سلطنة عمان.. خمسون عاما بين التأسيس والنهضة الشاملة

أربعاء, 2020-11-18 16:22

تخلد سلطنة عمان اليوم (الأربعاء) 18 نوفمبر 2020، الذكرى الخمسين بعيدها الوطني؛ وسط اعتزاز العمانيين داخل السلطنة وخارجها بما تحقق من إنجازات عظيمة في كافة مجالات النهضة الشاملة التي تحققت على مدى نصف قرن من الزمن.

 

لقد وعد جلالة السلطان هيثم بن طارق، لدى توليه مقاليد الأمر في السلطة، العام الماضي، بأن يمضي بعُمان في نهضة متجدّدة وعهد يبشّر بالمزيد من الإنجازات وأن ينتقل بها في المرحلة القادمة إلى مستوى الطموح في شتى المجالات بمشاركة المواطنين الدعامة الأساسية للعمل الوطني، مؤكدًا يقينه التام وثقته المطلقة بقدرات أبناء عُمان المخلصين في التعامل "مع مقتضيات هذه المرحلة والمراحل التي تليها، بما يتطلبه الأمر من بصيرة نافذةٍ وحكمةٍ بالغة وإصرار راسخ وتضحيات جليلة".

 

 

كما أن حضرته " أكد أن بناء الأمم وتطورها هومسؤولية عامة يلتزم بها الجميع ولا يُستثنى أحد من القيام بدوره فيها كل في مجاله وبقدر استطاعته؛ فقد تأسّست عُمان وترسّخ وجودها الحضاري بتضحيات أبنائها وبذلهم الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على عزتها ومنعتها وإخلاصهم في أداء واجباتهم الوطنية"

 

وتحل هذه الذكرى لأول مرة هذا العام والعُمانيون يستذكرون فقيد وطنهم وباعث نهضتهم السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور "طيب الله ثراه" الذي أسس دولة حديثة تواصل حضورها الذي لا تخطئه عين في مختلف الميادين.

 

وقد تمكّن صاحب الجلالة خلال الأشهر العشرة الأولى من توليه مقاليد الحكم من تحقيق العديد من الانجازات في مختلف المجالات بدأها بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة لتواكب "رؤية عُمان 2040" التي شارك في رسم ملامحها جميع فئات المجتمع.

 

حيث ساهم المشاركون في تحديد توجهاتها وأهدافها المستقبلية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً. وفي مجال تنظيم العمل الإداري في السلطنة ، تم إصدار مرسوم يشكل نقلة جديدة في مجال ممارسة وتنظيم العمل الإداري وسيساهم في تبسيط الإجراءات والانتفاع من الخدمات المقدمة وانجازها بشكل أسرع الأمر الذي يعد أولوية لتنمية المحافظات والمدن ، كما يأتي بمثابة توجه استراتيجي من خلال إتباع نهج لامركزي نصّت عليه المادة الثانية التي تذكر أن "الجهاز الإداري يتكون من وحدات مركزية كالوزارات والأجهزة والمجالس وما في حكمها ومن وحدات لا مركزية كالهيئات والمؤسسات العامة وما في حكمها".

 

ومن جانب آخر مثّل لقاء السلطان هيثم بن طارق بعدد من شيوخ المحافظات تعميقًا للتواصل الدائم بين القائد وأبناء الوطن واستمرارًا لمدرسة السلطان الراحل "طيب الله ثراه" ودلالة على "حرص جلالته الدائم على الالتقاء بالمواطنين ليطلع على احتياجاتهم ومتطلبات ولاياتهم عن قرب ويستمع إلى ملاحظاتهم ومقترحاتهم بشأن الخدمات التنموية وتطويرها وتعزيز دور الجهات الحكومية في إيصالها لمختلف أرجاء البلاد في إطار الخُطط التنموية الشاملة والمُستدامة".

وفيما يتعلق بمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد الذي بدأ منذ أواخر العام الماضي أمر جلالة السلطان المعظم بتشكيل لجنة عليا لبحث آلية التعامل مع هذا الفيروس والتطورات الناتجة عن انتشاره والجهود المبذولة إقليميًّا وعالميًّا للتصدي له ومتابعة الإجراءات المتخذة بشأن ذلك ووضع الحلول والمقترحات والتوصيات المناسبة بناء على نتائج التقييم الصحي العام.

وفي مجال السياسة الخارجية العُمانية فقد أكد السلطان هيثم بن طارق في أول خطاب لجلالته على ثوابت هذه السياسة وهي التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحُسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الغير الداخلية.

وتتمثل المبادئ والأسس التي قامت عليها السياسة الخارجية العُمانية في نهضتها انتهاج طرق الحوار لحل المشكلات المختلفة ودعم قيم التسامح والعدل والمساواة وحسن الجوار وسيادة القانون واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير والتسوية السلمية للنزاعات على أسس أحكام ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون.

وفي الجانب الاقتصادي فإن سلطنة عمان اتخذت جملة من الإجراءات لمواجهة انخفاض أسعار الذهب الأسود وتأثيرات انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" السالبة على اقتصاد دول العام.

 

ويأتي في طليعة هذه الإجراءات الإعلان عن خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020 - 2024) التي تتضمن عدة مبادرات وبرامج تهدف إلى إرساء قواعد الاستدامة المالية للسلطنة وخفض الدين العام ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي بتوجيهه نحو الأولويات الوطنية وزيادة الدخل الحكومي من القطاعات غير النفطية، وتعزيز الاحتياطات المالية للدولة وتحسين العائد على استثمار الأصول الحكومية بما يضمن تعزيز قدرتها على مواجهة أي صعوبات وتحديات مالية وبما يضعها على مسار النمو والازدهار الاقتصادي.

 

كما أصدرت وزارة المالية العمانية عدة منشورات، بهدف ترشيد الإنفاق للعام الحالي، منها تخفيض موازنات الوحدات الحكومية بنسبة 5 بالمائة وتعديل الموازنات التشغيلية والخطط المالية للشركات الحكومية بنسبة 10 بالمائة كحد أدنى بالإضافة إلى إجراءات أخرى. كما تم العمل على بناء نظام وطني متكامل للحماية الاجتماعية يضمن حماية ذوي الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي من أي تأثيرات متوقعة جراء تطبيق ما تضمنته خطة التوازن المالي متوسطة المدى.

 

وفيما يتعلق بقطاع التعليم في سلطنة عمان تم وضعه في مقدمة الأولويات الوطنية حيث أعطى السلطان توجيهاته بتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار باعتباره الأساس "الذي من خلاله سيتمكن المواطن العماني من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة كما أنه يعتبر ركنا أصيلا في النظام الأساسي للدولة لتقدم المجتمع بهدف رفع المستوى الثقافي العام وتطويره وتنميـة التفكير العلمـي وإذكـاء روح البحث. .

وفي مجال حرية الرأي والتعبير في السلطنة تؤكد النصوص القانونية أنها مكفولة في حدود القانون وهو ما أكد عليه السلطان بقوله : "إن الدولة تقوم على مبادئ الحرية والمساواة وتكافئ الفرص التي قوامها العدل وكرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم فيها مصانة بما في ذلك حرية التعبير".