخرى لاتؤمن بنعومة السامبا فألحانها خشنة كما الرجال الأشداء من الجرمان الذين إما أن ينتصروا بصخب أوينهزموا بشرف سيكون على الهولنديين أن يزرعوا النجيلة أداء لايعرف المستحيل هم أيضا تتعرف عليهم ساحات الوغى الخضراء بسهولة فمرات اهتزت تحت أقدامهم وإن هدت أحلامهم مرات أخرى تماما مثل البرتغاليين الذين لايتنكر لهم تاريخ اللعبة وإن تنكرت لهم جغرافيتها فقدسكنوا جبين تاريخ المستديرة بقامات ناطحت الشمس وأقدام كان لها أن أعطت اللعبة تاريخا من الإثارة انهزموا نعم لكنهم كانوا الأكثر قربا من النصر الذى هرب منهم ولم يفروا أمامه أبدا أما أحفاد شعوب الأندلس القادمون من اسبانيا فهذه أيامهم فالكرة تعرفهم كما النجيلة والجمهور والتاريخ الذى طالما أثاروه نقعا به حنين مختزن عبر القرون للنصر والريادة والتألق لن يكون الروس فى ذيل القائمة هم أيضا جاءوا بقتاليتهم المعهودة على ضعف فى التجربة ومع إصرار لا ينحنى على ترك بصمة من أي نوع على ملاعب البرازيل ليقولوا للكأس على الأقل نحن مررنا من هنا وسيكون على السويسريين يقينا ضبط ساعاتهم الأغلى فى العالم على موعد مع النصر أوعلى الأقل مع القتال فى سبيله بعزيمة لاتلين ألوان وأعلام وأقدام وموسيقى وفرجة ستلون أرض البرازيل شهرا كاملا ومايبقى هو عيون ستعلق على الشاشات لمتابعة الحدث وهي عيون من كل أنحاء العالم عيون ضيقة وواسعة ونجلاء وبكل الألوان لكن أضعفها بصرا لن تخلف موعدا مع الإثارة يتجدد كما ورق الصبار كل أربع سنوات عيون ربما لم تلح هذه المرة" إلى ضوء نار باليفاع تحرق" بل إلى "ضوء كأس بالبرازيل تلعب" مع الاعتذار للشاعر الفحل ولأصدقائنا من الصحفيين والمعلقين الرياضيين الذين دخلنا عليهم الحرفة تسللا لاغبار عليه

(من صفحة حبيب الله ولد أحمد على "الفيس بوك")