مدينة اسطنبول الابن الأكبر لتركيا زاخرة بالحضارة

-A A +A
ثلاثاء, 2015-02-17 14:52

على بعد نحو ساعتين من الإبحار عن مدينة اسطنبول تتربع جزيرة "بيوك أدا" الهادئة الوديعة، وهي واحدة من بين أربع جزر تعرف بـ "جزر الأميرات" في تركيا، كان المشهد في هذه الجزيرة الأكبر، أشبه بلوحة فنية غاية في الجمال لا تفرقها من الانبهار عن مجمل مشهد اسطنبول الساحر، ويبلغ عدد سكان هذه الجزيرة نحو 10 آلاف نسمة ومساحتها قرابة الستة كيلومترات مربعة.

لكن هذه الجزيرة الصغيرة من مساحة اسطنبول العظمى مميزة بكل تفاصيل الحياة فيها؛ أهمها وسائل النقل التي تعتمد على "الحنتور" -عربة يجرها خيل- والدراجات الهوائية، إذ يُمنع لوسائل التنقل الحديثة، كالسيارات – عدا سيارات الإسعاف والشرطة والبلدية- من استخدامها. جبالها المليئة بالأشجار الحرجية تسحرك وتقودك إلى عالم من الجمال الممزوج بالهدوء والطمأنينة، كل شيء هنا في الجزيرة هادئ وصامت ولا يمزق سكونه سوى أصوات خطوات أقدام الخيول التي تجر الحناتير الجائلة في أرجاء متفرقة داخل الجزيرة، وبيوتها مبنية على الطراز الأوروبي المستقل.

هذا المشهد واحد من بين مشاهد جمالية رائعة تتزين منها مدينة اسطنبول المتميزة بالتاريخ والحضارة العريقة؛ مساجدها ذات القبب العديدة المبنية على الطراز العثماني، تضعك في صورة هذه الحضارة، والمدينة التي يمكن وصفها بـ "المدينة الجامعة" بين الحضارة والاستجمام والتسوق.

"تفضلوا إلى اسطنبول.. عيشوا في اسطنبول مثل الاسطنبوليين القدماء والجدد، دون أن تكونوا مثل ما يسمى بـ (السائح التقليدي).. تعرفوا على هذه المدينة التي عمرها 8000 سنة".

هذا أول ما يمكن ان تشي لك به معالم المدينة العريقة الزاخرة بالتاريخ والحضارة والأماكن الطبيعية الساحرة الخلابة. مدينة كل ما فيها يبوح بسر الدولة التركية الساحرة بعمرانها وبنيتها وأصالة شعبها.

واسطنبول التي تعد البوابة بين الشرق والغرب وجامعة للتاريخ والثقافة، هي المركز الاجتماعي والفني والتجاري لتركيا، وتزخر بالحيوية والنشاط ليلا ونهارا على مدار العام، وهذا ما يجعل المدينة جديرة بالزيارة ولو لمرة واحدة. واسطنبول هي نقطة التقاء أوروبا بآسيا، وتعد من أهم الموانئ التجارية في العالم.

ويتجلى تاريخ اسطنبول وتراثها من خلال معالم المدينة الثلاثة الأشد شهرة ورمزية؛ آية صوفيا، والجامع الأزرق و قصر توكابي.

ويسكن، اليوم، اسطنبول (القسطنطينية سابقاً)، نحو 15 مليون نسمة من إجمالي سكان تركيا الـ 75 مليون، وهي أكبر المدن في تركيا وينظر إليها على أنها مركز تركيا الاقتصادي والثقافي وتقع على مضيق البوسفور وتطوق المرفأ الطبيعي المسماة "القرن الذهبي" (أحد أجزاء نهر البوسفور والسمة الأساسية لجغرافيا المدينة). وتحيا اسطنبول بالأسواق الواسعة وسلسلة من المقاهي والمطاعم الحيوية وتقع في قارتين؛ آسيا وأوروبا.

تقف اسطنبول اليوم على مشروع تنويع السياحة فيها؛ إحدى الخيارات الجديدة لها أن تصبح هذه المدينة العملاقة بحلول عام 2023 مركزا سياحيا يستقطب 25 إلى 30 مليون زائر سنويا (في السنوات الاولى من الالفية الجديدة كان عدد من يملكون الفضول حول اسطنبول حوالي 5ر3 مليون زائر سنويا بينما ارتفع هذا العدد الى حوالي 10 مليون زائر في عام 2012).

وتتركز زيارات القادمين الى اسطنبول حول محور السلطان أحمد وساحة التقسيم، لكن السياح العصريين أصبحوا يميلون ويحاولون التعرف على المدن التي يذهبون إليها والعيش كما يفعل سكانها الأصليين، وهي المدينة الزاخرة بالمعالم والتراث والحضارة التي تقود تركيا الى مزيد من التطور والنهضة على مختلف الأصعدة للبلاد التي يمكن وصفها بـ "بلد الخيرات".

هذه الفكرة من أول الأسباب التي دفعت شركة الخطوط الجوية التركية في فلسطين الى تنظيم زيارة الى اسطنبول لمكاتب السياحة في الضفة والقدس وداخل الـ 48 للتعرف عن قرب إلى هذه المدينة السياحية؛ لتمكينهم من "تنظيم برامج سياحية مثالية".

ونسق لهذه الرحلة مدير الخطوط الجوية التركية في الوطن ابراهيم الياس، صاحب "شركة جوي للسياحة" في بيت لحم، وقادها مدير "شركة الكرام للسياحة" في الخليل كاظم حسونة، الى جانب مشاركة نحو 30 مدير شركة سياحة في الوطن.

ويقول ابراهيم الياس، إن الهدف من الزيارة الاطلاع عن قرب على واقع تركيا السياحي، التي تمثل اسطنبول واجهة منه، والترويج للسياحة التركية لما تمثله تركيا من بوابة فلسطين الى العالم.

ويوضح كاظم حسونة أن مدينة إسطنبول تعد من أكثر مدن العالم سحرًا، فهي تمتلئ بالمواقع التاريخية المثيرة وهي تتمتع بإرث تاريخي، وتركت الامبراطوريات الثلاث المتعاقبة التي شكلتها (الإمبراطورية الرومانية والبيزنطية الشرقية والعثمانية) آثارها عبر المدينة ما يمنح اسطنبول شخصيتها الفريدة ويدفع بقوة نحو زيارتها والاستمتاع بحضارتها.

 

تأسرك المدينة بمبانيها الساحرة؛ فهناك عند مركز المدينة القديمة تجد مسجد السلطان أحمد، المعروف بـ "المسجد الأزرق" الذي يبرز بمآذنه الست الفريدة وقبته الملفتة للأنظار وهو واحد من مساجدها العملاقة المسقوفة بقباب قائمة على أعمدة شاهقة من الرخام، والمذهلة بالأضواء والأنوار بالليل، وبالقرب منه تقع "آيا صوفيا" التي تعد أحد عجائب المملكة البيزنطية، حيث كانت كنيسة، ثم تحولت إلى جامع، وتضم بعضا من أكثر الصور جمالا والمرسومة بالفسيفساء، ويتشابه مع "الأزرق" جامع السليمانية الذي يمكن وصفه بـ "حارس اسطنبول" لإطلالته على مختلف أرجاء المدينة واحتضانه لها.

والاستمتاع بجولة بحرية بمضيق البوسفور، يعد متطلباً هاماً في أي رحلة سياحية إلى إسطنبول؛ حيث العبور في مضيق البوسفور يتيح لك الفرصة في اكتشاف المزيد من المواقع الخلابة المبهرة، بما فيها الجسور المعلقة التي تعد ممراً للسيارات والقطارات.

وبنية شوارع اسطنبول وحركة المرور والسير فيها تعتمد على أساس وبنية متينة تتشارك فيها السيارات والحافلات مع القطارات، علاوة على "ميترو الأنفاق" المختصر للمسافات واكتظاظات المرور والنقل البحري الذي ربما يعكس طبيعة وملامح الحياة الجديدة في اسطنبول.

شعبها المفعم بالحيوية، والذين تشي تقاسيم وجوههم بالأصالة والصلابة وذات الملامح الشرق أوسطية، يشعرك هو الآخر بقربك منهم. الحياة في أسواقها لا تهدأ حتى ساعات متأخرة من الليل، والسوق المصري الشعبي أكبر دليل على ذلك، وهو من أقدم الأسواق الشعبية في اسطنبول وأجملها. كما يشكل "السوق العظيم" المسقوف هو الآخر علامة أخرى على عراقة هذه المدينة التركية العريقة، إذ يضم صفاً من المحلات في تصميم يشبه المتاهة.

من الملامح الخاصة التي تميز شوارع اسطنبول، كما يميز السمك "بوسفور تركيا"، عربات "الكستنا" المنتشرة داخل الأسواق والشوارع، والتي تُقدم مشوية بما لا تدع لك مجالاً لتفحصها والتأكد من سلامتها؛ فهي كستنا تركية أصلية.

الحياة ليلاً في ساحة التقسيم (وسط اسطنبول) وشارع الاستقلال المحاذي لها، المزدحم بالمقاهي والمحلات التجارية والمطاعم المنتشرة على طول الشارع نابضة بالحركة، وتدب فرقُ الغناء الشعبية الحيويةَ كلما اقتربت الساعة من منتصف الليل.

هذا التدفق من السيل البشري بالمئات، داخل هذا الشارع الحيوي، يدفعك نحو الشعور بالغيرة للانعتاق من الاحتلال والعيش بحرية وكرامة وهدوء وأمان واستقرار.. فهكذا الحال في أسواق اسطنبول عموماً.

ويبين حسونة، مدير شركة الكرام للسياحة، أن السياحة في تركيا ازدهرت خلال السنوات الأخيرة وشهدت اسطنبول نموا متميزا واستطاعت ان تستميل عقول وأفئدة الآلاف من السياح في فلسطين خاصة والملايين في العالم عامةً.

فيما يوضح مدير الخطوط التركية في فلسطين، ابراهيم الياس، أن السياحة في اسطنبول ازدهرت بفعل المزيج الهائل الذي تزخر به من معالم الجذب السياحية التاريخية والمطاعم العصرية، وتعد معالم اسطنبول الكبرى من أروع المعالم السياحية في العالم، مشيرا إلى أن من الأنشطة الأخرى التي يقبل عليها السياح في إسطنبول الرحلات النهرية في البوسفور، وزيارة الحمامات التركية التي تقدم الطريقة المثلى للاسترخاء قبل التنزه.

ويلفت حسونة إلى أنه نظراً لما تتمتع به اسطنبول من معالم جذب سياحي فقد باتت سوقاً رائعاً تضم العديد من الأسواق الشعبية والأخرى الضخمة والفارهة التي تضم مختلف المنتجات من مأكولات وملبوسات وصناعات عديدة تشهد "صنع في تركيا" بجودتها وكفاءتها.

هذه الجولة أثرت لدى وكلاء السياحة المعرفة عن اسطنبول وواقعها السياحي والحضاري. وبين مدير الخطوط التركية ووكيلها في الوطن ابراهيم الياس، أن هذه الجولة هي واحدة من بين سلسلة جولات لاحقة ستنظم خلال الأشهر والسنوات المقبلة لمكاتب ووكلاء السياحة للترويج للسياحة التركية.

وأشار إلى أن مبيعات الخطوط الجوية التركية داخل السوق الفلسطيني تشهد اقبالا ونموا بنسبة 30% من سنة لأخرى، فيما نحو 20% من إجمالي المسافرين في الوطن يختارون الخطوط التركية الى مختلف أنحاء العالم. وبّين الياس أن هذا الارتفاع في مبيعات الخطوط التركية في السوق الفلسطيني وارتفاع السياحة الى تركيا يعود إلى العلاقة الطيبة التي تربط الشعبين الفلسطيني والتركي ورغبة الشعب الفلسطيني الى التعرف عن قرب على الثقافة التركية ونمط الحياة القريب من حياتنا، ناهيك عن ما تشكله تركيا من بوابة فلسطين إلى العالم.

هذه الجولة أثرت لدى وكلاء السياحة المعرفة عن اسطنبول وواقعها السياحي والحضاري، حيث وصف صادق جرار مدير شركة الصادق للسياحة والسفر في جنين، هذه الجولة بـ "المهمة والمثمرة" من خلال الاقتراب واقعياً بتركيا التي تجمع بين التسوق والاثار والاستجمام، لافتا الى ان ما نسبته من 50% من السائحين المسجلين لديه تكون وجهتهم تركيا وهذا يعود –كما يشرح- الى قربهم منا ثقافيا وحضاريا وتاريخيا مما يريح الزائر.

فيما يؤكد فراس نجار مدير شركة فراس تورز للسياحة في نابلس أن هذه الزيارة تمكنهم من معرفة المنتج بوضوح وترويجه بشكا أفضل للزبون خاصة بعد الحصيلة المعرفية عن المواقع في اسطنبول ومعرفة اكثر ما يناسب السائح الفلسطيني الى تركيا، مقدرا نسبة السياحة الى تركيا تصل الى 80%.

ويقدر هاني لاما مدير شركة لاما للسياحة العالمية في بيت لحم أن أهمية الزيارة هذه تكمن في أنها جمعت نحو 30 مكتبا وشركة عاملة في مجال السياحة ما يؤثر في تعزيز العلاقة بينهم على صعيد تطوير العمل، علاوة على أنها أثرت لديهم كوكلاء سياحة المعارف عن اهم المناطق السياحية في تركيا جمالاً.

وتزامنت هذه الجولة مع إقامة معرض السياحة الدولي في أرض المعارض والمؤتمرات بمدينة اسطنبول، شاركت في افتتاحه وزيرة السياحة رولا معايعة، وخصص فيه جناح لدولة فلسطين للتعريف بمعالم السياحة في الوطن.

وضم المعرض الذي أقيم على مساحات شاسعة من أرض المعارض في اسطنبول، أجنحة للعديد من الدول في العالم، ركزت في عرض منتجاتها على صعيد تحفيز السياحة إليها، إلى جانب أجنحة للمنتجات التركية وصناعتها التراثية التقليدية.

واعتبر شاكر كايد مدير شركة كايد للسياحة في نابلس أن من شأن هذا المعرض الاطلاع على آخر التطورات الحاصلة في كل دولة في مجال القطاع السياحي وميزاتها في هذا الشأن، والتعرف على المكاتب السياحية في العالم وإمكانية اقامة علاقة تعارف وعمل تسمح بفتح أسواق جديدة من خلال الترويج للسياحة إليها.

فيما بين نائل أبوعرقوب مدير شركة آفاق للسياحة في الخليل أن هذا المعرض يتيح الفرصة للاطلاع على ما توصلت إليه أحدث صناعة السياحة في العالم والتطورات على هذا القطاع، مشيرا إلى ان هذه الزيارة الى تركيا التي نظمتها الخطوط الجوية التركية أعطت وكلاء مكاتب وشركات السياحة أجوبة عن كثير من التساؤلات التي تدور في أذهانهم في مجال السلعة السياحية في تركيا واسطنبول خاصة.

 

نقلا عن : http://maannews.net/