انطلاقة أنشطة الفريق البرلماني لدعم البحث العلمي برئاسة الدكتورة فاطمة السالمة سيدي حمود (تقرير مصور+ فيديو)

خميس, 2024-04-18 22:52

شهدت الجمعية الوطنية، اليوم (الخميس) حفل تنصيب الفريق البرلماني لدعم البحث العلمي والابتكار، بإشراف النائب فاطمة بنت حبيب؛ نائبة رئيس الغرفة البرلمانية، وبحضور الأمين العامين لوزارتي التعليم العالي والبحث العلمي، والتحول الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة؛ ممثلين عن وزيريهما الغائبين نظرا لمهمة خارجية بالنسبة لأحدهما والمشاركة في استقبال ومرافقة الرئيس السينغالي بالنسبة للآخر.

وتميز الحفل بمداخلتين لأميني عامي القطاعين باسم وزيريهما، وخطاب شامل لرئيسة الفريق البرلماني؛ النائب الدكتورة فاطمة السالمة بنت سيدي حمود، هذا نصه: 

"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،

سأبدأ هذه الكلمة بمحاولة تقريب مفهوم البحث العلمي إذ يلتصق غالبا في الاذهان انه ترف اكاديمي بحت، و توجد العديد من التعريفات التي توضح مفهوم البحث العلمي، لعل من اقربها الي التبسيط ادأنه عملية جمع للمعارف والحقائق والبيانات والمعلومات وتصنيفها وتحليلها ضمن إطار علمي ممنهج، يساعد على حل المشكلات وتحقيق التقدم والازدهار وهو قديم قدم الوجود البشري نفسه؛ فالإنسان بطبعه كائن دائم البحث عن التجديد والتطوير.

 ولم يكن البحث العلمي حينها واضحا ومفهوما ومحددا بل كان يأخذ شكل تلبية الحاجات لا اكثر، كالرغبة في الحصول على الإيواء واكتشاف المواقد، ليبدا بعدها البحث العلمي بالتطور جيلا بعد جيل، ليأخذ منهجا واضحا أكثر دقة أدى الى ما نحن فيه اليوم من تطورو ابتكار وتلاحق للاكتشافات.

 يعدّ البحث العلميّ الغاية الأهم من وجود الجامعات والمدارس الأكاديمية والمؤسسات الحاضنة للعلم والمعرفة، والركن الأسمى في عملها، كما أن الامم الرائدة في واقعنا المعاصر، هي التي أدركت أهمية البحث العلمي في عالم متغير وسريع، واستطاعت من خلال منظومة شاملة في البحث العلمي أن تواكب التطورات التي تنشأ في بيئة الأعمال وفي المجتمع، وتواجه الأزمات والتحديات المضطردة.

 وتعطي الدول المتقدمة للبحث العلمي أولوية كبيرة في خططها التنموية، وتخصص نسبة كبيرة من دخلها القومي لتمويل البحث العلمي في الجامعات ومراكز الأبحاث التي تعتبر الحاضنة المركزية للإبداع والابتكار، ولذلك نرى أن مقدار ما تخصصه الدول المتقدمة للبحث العلمي بالنسبة لنتاجها المحلي مرتفع؛  إذ يصل في الولايات المتحدة الامريكية نسبة 3 46؛ متصدرة بذلك العالم في الانفاق على البحث والتطوير إذا ما استثنينا الكيان المغتصب.

 ويصل في السويد نسبة 3 42 وفي الصين 2 43، كما أن المتتبع للتطور الذي حققته دول جنوب وشرق آسيا يرى أن اهتمامها بالبحث العلمي هو المحرك الرئيس لهذا التطور، إذ أولت هذه الدول أهمية متزايدة للبحوث والتطوير والابتكار، وتجربة كوريا الجنوبية وماليزيا خير مثال، وهي تجربة مدروسة ومخطط لها، فبفضل السياسة البحثية العلمية والتقنية، حققوا إنجازات حافلة ومتقدمة عالمياً، و استطاعوا تعظيم الجهود الوطنية للتنمية الصناعية والمنافسة على المستوى العالمي في المشاريع البحثية المستقبلية.

 ويتحدث المحرر المشارك في تحرير مؤشر الابتكار العالمي برونو لانفين عن الإنتاجية كجوهر ما نريد أن تكون عليه مجتمعاتنا واقتصاداتنا غدًا، ولا سيما إذا أردنا الجمع بين مستوياتٍ أعلى من المساواة، مع استخدام الموارد الطبيعية بطريقة أكثر عقلانية. 

فثمة ثورة حقيقية تقود الابتكار اليوم، مسترشدة بموجات العصر الرقمي والعلوم العميقة. لذلك، تقع على عاتقنا مسؤولية جماعية لاستخلاص الدروس من الأزمات من أجل وضع هذه الثورة على المسار الصحيح، وتوجيهها نحو المستقبل الذي نريده و يرسم مؤشر الابتكار العالمي 2022 ظهور موجتين جديدتين من الابتكار: 

(1) موجة ابتكار في العصر الرقمي مبنية على الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي ، توشك على إحداث تأثيرات إنتاجية كبيرة في جميع قطاعات ومجالات البحث العلمي، 

(2) وموجة ابتكار متمحورة حول العلوم العميقة المبنية على اختراقات في التكنولوجيات الحيوية وتكنولوجيات نانو والمواد الجديدة وغيرها من العلوم، التي تحدث ثورة في الابتكارات في أربعة مجالات ذات أهمية رئيسية للمجتمع، وهي: الصحة والغذاء والبيئة والتنقل,

 و يضع هذا المؤشر الولايات المتحدة الامريكية رفقة سويسرا على راس قادة الابتكار حول العالم وفي ظل هذا الانفاق السخي و السباق المحموم عالميا للوقوف على أرضية صلبة من العلوم المبتكرة واستشراف المستقبل بمنظور علمي يرتكز على البحث العلمي الفعال فقط.

 ولأنه، وحسب كل المهتمين بهذا المجال، من المهم أن يحدث البحث العلمي على المستوى المحلي لأن البحث من منطقة ما قد لا يكون قابلاً للتطبيق على سياق واحتياجات منطقة أو مجموعة بشرية أخرى فإن من حقنا التساؤل وبروح وطنية أين نحن من هذا الواقع اليوم؟

 ولعل الإجابة على هذا السؤال تقدمنا خطوة الى الامام وبالحديث عن الواقع الحالي يمكننا وبإيجابية تثمين إعادة هيكلة المجلس الأعلى للبحث العلمي والابتكار انطلاقا من خطة عمل النهوض بالبحث العلمي التي رسمتها الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والابتكار في أفق 2026 والتي صادقت عليها الحكومة في نوفمبر 2022 وذلك طبقا للتوجيهات السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، كما تم إنشاء الوكالة الوطنية للبحث العلمي والابتكار بموجب المرسوم رقم 066-2020 المؤرخ ب 3 يونيو 2020، والتي من مهامها المساهمة في تطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار عن طريق البحث العلمي وتسير صندوق الدعم الخاص بتمويل البحث والابتكار ودعم المشاريع البحثية في إطار الأولويات الوطنية التي يحددها المجلس الأعلى للبحث العلمي والابتكار، وتقييم جميع البرامج والمشاريع البحثية التي تمولها، وتحليل تأثير التمويل على الإنتاج العلمي الوطني. 

وفي أول اجتماع له بعد إعادة الهيكلة، خرج المجلس الأعلى للبحث العلمي والابتكار بتوصيات لعل من أهمها زيادة المخصصات المرصودة للبحث العلمي والابتكار والتي بالعودة للمؤشر سالف الذكر نجد انها تناهز 0 1 من الناتج المحلي الوطني، وهو للأسف الشديد ما يجعل المئات من الباحثين في جامعاتنا وفي المؤسسات ذات البعد البحثي في وضعية فراغ ونقص في الأدوار الموكلة لهم، وهدر للطاقات الحية بسبب نقص المخابر وقلة تجهيزها، وضعف المخصصات الموجهة لها.

وهو ايضا ما يجعل ترتيب جامعاتنا متأخر في التصنيفات الدولية نظرا لاعتمادها الكبير على مؤشر البحث العلمي كمحدد حقيقي لجودة التعليم.

 وبالمحصلة، هذا الواقع يجعل بعض سياساتنا التنموية تحفها مخاطر التخبط، نظرا لعدم ارتكازها على بحوث علمية وطنية المنشأ والاستخلاص.

 وكما ان من المخاطر وجود القطاع الخاص المنتج في وضعية توازي مع المؤسسات البحثية، في الوقت الذي يجب ان يكون هنالك تقاطع جدي من اجل المصلحة العليا للبلد.

 وبناء على كل ما سبق قررنا؛ متكلين على الله، انشاء هذا الفريق البرلماني لدعم البحث العلمي والابتكار؛ مدفوعين بقوة التشريع والاقتراح، من اجل دعم الجهود العمومية في هذا المجال الذي لا تطور ولا تنمية مستديمة بدون الارتكاز عليه، والله من وراء القصد.

 واليوم بحضوركم المشرف لنا تنطلق اعمال هذا الفريق الجاد بإذن الله..

 وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين.. صدق الله العظيم".