ردود فعل متباينة حول قانون حماية الرموز الوطنية

-A A +A
خميس, 2021-07-15 10:52

أثار مشروع القانون المتعلق بحماية الرموز الوطنية وتجريم النيل من هيبة الدولة، الذي صادقت عليه الحكومة في اجتماعها المنعقد، الأربعاء في القصر الرئاسي بنواكشوط، موجة عارمة من ردود الأفعال على صفحات شبكة التواصل الاجتماعي.

ففيما رحب به العديد من المدونين ونشطاء مواقع الشبكة للافتراضية، واعتبروه "ضروريا" لضبط حرية التعبير وحماية الوحدة الوطنية وثوابت الامة، رأى فيه آخرون نوعا من التضييق على حرية الرأي وتكميما الألوان على حد وصفهم.

وينص مشروع القانون الجديد ”يعد مساسا بهيبة الدولة ورموزها من يقوم عن قصد عن طريق استخدام تقنيات الإعلام الرقمي أو ومنصات التواصل الاجتماعي بالمساس بثوابت ومقدسات الدين الإسلامي أو الوحدة الوطنية والحوزة الترابية أو بسب أو إهانة شخص رئيس الجمهورية أو العلم أو النشيد الوطني“ (المادة 2).

كما نصت نفس المادة في إحدى فقراتها على أنه "سيعاقب مرتكب أحد هذه الجرائم – دون المساس بالعقوبات الأشد المقررة في قوانين أخرى-، بالسجن من سنتين إلى أربع سنوات وبغرامات مالية من 200 ألف أوقية جديدة إلى 500 ألف أوقية جديدة".

وبين نص مشروع القانون طبيعة ومفهوم المساس بالأمن الوطني؛ حيث نصت على أنه ”يعتبر مساسا بالأمن الوطني كل نشر أو توزيع لمواد نصية أو صوتية أو مصورة عبر استخدام تقنينات وسائل الأعلام الرقمي أو منصات التواصل الاجتماعي تستهدف النيل من الروح المعنوية لأفراد قوات المسلحة وقوات الأمن وزعزعة ولائهم“ ، فيما سيعاقب مرتكب هذا الجرم بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات وبغرامة من مائتي ألف أوقية إلى أربعمائة ألف".

أما مفهوم "السلم الأهلي" فحددته المادة الرابعة على النحو التالي: ” يعد مساسا بالسلم الأهلي وباللحمة الاجتماعية كل توزيع عبر وسائل الإعلام الرقمية أو وسائل التواصل الاجتماعي لمواد صوتية أو نصية أو مصورة تتضمن قذفا أو تجريحا أو سبا موجها لجهة من جهات الوطن أو مكونا من مكونات الشعب أو تبث الكراهية بين هذه المكونات أو تحرض بعضها على بعض“.

ومن أبرز ردود الفعل السياسية حول القانون الجديد ما كتبه الرئيس السابق لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، سيدي محمد ولد محم، والرئيس السابق لحزب "تواصل" المعارض؛ محمد جميل ولد منصور في صفحتيهما على موقع "فيسبوك"؛ إذ كتب سيدي محمد ولد محم :

" التجريح والإساءة إلى أي كان جريمة يعاقبها القانون وليس في ذلك أي جديد، والتخصيص المتعلق برموز الدولة كالدين ووحدة المجتمع، والعلم الوطني الذي يرمز للدولة، ورئيس الجمهورية الذي يجسدها، هو أمر في غاية الأهمية، فلا يعقل أن نتفق جميعا على إقامة دولة نحتمي بها وتشكل أسمى تجسيد لوجودنا وهويتنا الوطنية، ثم نقوم بازدراء رموزها التي هي رموزنا.

وليكن واضحا أن نقد السياسات وتقييمها وتعديلها وتغييرها من خلال كل الوسائل المشروعة، وأهمها صناديق الاقتراع حق لكل مواطن يضمنه الدستور وقوانين الحريات، وأن حرية التعبير في المطلق أمر مقدس، وقد وُجد القانون لينظمه دون تقييد أو إلغاء. مع ذلك فالدفاع عن الإساءة إساءة مثلها، وحرية التعبير لا تعني حرية الإساءة".

أما تدوينة ولد منصور فجاءت على النحو التالي:

" لم أطلع بعد على مشروع القانون المجاز أمس في مجلس الوزراء والمتعلق بحماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وبشرف المواطن، ولكن من خلال ما نشرته الوكالة الموريتانية للأنباء وتداوله بعض الكتاب أستطيع تسجيل ثلاث ملاحظات في انتظار العودة إلى الموضوع:

1 - لاشك أن هناك توسعا مبالغا فيه في الحديث عن الأمور والعناوين التي أشار إليها مشروع القانون، وأنه لم يعد كثيرون للأسف يفرقون بين النقد والشتم، وبين تقويم السياسات والوقوع في الأعراض، واستسهل البعض من هذا الكثير إثارة المواضيع الحساسة والمؤثرة على وحدة وتماسك الوطن والمواطنين على نحو تطغى فيه الإثارة وربما شيء من التحريض والكراهية.

معالجة كل هذا أو بعضه بالقانون مفهومة ومقبولة وربما مطلوبة، ولكنها مع ذلك مقلقة.

2 - للحرية ثمن يلزم الاستعداد لدفعه، فليس كل من يوظف جوها وجو الانفتاح ويستفيد منهما، يدرك الضوابط ويفهم الحدود، وقد يصعب التفريق والتمييز بينه وبين من يدرك ويفهم، ومن هنا يمكن التغاضي والتساهل في مراحل الانتقال نحو الحرية والديمقراطية - ونحن مازلنا في هذه المراحل - فالحنين إلى الكبت والزجر والتحكم قريب، والمصلحة تقتضي تحمل ضريبة الحرية ما وسع ذلك وأمكن.

3 - هيبة الدولة مهمة، واحترام رموزها وارد، وهذه الانتهاكية - إن سلمت النسبة - التي يمارسها البعض مبالغ فيها وإهانة للجميع.

ومع ذلك أهم ما يحصن الهيبة ويضمنها: الإنجاز والعدل والقيام على أمر الناس بإنصاف ومساواة ونفاذ أمر.

أخالف ميكيافيل وأرى أن الجمع ممكن بين أن يهابك الناس ويحبوك".