مـزايــدة منكرة!

جمعة, 2016-11-18 08:01
محمد الامين سيدي مولود

يركب البعض موجة غضب الناس من الإساءة إلى أفضل البشر صلى الله عليه وسلم، ويتم تنظيم وقفة للمطالبة بإعدام المسيء، يحضرها مئات من الناس يعبرون عن غضبهم وحق لهم ذلك. ثم يبدأ الانتهازيون التسلقيون الحصاد الذي يريدون.

تبدأ اجراءات جزّ الرؤوس وكيل التهم بالتكفير والتفسيق، تأتي التدوينات الأولى مبكرة تقول: "أحزاب المنتدى ومدونوها لم يحضروا لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم" ـ نعم هذا ما كتبه أحد نشطاء الوقفة أمس ـ وكأن الوقفة كانت باسم الموالاة أو الأغلبية، وكأن سكان نواكشوط المليون لم يغب منهم سوى المعارضين، وكأن جميع من حضر منتسب لحزب الحاكم.

يتم تضييق الدائرة عن ذلك، فيكتب أحد عرّابي بورصة التفسيق والتكفير الجدد واستغلاليي عواطف الناس: الحزب الفلاني لم يحضر منه أي شخص من قياداته ولا من كبار مدونيه ولا من شبابه. لقد ضاقت الدائرة إذن، تم دخول مجال الهدف. إنهم يتناسون الآن أنه توجد في موريتانيا حوالي 100 حزب، وأن حضور الوقفة أمس لم يكن فيها أي قيادي من أي حزب، إذن كل الأحزاب محلّ تهمة وطعن فيما يتعلق بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حسب هؤلاء، لكن حتى في هذا التعميم الظالم لم يكونوا مجردين ولا عادلين!

الآن يبدأ موسم التشهير بالأشخاص بأسمائهم، تتوارد التدوينات، فلان غاب عن نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفلان الآخر يجاهر بمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لا يحضر وقفة لنصرته، وعلان يدعي أنه ضد الإساءة ولا يحضر الوقفة رغم نشاطه في الوقفات فمن يصدقه؟ نعم الآن أصبحت التهمة محددة والمتهمون معروفون 3، أو 5، أو 10 أشخاص، أو فوق ذلك بقليل، من أصل مليون شخص حضر منهم مئات فقط للوقفة. لكن هؤلاء الأشخاص يجب التعريض بهم، يجب اتهامهم في أقدس ما يقدسون، إنها فرصة لا تعوض بثمن. يجب العمل على حرق هؤلاء أكثر من العمل على نصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم.

أهذا الخلق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؟ أليس من الأفضل أن نلتمس للناس أحسن المخارج بدل تفسيقهم أو تكفيرهم؟ هل يعني أن جميع من لم يحضر لوقفة الأمس محل شبهة؟ أم أنه هناك أشخاص معينون محل شبهة فقط، لحسابات سياسية أو فكرية أو شخصية ويجب استغلال الفرصة للزج بهم قبل فوات الأوان؟

إن حسن الخلق وحسن النية وحسن الظن ومحبة الخير للآخرين والصدق والنقاء من صميم رسالة أفضل البشر صلى الله عليه وسلم، فكونوا مبشرين لا منفرين، واجمعوا لا تفرقوا، وقدموا الأسوة الصالحة ليقتدي بكم الآخرون، فهذا مقتضى المحبة الحقة.

نقلا عن صفحة الكاتب