اكتشـــاف شـــعب ...

جمعة, 2015-06-05 09:32
يحي ولد عبدالله باحث في مجال القانون

 منذ ما يزيد على سنتين كتبت مقالا تحت عنوان اكتشاف شعب  ، وذلك بعد الزيارة التي أداها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز آن ذاك  لتجمع قرى بورات حيث وضع حجر الأساس لهذا التجمع الحيوي، والذي نأمل أن يشكل قطبا تنمويا في منكب ولاية لبراكنة ، والآن وبعد الزيارة الأخيرة التي أدى رئيس الجمهورية للتجمع غداة 29-05-2015 م ، وهي زيارته الثالثة منذ توليه مقاليد الحكم ، يشرفني أن أعيد نشر هذا المقال مع تعديل طفيفقد لا يجانب الصواب من قال بأن الرئيس : محمد ولد عبد العزيز الرجل المنقذ لمثلث الفقر ، الذي تضم أضلاعه أطراف ثلاث ولايات ، هي لعصابة ، لبراكنة ، كوركل ، فإذا كان مثلث برمودة يبتلع كل من  يمر به في البحر ،  فإن ما كان يطلق عليه مثلث الفقرـ والذي تغير إلى مثلث الأمل ـ لم يكن يرحم ساكنيه في البر، حيث يلخص هذا المثلث معاناة الشعب الموريتاني بكاملها ، إذ  يكفيك أن تزوره لتأخذ صورة مصغرة عن عالم إفريقيا المجهول ، ومنطقة بورات تعتبر جزءا من هذا المثلث ، حيث تقع على النقطة الحدودية الجنوبية للبراكنة ، فتحدها من الجنوب بلدية ميت التابعة لولاية غورغل ، ومن الشرق  بلدية ملزم تيشط ، ومن الغرب بلدية جلوار.، ومن الشمال مركز  مال  التابع له  إداريا ،

وتعد منطقة بورات من الكلمات الحديثة على قاموس الإعلام الموريتاني ، إذ لم تتسلل إليه إلا سنة 2009م ، بعد الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس محمد ولد عبد العزيزغداة 21 من مارس 2009 م

، قطن سكان بورات هذه المنطقة منذ قرون  ولم يرضوعنها بديلا ، وكانت ترتكز حياتهم على التنمية والزراعة ، إذ كانت لهم ثلاث مواسم زراعية هي : موسم الخريف  الذي يزعون فيه الزرع المسمى ( بتقليت ) والشتاء ويزعون فيه الذرة الصفراء (مكه ) في السدود بعد انسحاب المياه ، وفي فصل الصيف يتجهون نحو شمامه ويزعون  ما يسمى (ببشنة) 

واستمرت ساكنة بورات على هذه الحالة إلى أن ضرب الجفاف  البلاد في الستينات والسبعينات ، و نتيجة لوطأة الجفاف وانعكاساته على الماشية والزراعة التي تعتبر الركيزة الاقتصادية للمنطقة ، اضطر البعض للنزوح صوب  مدن الضفة وخاصة مدينة كيهيدي واستوطنوا هناك .

وتضم بورات حوالي 25 قرية ومن أكبر هذه القرى ، المدن ، الحجرة ، الفرع ، تفرق زينة ، ازميميل  ، وتزيد ساكنتها على 9000 نسمة ،وتبعد عن المركز الإداري التابعة له ـ مال ـ حوالي 60 كلم.

 أما التعليم فيمكن القول بأنه كان شبه غائب ، الشيء الذي أدى بأبناء المنطقة بالهجرة خارجها بحثا عنه ، نتيجة لغياب مراكز التعليم الأساسية ، كالمدارس والمحاضر ، إذ تم افتتاح أول مدرسة ابتدائية في بورات في ( قرية المدن ) سنة 1967 م ، إلا أن تلك المدرسة لم تتطور نتيجة للإهمال من طرف السلطات المسؤولة عنها آن ذاك ، و في بداية التسعينات تمت إضافة مدرستين في كل من قرية(الحجرة ) و (الفرع ) .

ونظرا لكون منطقة بورات تدخل ضمن مثلث الفقر فقد كانت تعاني من الجهل ، والفقر ، نتيجة للإقصاء والتهميش الممنهج ، والذي استمرت عليه طيلة الأحكام السابقة ، إلى أن جاء عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، واكتشف هذا المخزون الشعبي الذي كان يغرد خارج سرب التنمية ولا يستفيد من الدولة غير حمل اسمها على أوراقه المدنية .