أبرز محطات حكم الملك الحسن الثاني رحمة الله عليه في ذكرى رحيله

جمعة, 2021-07-23 23:06

تحل، الجمعة، الذكرى الـ22 لوفاة الملك الراحل الحسن الثاني رحمة الله عليه ، التي توافق يوم الـ23 يوليو من كل سنة؛ وهي المحطة التي يستحضر فيها المغاربة أقوى خطابات الحسن الثاني وصورا من دهائه السياسي الذي كان يتميز به، خصوصا في اللحظات الصعبة التي عاشها المغرب.

وحكم الملك الراحل الحسن الثاني المغرب لـ38 سنة، وكان قد تولى العرش سنة 1961 خلفا لوالده الراحل محمد الخامس.

وشهدت فترة حكمه حدثا سياسيا ضخما عرفته البلاد يتمثل في استكمال الوحدة الترابية من خلال تنظيم المسيرة الخضراء، حيث تجاوز أعداد المتطوعين لها 3 ملايين نسمة وبلغ عدد المشاركين فيها أكثر من 500 ألف.

واتصف الملك الراحل الحسن الثاني بذكائه السياسي ووزنه الدولي الذي كان يحظى به على الصعيد السياسي؛ وهو ما يظهر من خلال حضور تشييع جنازته بالرباط أكثر من 60 رئيس دولة ورئيس حكومة، وسار أزيد من مليوني مغربي خلف نعشه.

وتميزت فترة حكم ثاني ملوك المغرب بعد الاستقلال عن فرنسا بوضع تصورات نظام الحكم وأسسه بعد عهد الحماية، إذ شهد المغرب إصلاحات سياسية وإنجازات اقتصادية كبرى؛ ومنها على سبيل المثال سياسة تشييد السدود، وهو ما أسهم في توفير الأمن الغذائي ليس فقط إلى المغاربة بل كثير من الدول الإفريقية والأوروبية التي تستفيد اليوم من خيرات المملكة في إطار التعاون الثنائي والشراكة متعددة الأبعاد.

وتبقى أبرز المحطات الاقتصادية في عهده عندما تقدم الملك الراحل الحسن الثاني بطلب إلى البنك الدولي قصد القيام بتشخيص دقيق لوضعية البلاد.

وبعد توصله بنتائجه، خاطب الملك الراحل المغاربة بلغة صريحة في أكتوبر 1995، ليعلن أن المملكة المغربية تمر بوضعية عصيبة ومهددة بـ”السكتة القلبية”.

وصدر بعد ذلك دستور 1996، الذي مهّد لحكومة التناوب التي واصلت تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي.

وعلى المستوى السياسي، نجح الملك الراحل الحسن الثاني في إنهاء فترة عصيبة بين القصر والمعارضة اليسارية، حيث أقنع المعارضة في شخص الزعيم الاتحادي الراحل عبد الرحمان اليوسفي بالمشاركة لأول مرة في تشكيل الحكومة؛ وهو ما اصطلح عليه بتجربة التناوب التوافقي، التي توجت بتدشين مرحلة مهمة في التاريخ السياسي للمغرب وأسهمت في إرساء معالم الاستقرار السياسي حتى بعد وفاة الحسن الثاني.

وعاش المغرب قبل مرحلة التناوب التوافقي مخاضات عسيرة، إذ لم يكن إنهاء الصراع السياسي بين المعارضة والقصر سهلا كما قد يبدو للبعض؛ فكثير من شهادات قادة حزب الاتحاد الاشتراكي تشير إلى أن الحسن الثاني بدأ اتصالاته مع اليوسفي منذ 1992.

ولا يمكن الحديث عن فترة حكم الحسن الثاني دون الإشارة إلى محاولات الانقلابات العسكرية التي ايتهدفته، و التي ناهزت عشرين محاولة انقلاب فاشلة. 

أشهر تلك المحاولات المحاولتان اللتان وقعتا عام 1971 و1972.

وفي إحداها، نجا الحسن الثاني بأعجوبة بعد عملية قادها ذراعه الأمني الجنرال محمد أوفقير.

واشتهر الملك الراحل الحسن الثاني بكثرة الحوارات الصحافية التي كان يجريها مع وسائل الإعلام الأجنبية وخاصة الفرنسية، إذ لم يكن يتردد في الإجابة عن الأسئلة؛ حتى لو كانت المحرجة. فمثلا، عندما سأله صحافي أجنبي في أحد حواراته بشكل مباشر: “ألا تعتقدون أنكم تمارسون سلطة مطلقة شبيهة بـ”اشتراكية مطلقة”؟، كان رد الملك الراحل بأن المغاربة “لا يقدّسون الحسن الثاني، بل وريث دولة العلويين وحلقة طويلة”، مستطردا: “الفرد لا ينحني أمام شخص؛ ولكن أمام وارث السلالة النبوّية. كما أن الشعب المغربي متشبث بقوة الملكية”.

أما على الصعيد الدبلوماسي والدولي، فقد عرف عن الملك الراحل الحسن الثاني بدفاعه عن الحوار كأفضل الحلول لفض النزاعات وتحقيق السلم والأمن، وخاصة في النزاع العربي الإسرائيلي الذي لعب فيه الملك الراحل دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر بين تل أبيب وبين عدد من العواصم العربية، فضلا عن التقريب بين الشعوب والحضارات الكبرى والديانات. وكان العديد من القادة العرب يستشيرون مع الحسن الثاني في كثير من الأزمات التي واجهتهم، بالنظر إلى ما عرف عنه من دهاء سياسي.

كما تميز الملك الراحل بخطاباته المرتجلة في غالبيتها العظمى، فلم يكن يكتب خطاباته التي كانت تمتاز بأسلوبها الإبداعي؛ وهو ما كان يضفي عليها نكهة خاصة ما زال المغاربة يتذكرون ويحفظون مقتطفات منها إلى اليوم.

هسبرس