القراصنة "صعاليك" العصر

-A A +A
جمعة, 2015-08-21 16:05

المقرصن الجزائري حمزة بن دلاج الذي حكم عليه بالإعدام في أمريكا هو شنفرى هذا العصر، والقراصنة عموما هم صعاليك هذا العصر.

 

لقد واجه الصعاليك نفاق المجتمع الجاهلي وقيمه الفاسدة بالخروج التام عليها وبنوا لأنفسهم مجموعة قيم سلوكية خاصة بهم تقوم على احتقار الغني والنيل منه بما أمكن حتى بالإغارة على ماله وتوزيعه على الفقراء، وبذلك ابتدعوا طريقتهم الخاصة في "التوزيع العادل للثروة"!

 

نفس الأمر سلكه القراصنة بكفرهم بقوانين الملكية الفكرية وخصوصية الملأ الكبار الذي يحيكون المؤامرات في الغرف الفنية المغلقة وهنا ينتصب ويكليس ومؤسسه خير مثال، أما حمزة دلاج فإنه أعاد سيرة "الوهابين النهابين" من الصعاليك الذين يستولون على أموال الأغنياء (البنوك الربوية في الحالة المعاصرة) ويقسمونها على المستحقين! كافرا -أي حمزة- بقوانين العصر المعدة لحماية اللصوص الكبار.

 

يدرك حمزة وغيره من القراصنة أنهم عرضة للأخطار وحتى للموت لكنهم لا يبالون ذلك بل يرونه الطريق الوحيد للمجد والشهامة كما كان الصعاليك قديما:

ولن يكسب الصعلوك مجدا ولا غنى***إذا هو لم يركب من الأمر مُعْظَما

 

قد يكون حمزة أجاب والدة أو أختا في إحدى الليالي وهي تستحثه على النوم بعد أن رأت كيف ترهقه جولاته في ميادين الغزوات الألكترونية:

وكيف ينام الليل من جل ماله ... حسام كلون الملح أبيض صارمألم تعلمي أن الصعاليك نومهم ... قليل إذا نام الخلي المسالم

 

(ربما بدَّل في الشطر الثاني من البيت الاول هكذا: جهاز بقَدْر الكف أصقل ناعم)

وقد يكون وصف نتائج إحدى "غزواته الألكترونية" كما وصف الشنفرى نتائج إحدى غاراته:

فأصْبَـحَ عَنّـي بالغُمَيْصَـاءِ جَالسـاً **فَرِيقَـانِ: مَسْـؤُولٌ وَآخَرُ يَسْـألُفَقَالُـوا: لَقَدْ هَـرَّتْ بِلَيْـلٍ كِلَابُنَـا ** فَقُلْنَـا: أذِئْبٌ عَسَّ أمْ عَسَّ فُرْعُـلُفَإِنْ يَـكُ مِنْ جِـنٍّ لأبْـرَحُ طارِقـاً ** وإنْ يَكُ إنْسَـاً ماكَها الإنسُ تَفْعَلُ

 

واليوم وهو يواجه حكم الإعدام قد يقول مع الشنفرى أيضا:

 

فإنْ تَبْتَئِـسْ بالشَّنْفَـرَى أمُّ قَسْطَـلٍ**لَمَا اغْتَبَطَتْ بالشَّنْفَرَى قَبْلُ أطْـوَلُطَرِيـدُ جِنَايَـاتٍ تَيَاسَـرْنَ لَحْمَـهُ*** عَقِيرَتُــهُ لأِيِّـها حُـمَّ أَوَّلُ

تَنَـامُ إذا مَا نَـامَ يَقْظَـى عُيُونُـها **حِثَاثَـاً إلى مَكْرُوهِـهِ تَتَغَلْغَـلُ

 

كان الله في عونه من فتى "محش حرب لو كان معه رجال" كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتى الفهري أبا بصير يوم فتك -وهو في أغلاله- برسول قريش الذي جاء ليعود به إلى زنازين التعذيب وأعلنهابوضوح: أنه إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبطا مع قريش بمعاهدة فرضتها موازين القوة فإن أبا بصير لا تقيده معاهدة كتبت وهو في الأسر 

فلله در الفتى الدلاجي فهو أيضا لا يتقيده القوانين التي سنتها القوى الظالمة لحماية ظلمها الألكتروني (يعني ‫#‏قانون_ممم‬) وإن قيدت الدول المسلمة والأفراد المسلمين في حالة الضعف!

 

يرحم الله كل فتى سلك طريق الصعلكة بعد أن أغلقوا في وجهه "كلا جانبي هرشى" يرحمه الله يرحمه الله:

فذلك إن يلق المنية يلقها***حميدا وإن يستغن يوما فأجدر!