الشيخ عبد الله بن بيه يخاطب قافلة السلام الأمريكية متعددة الأديان

-A A +A
اثنين, 2020-05-11 20:45

اعتبر فضيلة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى السلم في المجتمعات المسلمة، أن البشر - على اختلاف انتماءاتهم الاجتماعية وخلفياتهم الفكرية - إخوة في الإنسانية لقوله جل من قائل: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}؛ مبرزا أن مكانة الإنسان في ديانات العائلة الإبراهيمية ظلت محفوظة لأنه هو القابل الإيمان بالغيب، والحامل بالفطرة القيم العليا.

وأوضح فضيلة الشيخ عبد الله بن بيه، في كلمته الموجهة للقافلة الأمريكية متعددة الاديان، أن مكانة الإنسان تلك ظلت محفوظة رغم محاولة بعض النظريات في العصور الحديثة إلغاء الفرق بين الإنسان والحيوان كما فعل فرويد (Freud) الذي يسميه لول ريكور؛ استاذ الشك، في تحليله النفسي للسلوكيات؛ وداروبن Darwin في تفسيره لأصول الإنسان.

وبين فضيلته أن الديانات ظلت متمسكة بالأصل الإنساني للبشر كمخلوق منفرد، خلق بعناية الله العلي الاعلى، الذي هو المسبب والذي بدأ خلق الكون، بعد أن لم يكن، وأن الكون لا يمكن أن يقفز إلى الوجود من محض العدم إلا بقدرة خالق ازلي قيوم؛ خلق المادة والزمان، فهو اعلى من المكان ومن الزمان.. وبين الشيخ بن بيه أن العدم الذي يعني اللاوجود الخالي من القوى والخصائص والإمكانات لا يمكن أن ينشئ الكون بدون مكون

نص كلمة الشيخ عبد الله بن بيه:

الإنسانية بين الإيمان والعدميات... إن البشر بغض النظر عن كل الفوارق الطبيعية والاجتماعية والفكرية بينهم- إخوة في الإنسانية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا). وفعلاً فإن مكانة الإنسان في ديانات العائلة الإبراهيمية ظلت محفوظة فهو القابل للإيمان بالغيب، والحامل بالفطرة للقيم العُليا، رغم النظريات التي حاولت في العصور الحديثة أن تُلغي الفرق بين الإنسان والحيوان مع فرويد (Freud) -والذي يسميه بول ريكور (Paul Ricœur) أستاذ الشك- في تحليله النفسي للسلوكيات، وداروين (Darwin) في تفسيره لأصول الإنسان.

ورغم المحاججة العلمية الوجيهة ضد تلك الآراء من طرف فلاسفة آخرين -والتي لا مجال لذكرها هنا- فالذي نريد أن نقول: إنّ الديانات ظلت متمسكة بالأصل الإنساني للإنسان كمخلوقٍ متفرد، خلق بعناية الله العلي الأعلى، الذي هو المسبِّب، والذي بدأ خلق الكون، بعد أن لم يكن، وأن الكون لا يمكن أن يقفز إلى الوجود من العدم المحض إلا بقدرة خالق، أزلي قيوم، خلق المادة والزمان، فهو أعلى من المكان والزمان.

فالعدم لا ينتج الوجود – والجهل لا ينتج العلم – والفوضى لا تخلق النظام. فالكون بديع عظيم مصمم، له خالق مبدع مريد.

إذا لم يكن الكون أزلياً في ماضيه كما أثبته آرفيد بورد (Arvid Borde) وآلان غوث (Alan Guth) والكسندر فيلنكين (Alexander Vilenkin)سنة 2003م, فلا بد له من مُوجِدٍ، وإن من يدعي عكس ذلك لم يستطع إثبات دعواه، وقصارى الأمر أنه لم يجد. وعدم الوجدان ليس دليلا على عدم الوجود، وعدم العلم ليس دليلا على علم العدم.

إن العدم الذي معناه اللاوجود الخالي من القوى والخصائص والإمكانات لا يمكن أن ينشئ الكون بدون مكون.

فديانات العائلة الإبراهيمة تقوم على التفسير الغائي للكون، وليس على التفسير الآلي، والإنسان في صلب هذه الغاية . فهو مكرم يرجع إلى أصل واحد مخاطب من قبل الباري جل وعلا مسخر له الكون.

إن فلسفة التعليل عند توما الإكويني ( (Tommaso d’Aquino) التي تقوم على أن ممكن الوجود مفتقر إلى واجب الوجود، هي نفسها عند ابن سينا والفارابي وموسى بن ميمون، وهي قريبة مما عند بعض قدماء الفلاسفة، ورغم ما تعرضت له تلك البراهين من شغب ونقد فما زالت حسب رأينا صامدة، وبخاصة أنها مؤيِّدةٌ لما جاءت به الرسالات السماوية. 

تصفح أيضا ...