جدل واسع حول الحوار الاجتماعي المرتقب

سبت, 2021-01-09 13:50

أثار الإعلان عن عزم رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني تنظيم "حوار اجتماعي" في موريتانيا، موجة من ردود الأفعال المتباينة داخل أوساط النخب الفكرية و السياسية والحقوقية في البلد.

ففيما اعتبر كثيرون أن أي حوار يراد له تحقيق نتائج عملية مستدامة ينبغي أن ينطلق من تشاور شامل بين كافة مكونات الطيف السياسي المحلي بموالاته ومعارضته؛ رأى آخرون أن أي تسييس لهذا الحوار المراد له أن يكون إجتماعيا، سيمثل أكبر عائق في طريق نجاحه.

و في هذا السياق نشر رئيس المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية، د. ديدي ولد السالك، تدوينة على صفحته بموقع "فيسبوك"، بين فيها أن الحوار الذي يتم الحديث عنه حاليا، غير ممكن "ما لم يتوفر شرطان اثنان،

أولهما وعي النخبة بأهمية الحوار لرفع تحديات التنمية، و ثانيهما الإقرار الصريح بأن موريتانيا تعيش في حلقة مفرغة من الأزمات ؛ جعلتها نموذجا عالمياً للبؤس و التخلف ؛ و لن تستطيع تجاوز حلقة التخلف تلك إلا بمشاركة الجميع "؛ وفق تعبيره.

وجاء في تدوينة ولد السالك: "تداول الإعلام المحلي اليوم خبر مفاده ؛ أن السلطات بصدد إجراء " حوار إجتماعي " هذا المصطلح الذي يحيل إلى عادةً مفهوم معروف ؛ يعني الحوار الذي يجري عادة بين أطراف "الاتفاقيات الجماعية " ؛ أي الحكومة من جهة و النقابات و القطاع الخاص ؛ و بالتالى ؛ فإن السلطات العمومية اختارت هذا المفهوم الملتبس في السياق الموريتاني الحالي ؛ هروباً من مصطلح " الحوار السياسي " ذو الشحنة الانفعالية بدلالات التاريخ السياسي الموريتاني المأزوم؟ في حين أن الحوار الذي تحتاجه موريتانيا ؛ هو حوار متعدد المواضيع و متدرج من أجل التنمية من أجل نقاش فعلي لجميع المواضيع التي تهم التنمية في البلد ؛ في شكل محاور منفصلة عن بعضها البعض ؛ زمانياً و مكانياً، على أن يبدأ هذا الحوار مجتمعياً شاملاً يشارك فيه الجميع دون إقصاء ؛ و تتولى نخبة من ذوي الاختصاص و أهل الذكر الإشراف عليه ؛ و توجيهه لبلوغ أهدافه و إعداد خلاصاته.

و لن يكون هذا الحوار المنشود ممكناً ؛ ما لم يتوافر شرطان اثنان، اولهما وعي النخبة بأهمية الحوار لرفع تحديات التنمية، و ثانيهما الإقرار الصريح بأن موريتانيا تعيش في حلقة مفرغة من الأزمات ؛ جعلتها نموذجا عالمياً للبؤس و التخلف ؛ و لن تستطيع تجاوز حلقة التخلف تلك إلا بمشاركة الجميع ".

وكان رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، سيدي محمد ولد الطالب اعمر، قد ابلغ نوابه الخمسة بأن الرئيس ولد الشيخ الغزواني قرر تنظيم حوار اجتماعي في موريتانيا؛ داعيا إياهم للعمل من أجل التحضير لهذا التشاور الوطني المهم.

ومع أن ولد الطالب اعمر أخبر نوابنه، خلال اجتماعه بهم لذات الغرض، بأن الحوار المرتقب ليس سياسيا، وإنما ستكون موضوعاته محصورة في القضايا الاجتماعية؛ إلا أن العديد من المراقبين والمحللين شككوا في هذا الطرح؛ معتبرين أن مجرد كون رئيس الحزب الحاكم؛ أي المؤسسة السياسية الاولى في البلد، هو من تولى الكشف عن الموضوع خلال اجتماع مع قيادة حزبه؛ يعتبر دليلا على نوع من تسييس حوار يراد له أن يكون إجتماعيا ويتناول قضايا وطنية جامعة.