هكذا ارتسم المسار العسكري والطموح السياسي لحاكم مالي الجديد

أربعاء, 2021-05-26 17:42

بعد أن أطاح بالرئيس المالي المنتخب إبراهيم بو بكر كيتا في 20 أغسطس من العام الماصي، أعاد العقيد أسيمي غويتا الكرة، عصر الإثنين الماضي، بتنفيذ انقلاب عسكري آخر، أطاح من خلاله بالرئيس الانتقالي باه نداو ورئيس حكومته مختار وان، حيث كان من المفروض أن يقودا البلاد لغاية 2022؛ تاريخ إجراء انتخابات جديدة وانبثاق سلطة مدنية.

و في تبريره لتعطيل العملية الانتقالية، جراء هذا انقلابه العسكري الثاني، وجه غويتا اللوم لرئيسي البلاد والحكومة على أنهما قاما بتشكيل حكومة جديدة دون التشاور معه، معتبرا أن "هذا الإجراء يدل على إرادة واضحة لرئيس المرحلة الانتقالية ورئيس الوزراء بانتهاك الميثاق الانتقالي ...، حيث ثبت وجود نية لتخريب العملية الانتقالية".

فرض هذا الضابط العسكري نفسه في محور اهتمام الرأي العام الإفريقي والدولي، خاصة وأنه تحول إلى رقم أساسي في معادلة الحكم في مالي؛ البلد لذي يعول عليه المجتمع الدولي كثيرا في الحرب على الإرهاب بمنطقة الساحل الإفريقي، وهو ما يفسر انزعاج الكثير من القوى الدولية، وعلى رأسها فرنسا، من عدم الاستقرار الذي تعيشه مالي.

فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تنشر بلاده أكثر من خمسة آلاف جندي ضد الجهاديين في منطقة الساحل، تحدث عن "انقلاب داخل انقلاب وهو أمر مرفوض".

ولد غويتا سنة 1983، و يلقبه المقربون منه بـ"أسو"، وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال، يوصف بأنه "رجل صارم، ومثابر، يحب التحديات وقادر على القيادة".

ونقلت إذاعة فرنسا الدولية عن جندي فرنسي عرفه عن قرب، أن قائد الانقلابين في مالي "محترف لا يترك شيئا يمر".

وتخرج هذا العسكري الذي سار على خطى والده الضابط في الجيش المالي، من مدرسة كوليكورو العسكرية المالية المتخصصة في الأسلحة المدرعة وسلاح الفرسان.

وشارك في العديد من التدريبات بعدد من الدول، بينها ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وتم تعيينه قائدا ميدانيا في شمال مالي ابتداء من 2002 في أكثر من منطقة: غاو، كيدال، ميناكا، تساليت وتمبكتو لمحاربة الإرهابيين. و في عام 2014 انضم إلى القوات الخاصة، وفي العام الموالي أشرف على تنسيق العمليات الخاصة لوزارة الدفاع بعد قصف فندق راديسون بلو في باماكو.

وفي 2018 تم تعيينه رئيسا للقوات الخاصة في مالي، وقاد عمليات في شمال ووسط مالي وكذلك خارج البلاد ضمن وحدات دولية بدارفور.

تولى غويتا، غداة الانقلاب العسكري الأول في أغسطس 2020، رئاسة المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، معتبرا وقتها أن مالي "لم تعد تتحمل ارتكاب الأخطاء" من جانب السياسيين.

وقال للصحافة حبنها: "أقدم نفسي: أنا الكولونيل أسيمي غويتا، رئيس اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب"، لكن طموحاته السياسية بدأت تتوضح أكثر مع الانقلاب الثاني. وقد تعهد غويتا وقتها، تحت ضغط دولي، بإعادة السلطة إلى مدنيين منتخبين بعد 18 شهرا بدل ثلاث سنوات كما كان يخطيط له، إلا أنه احتفظ بحضور قوي لرجالاته في الحكومة الانتقالية عبر مجموعة من الوزارات، سمحت له بوضع اليد على مقاليد السلطة، علما بأن غويتا كان يشغل منصب نائب للرئيس الانتقالي ومكلفا بالشؤون الأمنية خلال هذه التجربة التي أجهضها.