طالبان تسيطر على مناطق محيطة بكابول والأميركيون يستعدون لإجلاء الرعايا

سبت, 2021-08-14 12:44

تحكم حركة طالبان اليوم السبت سيطرتها على المناطق المحيطة بالعاصمة الأفغانية كابول حيث يشعر سكانها ومن لجأوا إليها مع تقدم المتمردين بالخوف، بينما تستعد الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لإجلاء رعاياها ودبلوماسييها.

وخلال أسبوع ونيف، سيطرت طالبان بالكامل تقريبا على شمال أفغانستان وغربها وجنوبها ووصلت إلى أبواب كابول. وقد أصبحت على بعد خمسين كيلومترا فقط عن العاصمة ولا تبدي أي مؤشر إلى رغبة في إبطاء تقدمها.

وتدور معارك عنيفة السبت حول مزار شريف عاصمة ولاية بلخ حيث شن الجيش الأفغاني غارات جوية جديدة. هذا المفترق التجاري هو المدينة الرئيسية الوحيدة في شمال البلاد التي لم تسيطر عليها حركة طالبان بعد.

وإلى جانب كابول ومزار شريف، تبقى جلال أباد (شرق) وغارديز وخوست (جنوب شرق) المدن الرئيسية الوحيدة المتبقية تحت سيطرة الحكومة. لكن بما أنها تقع في منطقة يهيمن عليها البشتون، الاثنية التي تنتمي إليها طالبان، لا يتوقع أن تقاوم لفترة طويلة.

ويشعر سكان كابول وعشرات الآلاف من الأشخاص الذين فروا إليها بعد مغادرة منازلهم في الأسابيع الأخيرة بالخوف.

وقالت مزدة (35 عاما) التي وصلت إلى العاصمة مع شقيقتها من ولاية بروان شمالا، لوكالة فرانس برس “أبكي في الليل والنهار عندما أرى طالبان تجبر الفتيات الصغيرات على الزواج من مقاتليها”. وأضافت “رفضت عروض زواج في الماضي (…) إذا أجبرتني طالبان على الزواج منهم فسأنتحر”.

من جهته، صرح داود هوتاك (28 عاما) وهو تاجر من كابول أنه “قلق بشأن مستقبل” شقيقاته الصغيرات ولا يعرف “ماذا سيحدث لهن”. وقال “إذا ساء الوضع حقًا ، فسنغادر أفغانستان مرة أخرى كما فعلنا مطلع تسعينات” القرن الماضي.

– مروحيات –

يخشى الكثير من الأفغان وخصوصا النساء، الذين اعتادوا على الحرية التي تمتعوا بها في السنوات العشرين الماضية، عودة طالبان إلى السلطة.

فعندما حكمت البلاد بين 1996 و2001 قبل أن يطردها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة من السلطة، فرضت طالبان رؤيتها المتطرفة للشريعة الإسلامية.

وقد مُنعت النساء من الخروج بدون مرافق ذكر ومن العمل. كما مُنعت الفتيات من الذهاب إلى المدرسة. وتعرضت النساء المتهمات بجرائم مثل الزنا، للجلد والرجم.

وصرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه يشعر “بقلق عميق” إزاء روايات عن سوء معاملة النساء في مناطق استولت عليها حركة طالبان التي فرضت شكلا متشددا من الإسلام على أفغانستان خلال فترة حكمها من 1996 إلى 2001.

وقال غوتيريش “إنه من المروع والمحزن أن نرى تقارير تشير إلى أن حقوق الفتيات والنساء الأفغانيات التي تم الحصول عليها بشق الأنفس تسقط”.

وتحلق مروحيات ذهابا وإيابا في كابول السبت بين المطار الدولي والمجمع الدبلوماسي الأميركي الواسع في المنطقة الخضراء التي تخضع لإجراءات حماية مشددة، بعد 46 عاما على إجلاء مروحيات الأميركيين من سايغون في نهاية حرب فيتنام

ووصلت كتيبة أولى من مشاة البحرية الأميركية إلى العاصمة حيث سيكون دورها تأمين إجلاء الدبلوماسيين والأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة الذين يخشون أعمالا انتقامية من جانب طالبان.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجمعة إن الولايات المتحدة تعتزم إجلاء “آلاف الأشخاص يوميا”، لذلك سينشر البنتاغون قبل نهاية عطلة نهاية الأسبوع ثلاثة آلاف جندي في مطار العاصمة الأفغانية.

– “لا تهديد وشيكا” –

تلقى موظفو السفارة الأميركية أوامر بإتلاف أو إحراق الوثائق الحساسة الرموز الأميركية التي يمكن أن تستخدمها طالبان “لأغراض دعائية”.

وأعلنت لندن في الوقت نفسه عن إعادة نشر 600 جندي لمساعدة البريطانيين على المغادرة.

كما أفادت دول أوروبية هي بريطانيا وألمانيا والدنمارك وإسبانيا، الجمعة عن تقليص وجودها في أفغانستان إلى الحد الأدنى. كما أعلنت عن برامج لنقل موظفيها الأفغان.

وفضلت بلدان أخرى بينها النروج والدنمارك إغلاق سفاراتها مؤقتا، بينما قالت سويسرا، التي ليس لديها سفارة هناك، إنها قررت سحب بعض الموظفين السويسريين ونحو أربعين موظفا محليا.

على الرغم من جهود محمومة لإجلاء الرعايا، تصر إدارة بايدن على أن سيطرة طالبان على البلاد بأكملها ليست حتمية. وقال المتحدث باسم البنتاغون الجمعة إن “كابول لا تواجه حاليا تهديدا وشيكا” لكنه أقر بأن مقاتلي طالبان “يحاولون عزل” المدينة.

وتسارعت وتيرة هجوم طالبان في الأيام الأخيرة مع استيلاء مقاتلي الحركة على هرات في الغرب ثم بعد ساعات فقط على قندهار معقل طالبان في الجنوب.

وقال عبد النافع من سكان قندهار لفرانس برس إن المدينة هادئة بعدما تخلت عنها القوات الحكومية التي لجأت إلى منشآت عسكرية خارجها حيث كانت تتفاوض على شروط الاستسلام. وأضاف “خرجت هذا الصباح ورأيت أعلام طالبان البيضاء في معظم ساحات المدينة”، موضحا “اعتقدت أنه قد يكون أول أيام العيد”.

وتشيد حسابات مؤيدة لطالبان على وسائل التواصل الاجتماعي بالغنائم الهائلة للحرب التي استولى عليها المتمردون، ونشرت صورا لآليات مدرعة وأسلحة ثقيلة وحتى طائرة بدون طيار استولى عليها مقاتلو الحركة في قواعد عسكرية مهجورة.

بدوره صرح الرئيس الأفغاني أشرف غني السبت في خطاب إلى الأمة أن “مشاورات” داخل الحكومة ومع الشركاء الدوليين، بدأت لإيجاد حل سياسي سريع يضمن “السلام والاستقرار” في أفغانستان، داعياً في الوقت نفسه إلى إعادة تعبئة القوات المسلحة.

وقال غني “بدأت المشاورات” وهي “تتقدم بسرعة” داخل الحكومة مع المسؤولين السياسيين والشركاء الدوليين لإيجاد “حل سياسي يضمن توفير السلام والاستقرار للشعب الأفغاني” لافتا إلى أن “إعادة تعبئة قواتنا الأمنية والدفاعية هي أولويتنا الأولى”.

وفي ذات السياق طالب وزير الخارجية البريطاني الأسبق، ويليام هيج، الولايات المتحدة بعدم استبعاد أي تدخلات عسكرية جديدة في أفغانستان، حتى بعد انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.

وقال السياسي المحافظ في تصريحات لمحطة “راديو تايمز” الإذاعية البريطانية مساء أمس الجمعة إنه يمكن بذلك تجنب “كُلفة عسكرية باهظة” قد ترتبط بعودة حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى أفغانستان.

ووصف هيج انسحاب القوات الدولية من أفغانستان بأنه “خطأ كبير”.

وعقب إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من أفغانستان، قررت بريطانيا وحلفاء آخرون، مثل ألمانيا إنهاء مهماتها هناك. ومنذ ذلك الحين، سيطرت حركة طالبان سريعا على أجزاء شاسعة من البلاد.

ذكر الرئيس الأفغاني، أشرف غني أنه يلجأ إلى المجتمع الدولي طلبا للمساعدة، في الوقت الذي يحقق فيه مسلحو حركة طالبان مكاسب إقليمية سريعة في الفراغ، الذي خلفه انسحاب القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي(ناتو) في البلاد.

 ونقلت وكالة “بلومبرج” للأنباء عن غني قوله في خطاب متلفز إلى الأمة اليوم السبت أنه يجري محادثات مع زعماء العالم لبحث الوضع في البلاد، حيث أنه في غضون بضعة أسابيع سيطرت طالبان على عواصم إقليمية رئيسية ومراكز جمركية على الحدود ، مما أضر بشكل كبير بعائدات البلاد.

 ولم يقدم غني سوى تفاصيل ضئيلة، حيث أنه لم يوضح على الفور ما طبيعة المساعدات التي يتوقعها من الغرب ومن جيرانه الإقليميين.

 كانت معظم القوات الأجنبية قد انسحبت بالفعل من البلاد ومن المقرر أن تغادر القوات الباقية بحلول 31 آب/أغسطس الجاري.

 وأعرب غني عن قلقه بشأن ظروف آلاف من النازحين، الذين فروا إلى العاصمة الوطنية خلال الأسابيع القليلة الماضية.

 وقال غني اليوم السبت أن إعادة تعبئة القوات المسلحة المحاصرة، تعد أولوية رئيسية لحكومته المحاصرة بالمشكلات، مع اقتراب طالبان من العاصمة، بعد أن سيطرت على مساحات شاسعة من البلاد، في غضون أيام.

وفي خطابه إلى الأمة، في رسالة فيديو مسجلة مسبقا، قال غني إنه يدرك الوضع الرهيب الذي تشهده البلاد، بعد سيطرة مسلحي طالبان  على عاصمة الولاية الـ19، اليوم السبت وتقدمها نحو كابول.

وتابع غني أنه يركز على منع المزيد من العنف والنزوح ولم يرغب في رؤية تحطم إنجازات السنوات الـ20 الماضية على أيدي الجماعة الإسلامية المتشددة.

وبينما تدور تكهنات بأن غني سيعلن استقالته، إلا أنه لم يلمح إلى أنه سيستقيل.

وأضاف غني أنه يجري مشاورات بين الحكومة ومختلف الزعماء السياسيين وشرائح من المجتمع الأفغاني بالإضافة إلى المجتمع الدولي لإنهاء الأزمة، لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل حول طبيعة خططه.

ووردت أنباء عن نشوب قتال بين قوات موالية للحكومة ومقاتلي طالبان في خمس ولايات أفغانية على الأقل اليوم السبت. وتسيطر طالبان على 19 من 34 عاصمة ولاية، فيما تزداد القائمة خلال اليوم.

وتهدد الأزمة بأن تمتد إلى خارج حدود البلاد وتسبب في موجات من اللاجئين إلى دول مجاورة وبعيدة مثل أوروبا.

وكان آخر ظهور لغني يوم الأربعاء الماضي في مدينة “مزار شريف” شمال البلاد، حيث شن المسلحون هجوما متعدد الجوانب، صباح اليوم السبت.

وسيطرت طالبان على معظم شمال وغرب وجنوب أفغانستان وتقاتل الآن القوات الحكومية، على بعد 11 كيلومترا فقط، جنوب العاصمة، كابول.