صحيح أن ملك التكرور "وار جابي" اعتنق الإسلام باقتناع حر ذاتي دون قهر أو إكراه و هو في أوج سلطته سنة1030م لتتم الوحدة الاسلامية الأولى بالضفتين بين حركة المرابطين ومملكة التكرور سنة1060 ، و صحيح أن الملك الفقيه خالي أعمر فال أسس جامعة العلوم الاسلامية الأولى سنة1603 في عاصمته "بير" وأن عام1620 شهد بناء أول مكتب تجاري هولندي في جزيرة القويرة مقابل دكار، وفي 1633 باشر الفرنسيون إنشاء شركة امتياز السنغال .
ومنتصف القرن السابع عشر الميلادي(1659)، كانت "اندر توت" تستقبل أول ميناء بمبادرة من الكاردينال الفرنسي الشهير "ريش اليو" لتخضع لسيطرة "كوبانية السنغال" كما عرفتها الوثائق الفرنسية.
وصحيح أن أول من حصل على امتياز"المواطَنة الفرنسية" من سكان مستعمرات ما وراء البحار هم سكان البلديات الأربع (سين لوي/دكار/قوريه/روفيسك) وكلها سنغالية.
وصحيح أن دكار تأسست منتصف القرن19 و كانت عاصمة إفريقية السوداء الفرنسية من الغابون إلى تشاد ،بل إلى فزان.
و الصحيح أكثر :أن هذا الميراث الطويل من التمدْيُن جعل الدولة الحديثة في هذا القطر الشقيق تحافظ على البنية التحتية المادية واللامادية التي ورثت من سيدها المستعمر و تبني عليها ما تيسر بما تيسر تطبيقا للقاعدة : حفظ الموجود أولى من طلب المفقود.
و إنك في الجار السنغالي لواجد وكيل الدرك بملابسه المهيبة و دراجته النظيفة آناء الليل و أطراف النهار على مفارق الطرقات يدقق في أوراق العابرين و يحرر المخالفات ، وإنك لراءٍ العشب الطري يحيط سارية العلم في مدخل الولاية التي يطلى قرميدها الاحمر كل سنة في ذكرى الاستقلال و هي موروثة عن الاستعمار دون تغيير أو تبديل..
أما دار الحاكم في تامشكط المبنية بالمواد الأولية المحلية من طين و خشب فقد تركها الاهمال تتهاوى سنة بعد اخرى لكي يتولى إداري جشع مقاولة بيوت لقيطة الهندسة محل تحفة معمارية قد تكون مزارا أو نموذجاً يحتذى للأجيال القادمة. والأمثلة بالمئات..
من تداعيات منظر موكب الرئيس السنغالي و هو يحط في مطار بلاده قادما من بلادي مستعجلا العودة إلى قصر "روم" ذي المائة سنة و عبير حدائقه الغناء و حرسه الأحمر و خيله المطهمة ، على قلة الإمكانيات و شح الموارد...
نختلف معها في أمور جوهرية و لكن السنغال...دولة